حكومة لوكورنو ساقطة قبل تأليفها!

سمير سكاف
موجة شغب وتظاهرات جديدة تذكر بحركة السترات الصفراء تجتاح فرنسا في هذا اليوم 10 أيلول/سبتمبر. فقد انطلقت حركة “لنمنع كل شيء!” أو بالفرنسية “Bloquons tous” من مراكز التواصل الاجتماعي لتعطل الحركة في معظم مدن فرنسا. وهي تتركز في باريس في محيط “ساحة الجمهورية” مع مواجهات عنيفة في محيط ساحة “شاتليه“!
المواجهات الأولية مع الشرطة أدت إلى استجواب أكثر من 300 شخص في معظم المناطق!
الوضع الاجتماعي، الوضع المالي، الموازنة، المطالبة برحيل رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون تظهر في أعلى سلم الأولويات المتظاهرين!
وحده حزب “فرنسا الأبية” بزعامة جان لوك ميلينشون سارع بتبني، أو باستيعاب هذه الحملة “المستقلة”! واتهمه حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبين باستغلالها لأغراضه السياسية!
ولم ينفع تعيين الرئيس الفرنسي ماكرون لوزير الدفاع سيباستيان لوكورنو رئيساً للحكومة الخامسة خلال سنتين، لا لتهدئة الشارع ولا لتهدئة العاصفة السياسية التي أسقطت حكومة الرئيس فرنسوا بايرو بعد أن كانت قد أسقطت قبلها حكومة الرئيس ميشال بارنييه!
ففي السياسة، تزداد الأمور تعقيداً! إذ أن المجموعات السياسية المتناقضة كلياً تجمع على رفض ماكرون! وهي تلتقي حول أن أبرز المخارج يكون إما بحل البرلمان أو باستقالة الرئيس ماكرون!
وهو ما يعني، في حال عدم التوصل إلى غالبية جديدة بعد انتخابات تشريعية جديدة إثر حل البرلمان، دفع الأحزاب الرئيسية بالرئيس ماكرون إلى الاستقالة!
حزب “فرنسا الأبية” كان قد قدم خلال جلسة حجب الثقة عن حكومة الرئيس المستقيل فرنسوا بايرو طلباً برلمانياً بعزل الرئيس إيمانويل ماكرون موقعاً من أكثر من 80 نائباً!
المساحة السياسية أمام رئيس الحكومة الجديد لوكورنو محدودة بالحصول على دعم ومشاركة الحزب الاشتراكي ودعم ومشاركة حزب اليمين الجمهوري. ولكن مجموعها لا يعطي الحكومة الأكثرية المطلقة، أي 289 نائباً، من مجموع 577 نائباً يشكلون الجمعية العامة في البرلمان الفرنسي.
القطيعة أو حجب الثقة، الانفصال أو الانكسار (Rupture ou Censure)، بهذه الكلمات عبّر أيضاً جوردان بارديلا الرجل الثاني في حزب التجمع الوطني عن موقف حزبه من الحكومة المقبلة! وهو ما يؤشر إلى تأكيد سقوطها، بالتشارك، عن بعد، مع فرنسا الأبية والآخرين!
الشارع يغلي. والحكومة “المقبلة” ستحترق على نار هادئة! وفرنسا كمركب يجتاز بحاراً هائجة وعواصف من كل صوب!
وستحتاج فرنسا بالتأكيد إلى برامج مساعدات مالية (Bailout Programmes) كتلك التي احتاجتها اليونان من قبل!
وكانت مساعدات اليونان قد ساهمت فيها ترويكا مؤلفة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي بمساهمات وصلت يومها إلى 260 مليار دولار!
أما حاجة فرنسا فهي ستكون أكثر من ذلك بكثير، بسبب عجز ودين عام يقارب 4 تريليون يورو!
“العودة إلى الصناديق” الانتخابية قد تسهم في تهدئة الشارع والسياسة معاً. ولكن إفراغ “جيبة” الفرنسيين وتراجع قدرتهم الشرائية لا يبشران بهدوء مرتقب، لا في الأيام ولا في الأشهر المقبلة!