لا إصلاح ولا تعاون دولي مع لبنان!

أحمد مطر
لم يعد خافيا ان طلب نزع سلاح الحزب، يواجه المسؤولين اللبنانيين لدى البحث مع صندوق النقد الدولي في الحلول المطلوبة للازمة المالية التي يواجهها لبنان منذ العام 2019 ، وكلهم يشترطون قيام الدولة بتنفيذ قراراها بهذا الملف بالسرعة الممكنة، ويربطون تقديم التسهيلات والمساعدات المالية المطلوبة بانجاز هذه العملية بشفافية ووضوح، وبعيدا عن الضبابية التي غلفت الاجراءات المتخذة لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة وحدها.
ويطال شرط نزع سلاح حزب الله أيضا، أي مقاربة لملف إعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء حرب الاسناد، التي شنّها الحزب ضد اسرائيل على طول الحدود الجنوبية المواجه، إن لجهة انهاء الحظر الاسرائيلي المفروض على اي محاولة لاعادة الاعمار، او لتأمين الموارد المالية والمساعدات المطلوبة من الدول العربية الشقيقة او الصديقة، وكذلك من الصناديق العربية والدولية، وكلها تشترط على الدولة اللبنانية انهاء ملف نزع سلاح الحزب قبل الحصول على المساعدات المالية اللازمة لإعادة الإعمار.
وهكذا يبدو أن مفتاح حل المشاكل الاساسية بعد اندلاع حرب غزة وتداعياتها على لبنان عموما، كما انطلاقة مسيرة الدولة ككل، بات مرتبطاً باستكمال نزع سلاح الحزب حتى نهايته، والكرة اصبحت في ملعب الدولة لتستكمل بسرعة تنفيذ قرار الحكومة بهذا الخصوص.
وفي هذا السياق استمر الصدى الإيجابي لموقف رئيس الجمهورية في ما يتعلق بموضوع التفاوض، في هذا السياق أن مواقف رئيس الجمهورية الأخيرة قوبلت بارتياح دبلوماسي غربي واسع خصوصًا في أوساط الأوروبيين والأميركيين، فالرئيس رسم خريطة طريق للمرحلة المقبلة وأكد أن لا تراجع عن حصر السلاح وتحرير الأرض وحل المشاكل الخلافية مع إسرائيل بالتفاوض غير المباشر. وتشير المعلومات إلى أن غياب أورتاغوس عن اجتماع الميكانيزم اليوم لا يعني عدم حضور أميركي، فرئيس اللجنة هو أميركي وعلى تنسيق دائم مع أورتاغوس وبالتالي فإن واشنطن تتابع أدق التفاصيل، والدولة اللبنانية تقوم بواجباتها من أجل استعادة سيادتها على كامل الأراضي إذ لا عودة إلى الوراء في هذا الملف.
بدا غياب لبنان عن المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ نافرًا باعتباره دولة معنية ،وعلى تماس مباشر بملف اعادة الاعمار وتطوير القطاع في بعد استتباب السلام مع اسرائيل وطرح سلسلة تساؤلات عن مبرر عدم دعوته لحضور هكذا مناسبة عربية واسلامية ودولية مهمة، وبمشاركة الرئيس الاميريكي دونالد ترامب شخصيا، بينما تمت دعوة دول اخرى، بعيدة كل البُعد جغرافيا، وليست مشاركة بالصراع الدائر بالمنطقة، لا من قريب ولا من بعيد.
تبريرات جانبية من هنا وهناك، بعضها يعتبر أن لبنان لم يستبعد وحده من الدعوة للمشاركة.
وبينما لم يصدر اي توضيح رسمي عن سبب عدم دعوة لبنان، من قبل جمهورية مصر العربية المنظمة للمؤتمر لوضع حدٍ للتساؤلات والاستفسارات بشكل قاطع، ترددت معلومات في بيروت، ان سبب استبعاد لبنان مرده، الى تجنب احراج اي مسؤول لبناني يشارك بالمؤتمر، امام رؤساء الدول والوفود المشاركة، عن سبب تباطؤ الدولة اللبنانية في استكمال تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، وما اذا كان ذلك يعد تراجعا عن التزامات الحكومة في بيانها الوزاري، وانصياعا لرفض حزب الله تسليم سلاحه للدولة بتحريض من ايران.
ومع أن أي مسؤول لبناني لم يتبلغ أي معلومات قاطعة عن أسباب عدم دعوة لبنان، لحضور مؤتمر شرم الشيخ للسلام، وإن كان هذا الاستبعاد احدث استياءً ضمنياً لدى المسؤولين لم يكشف عنه. في هذا السياق فقد حدث تطور لافت تمثل اولاً في كلام ترامب امام الكنيست عن سعي الرئيس عون لتطبيق قرار حصر السلاح، يضاف اليه كلام الرئيس عون عن اللحاق بركب التسوية الكبرى في المنطقة والتي تستدعي من لبنان الدخول في حوار سياسي مع اسرائيل، لحل كل القضايا العالقة واولها وقف العمليات الاسرائيلية تمهيداً لاعادة اعمار القرى المهدمة، وترسيم الحدود البرية بين البلدين.
من المتوقع ان يبدأ استثمار كلام ترامب والرئيس عون خلال الاسابيع القليلة المقبلة وبعد وصول السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى والذي من المنتظر ان يستكمل مهمة السفير طوم براك ومورغن اورتاغوس . ختامًا معظم الاطراف السياسيين يؤيدون رئيس الجمهورية والحكومة باتخاذ قرار التفاوض مع اسرائيل لانهاء الوضع المتردي جنوبا، واخراج لبنان من دوامة عدم الاستقرار، لاسيما وأن الدولة تستند الى سابقة التفاوض التي جرت حول ترسيم الحدود البحرية في العام 2022 ، في حين ان موقف حزب الله من اجراء المفاوضات، يتعلق بموضوع سلاحه الذي مايزال يرفض تسليمه للدولة، تحت حجج وذرائع ملتوية، بينما يعتبر غياب ايران عن المشاركة بمؤتمر السلام في شرم الشيخ مؤشراً، لرفض الحزب الموافقة على انخراط لبنان بمفاوضات مع اسرائيل، بإيعاز منها، لانها احجمت بنفسها عن المشاركة ووضعت نفسها خارج مسار السلام المنشود بالمنطقة، ويخشى ان تدفع بالحزب ليكون ضد مسار المفاوضات المقترحة ويعارض نتائجها، لانها تنزع منه اهم ورقة لإبقاء لبنان ساحة مفتوحة لايران ونفوذها ومصالحها مع الغرب.