“سوادٌ يتلاشى، بياضٌ يتكشَّف”.. جديد الناقد عبد الفتاح لحجمري

“سوادٌ يتلاشى، بياضٌ يتكشَّف”.. جديد الناقد عبد الفتاح لحجمري

إصدارات:

           عن منشورات السرديات، صدر بالدار البيضاء كتاب نقدي جديد لعبد الفتاح لحجمري بعنوان “سواد يتلاشى، بياض يتكشف: تأملات في التحول والتجلي”، وفيه يستعرض الكاتب أبحاثا ومواقف تعكس تجارب الحياة كما تبرزها نصوص أدبية وفكرية، متأرجحة بين الحقائق القاسية والآمال الممكنة، في تفاعل مستمر بين الواقع والتخييل، وهو بذلك لا يفرض على قارئه مسارا خطيا ثابتا، بل يمنحه حرية التنقل بين فصوله حسب إيقاعه الخاص واهتماماته المتنوعة. بهذا الخيار، ليس على القارئ أثناء القراءة أن يلتزم بترتيب محدد يفرض عليه الانتقال من فصل إلى آخر، بل بإمكانه أن يبدأ من أي مبحث يراه مناسبًا ويثير اهتمامه، وأن يتوقف عند أي نقطة يشاء، أو أن يعيد قراءة النصوص متى أراد. تتشابك فصول الكتاب بطريقة مَرنة، دون أن تقتصر على تسلسُل صَارم، مما يتيح لكل قارئ أن يبني رحلته الخاصة استنادًا إلى الأسئلة التي يطرحها هذا الكتاب والرؤى التي يكتشفها.

 ومما جاء في تقديم هذا الكتاب الذي يتألف من خمسة فصول (209 صفحة): يتسم عنوان هذا الكتاب “سَوادٌ يتلاشَى، بياضٌ يتكشَّفُ: تأملات في التحوّل والتجلّي” برمزية جليّة تشير إلى أنّ السواد، الذي قد يُفهم عادة على أنه شر أو معاناة، يحمل في طياته إمكانات تتداخل مع البياض، حين يرمز إلى النقاء والأمل. يُحفّزُ هذا التبايُن الفكرَ على التساؤل حول العلاقة الجدلية بين الظلام والنور، وبين الفوضى والصفاء..

إنّ التحوّل في الفكر والأدب هو جوهر إبداعهما، إذ لا يقتصر النص على كونه مجرد انعكاس ثابت للواقع، بل هو حركة مستمرة لا تعرف السكون، تتآزر فيها اللغة والرؤى لإعادة تشكيل المعنى. يتجلى هذا التحوّل في شخصيات تتبدّل مواقفها، وأحداث تخرج عن مساراتها المتوقعة، ومعانٍ تتجدد مع كل قراءة، مما يجعل الفكر والأدب فضاءً نابضًا بالحياة، منفتحًا على آفاق لا نهائية من التأويل والتفاعل والإبداع.

وكما أنّ التحوّل يشكّل جوهر الإبداع في الفكر والأدب، فإنّه يتجلّى في الفن بوصفه استجابة لحساسية متجددة إزاء العالم والكينونة، إذ ينبثق العمل الفني من حاجة ملحّة إلى إعادة صياغة الواقع برؤى تتجاوز حدود المألوف، مرتكزًا على التجلي بوصفه إدراكًا حسيًا ووجدانيًا. وحين ينفذ المتلقي إلى جوهر العمل الفني، لا يظل مجرد متأمل خارجي، بل يصبح جزءًا من حركة التحوّل المتجددة، حيث يعيد تشكيل المعنى وفق رؤيته وتأويله الخاص. وهكذا يغدو الفن فضاءً حيًّا تتلاقى فيه الرؤى والمشاعر، ويتجلى فيه التحوّل قوةً مبدعة تعيد تشكيل الوجود في أبهى صوره.

وبما أنّ التحوّل يشكّل لبنة أساسية في الفكر والأدب والفن، فإنّه يكتسب في السياسة بعدًا أكثر تعقيدًا، إذ يتأرجح بين ضرورات الواقع وأفق التجلي. فالأنظمة والأفكار السياسية كيانات محكومة بحتمية التغيير، سواء أكان ذلك عبر تحوّلات تدريجية تواكب إيقاع الزمن أم عبر قفزات ثورية تعيد رسم المشهد برمّته. غير أنّ التحوّل السياسي لا يبلغ غايته إلا إذا ارتكز على رؤية تتجاوز المصالح الظرفية، مستندة إلى وعي نقدي يفتح أفق التجلي السياسي، أي القدرة على إعادة تخيّل المجتمع وفق مبادئ أكثر عدلًا وإنسانية. وهكذا يغدو هذا التجلي فعلًا سياسيًا واعيًا، لا يقتصر على تغيير موازين السلطة، بل يمتدّ إلى إعادة صياغة العلاقة بين الفرد والمجتمع، جاعلًا من السياسة فضاءً لإبداع الممكن، بدل أن تبقى أسيرة تكرار المألوف والخضوع لمنطق الضرورة.

صدرت للكاتب المؤلفات التالية:

عتبات النصّ: البنية والدلالة، منشورات الرابطة، 1996

تخيل الحكاية، المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، 1998

التخييل وبناء الخطاب في الرواية العربية، منشورات المدارس، 2002

الكحل والمرود، دار الحرف، 2017

ما الحاجة إ الى الرواية؟ مسائل الرواية عندنا، دار الثقافة، 2008

نصوص كالفراشات: يوميات القراءة، مختبر السّرديات، 2011

لماذا ننقد النصوص الأدبية؟ منشورات نادي القلم المغربي، 2017

متخيل المعنى في السّرد ا لأدبي، منشورات دار الأمان، 2018

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!