حركة شبابZ تخلف موعدها مع التاريخ: ممارسة ثورية وفكر محافظ

حركة شبابZ تخلف موعدها مع التاريخ: ممارسة ثورية وفكر محافظ

 إسماعيل طاهري

إن ضعف المدخل السياسي الدستوري في مطالب حركة زيد/Z ليس في صالحها..

الديمقراطية هي الحل.، أما تغيير الحكومات في إطار نفس الدستور ونفس السياسات العامة والعمومية فلن يحدث الإصلاح فما بالك بالتغيير..

ما يبقى للأجيال القادمة هو ضرورة التشديد على تحقيق الانتقال الديمقراطي بوصفه المدخل الحقيقي للتنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.

إن تحفظ حركة Z مثلا من اليسار الديمقراطي والديمقراطيين عموما سيجعلها لقمة سائغة في فم قوى المحافظة داخل الدولة وخارجها. فادعاء رفضها للأحزاب وعدم ممارسة السياسة ادعاء معيب ينم عن قصور في الوعي الديمقراطي.

فالمحافظون هم الذين يروجون لتقليعة ” عدم ممارسة السياسة” ولو كانوا وزراء ومثال ذلك ما قال أخنوش نفسه انه لا يمارس السياسة داخل مجلس جماعة مدينة اكادير التي يرأسها، وانما يمارسها مع  Les seigneurs/ اللوردات كما قال لمستشارة معارضة بالجماعة ذاتها. ونفس العملية يقوم بها وزراء سيادة يدعون انهم غير منتمين سياسيا وهم منتمون  وموالون فعليا للحزب السري كتقنوقراطيين.

لذلك نتساءل هل حركة أو حراك أو انتفاضة شباب Z من صميم حركة ديمقراطية؟

إن برودة مطالبها وافتقادها للحس السياسي الديمقراطي سيجعلها تسقط في حلقة إعادة تدوير البنية المؤسسية القائمة.

لنلاحظ أن هذه الحركة الشيابية لم تطالب مثلا بإصلاحات دستورية، كما لم تطالب بانتخابات سابقة لأوانها ولم تطالب بنزاهة الانتخابات ومراجعة القوانين المرتبطة بها.

فممارسة الحركة ثورية ولكن خطابها الفكري والسياسي محافظ بل رجعي.

هذا للأسف ما سقطت فيه حركة  Z  من خلال وثيقتها المطلبية الباردة سياسيا.

عبر ممارسة ميدانية ثورية تريد الحركة سياسيا تجريب المجرب مما ثبت فشله وإعادة سركلة وتدوير البنيات القائمة. وتريد الإصلاح الجزئي والمختزل ومن الداخل بدون بوصلة فكرية اشتراكية أو ليبرالية (ضمنها إسلامية).، وستؤكد الأيام إن كانت هذه الحركة حركة فوضوية عابرة.

يا أيها الناس المشكل ليس ذاتيا ولا يرتبط بالأشخاص او مرتبطا بعقليات بيروقراطية ممزوجة بالتقليد والمخزنة من الممكن مناجاتها للتتغير عقليتها من تلقاء ذاتها أو بإشارة من أعلى أو لله في سبيل عيون الشعب ومصالحه. وهذا ما لم يستوعبه العقل السياسي للحركة بعد.

لقد انساقت للتنديد بالنتائج ونسيت الأسباب.

والأسباب ترتبط بالبنيات التي يقوم عليها النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي- الثقافي المسيطر، وتغيير الأشخاص في إطار نفس المنظومة قد لا يضمن نتائج إصلاحية مهمة، ولو ادعوا الأشخاص التوفر على برنامج إصلاحي، ولكن ذلك في نطاق البنيات والتوازنات القائمة والخطوط الحمراء المحددة بالدستور المكتوب والدستور غير المكتوب. تلك البنيات إياها التي تتمظهر في طريقة سير المؤسسات الدستورية وغير الدستورية وفق السياسة العامة المحددة سلفا منذ الصراع على السلطة في فجر الإستقلال منذ سبعين سنة.

لقد مر النظام السياسي المغربي بفترة صعبة بعد انتشار المظاهرات في معظم المدن الكبرى والمتوسطة ووصلت الشرارة الى المدن المهمشة في جغرافيا المغرب العميق. وبدت الحكومة معزولة ومرتبكة.

وكانت المطالب ترتبط بالصحة والتعليم ومحاربة الفساد، ورغم استمرار المظاهرات لعشرة أيام متوالية لم يرتفع سقف المطالب السياسية عن المطالبة بإقالة حكومة أخنوش وإصلاح الصحة والتعليم ومحاربة الفساد.

لكن الوثيقة المطلبية للحركة خففت الضغط على النظام والحكومة لأنها لم تطالب بإصلاحات دستورية أو سياسية هيكلية، وانما تطالب بتطبيق الدستور الحالي وتفعيل المؤسسات الدستورية النبثقة عنه ومنه. كما أن دفتر مطالب الحركة أحرج المساندين لها من القوى الديمقراطية التي تناضل من أجل استكمال الانتقال الديمقراطي الموؤود منذ2014. وبدا بعد توقف المظاهرات بدا أن الحكومة بدأت تستعيد أنفاسها وعقدت مجلسها الأسبوعي ليوم الخميس وكأن شيئا لم يحدث في الشارع، بل وناقشت المشاريع التنموية المستدامة في أفق 2035.

وهنا طاح الحمام

وانتهى الكلام..

شارك هذا الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!