“كلمة صغيرة” سقطت مثل ضرسٍ نخر
عبد الإله الفشتالي
كان “مالكوم إكس” يقول: “إذا لم تكونوا يقظين، فستنجح وسائل الإعلام في جعلكم تكرهون المظلومين وتحبون من يضلمهم.”
ذات مرة، كان هناك “ثلاثي” أراد التحرك ببراعة، فاكتفى بعزف إيقاع متقطع. لم يكن الاختبار سهلاً، والمعنيون بالأمر لم يكونوا أطفالاً يمكن خداعهم واقتيادهم كالقوارب الورقية. لم يكن الصراع يدور في الخفاء “تحت المعاطف”، بل انهمرت الانتقادات بغزارة من كل حدب وصوب.
عندها بدأت الأمواج تتلاطم وتتصاعد، وارتفع الإيقاع تدريجيًا، فهرع الرقباء “الأخلاقيون” المرتبكون لإنزال الستار. حينها أطلقوا نداء استغاثة التُقط في الحين، لكن لسوء حظهم، فإن المنطاد المتجه نحو الرباط فرغ هواؤه سريعًا، وللأسف، لا يوجد حتى يومنا هذا صدى حقيقي رغم أن “ستار السرية” قد سقط في الماء.
لو أنهم توقعوا الضربة، لكانوا تحصنوا داخل قلعة، بعيدًا عن الكاميرات وآلات التصوير والفيديوهات. لم تكن المهمة سهلة كما تصوروا، ولم تكن “الكلمة الصغيرة” le petit mot لتمر كهدية عابرة. وهكذا، خلت لوحة صيدهم من الطرائد، وارتجفت فرائص هؤلاء “المداولين العابثين” لأنهم خسروا الجائزة الكبرى سلفًا. ومع ذلك، فقد ظنوا أنهم انطلقوا بقوة وثقة، متكلين على المنطق المتغطرس للشبكات والنفوذ، لكنها كانت، هذه المرة، نهاية الحكاية وخيبة الأمل المرّة.
كان يا ما كان.. لا! بل تكررت لمرات عديدة “كلمات صغيرة” نفثتها أو همست بها “روبوتات” مغرورة، أخفقت في تمثيل السيناريوهات المرسومة رغم برمجتها. راحوا يصرخون بتناشز عن “الضربة القاضية”، وينعقون مثل الغربان. كانت الإهانات تسيل منهم، بينما كانوا يرتشفون العقوبات المخطط لها وكأنها قهوة كابتشينو.
أما ذلك “المثقف” المنفصل عن الواقع، المتعجرف والمتعالي، الذي نزلت عليه الحكمة فجأة، فقد أقسم بوقاحة أنه سيجعل من المحامين “مماسح للأرض”. تخيلوا المشهد! يجب أن يكون المرء أحمق ليتفوه بمثل هذا الكلام. في هذه الموقعة “التداولية”، تساوى الرفاق الثلاثة في مستواهم، ولذلك فإن الملايين الذين شاهدوا الفيديو لن يجدوا فرقاً بينهم.
في الواقع، أصبحت المبادئ الأخلاقية لفترة من الزمن مجرد بضاعة للبلهاء. وبعد أن فضحوا أنفسهم، فروا هاربين وسط فوضى تصريحاتهم غير الموفقة، وانتهوا متقوقعين داخل أصدافهم مثل الحلزون. إيقاعٌ نُفذ بسرعة وخفة.
أما الصحفي “المهداوي” الذي انجلت بفضله حقيقة الوقائع واستعاد من خلاله معنى الكلمات جوهره، فهو يستحق منا كل التقدير. إن الدفاع عنه هو دفاع عن أنفسنا.
هذا النص ليس منشورًا تحريضيًا، بل هو مجرد “ترنيمات” لإبقاء تلك الجملة التي لا تُنسى: “قولوا له كلمة صغيرة” un petit mot يقظة في الأذهان، إلى أن تأخذ العدالة مجراها وتقول كلمتها الفصل.
الدار البيضاء، 10 ديسمبر 2025
