لا احتفالية مسرحية مع موت الكاتب المسرحي

لا احتفالية مسرحية مع موت الكاتب المسرحي

د. عبد الكريم برشيد

فاتحة الكلام

   يقول الاحتفالي (قل لي ما هو نصك المسرحي، ومن هو كاتب نصك المسىرحي أيها المخرج المسرحي، حتى أقول لك ما هو مسرحك).

     ويقول نفس هذا الاحتفالي أيضا (وتأكد بأنه كما يكون اختيارك لنصك أيها المخرج، سيكون مسرحك).

نعم، ( فإن كنت كبيرا سيظهر ذلك في النصوص الكبيرة التي تختارها وتختارك، وإن كنت صغيرا فسيظهر ذلك في اختيار اتك أيضا).

ما وجود مسرحية بلا نص مسرحي، في تجربة أي مخرج مسرحي، فذلك ليس له إلا معنى واحد أوحد، وهو أننا أمام (مخرج) مسرحي بلا مسرح، يبحث في الفراغ عن الفراغ، وينطلق من اللا نص ليصل إلى اللامسرح).

وفي كتاب (رسائل إلى المخرج المسرحي يوسف الريحاني)، منشورات باب الحكمة بتطوان، وجوابا عن سؤال، ماذا يعني أن يكتب الكاتب نصه المسرحي، يقول الاحتفالي صاحب هذه الرسائل في الجواب ما يلي:

(يعني أن يكون له وجود، وأن يكون لهذا الوجود بصمته الخاصة، وأن تكون له إضافته المعرفية والجمالية، وأن تكون له طاقته وديناميته، وأن يكون له وعي بهذا الوجود، وأن يكون الكاتب واعيا بهذا الوجود الإضافي، وأن يكون شاهدا على الواقع والوقائع، وأن يكون ذاتا واحدة تختزل كل الذوات الموزعة في الكون، وأن تكون رؤيته للعالم في حجم هذا العالم، وأن تكون بكل الوان الوجود، وأن لا تكون مختزلة في لونين اثنين لا ثالث لهما، أي اللون الأبيض واللون الأسود، ولا شيء غيرهما).

والمخرج الحق، في المسرح الحق، هو أساسا مبدع يعيد فعل الخلق، ويستعيد زمن الخلق، انطلاقا من نص كتبه، كتابة أولية واساسية، كاتب مسرحي على الورق، وحتى تكتمل هذه الكتابة، وحتى تكتسب كل أبعادها المادية والرمزية، فهي تحتاج إلى مخرج مسرحي حي، يقرأها قراءة حية، ويحتاج إلى جمهور يقرأها أيضا، وذلك من خلال عين المخرج ومن خلال جسد الممثل ومن خلال رسومات السينوغراف ومن خلال تقنيات التقني ومن خلال عزف الموسيقى وغناء المغني ..

                         المسرح كتابات متحدة ومتعددة

ومن أغرب الغرائب أن يكون هذا المسرح احتفالا، وأن يكون احتفاء بنبوغ الإنسان وبعبقرية الإنسان وبمسار الإنسان وبمسار كل الإنسانية، من بداية التاريخ إلى ما لا نهاية، وأن نجد من يحتفي بالأشياء المادية وحدها في المسرح، ونجد من يحتفي بشكلها وبلونها وبموضعها في الفضاء وفي الفراغ المسرحي، وبذلك يعطي كل الأهمية للسينوغرافيا، وذلك على حساب المؤلف الإنسان وعلى حساب المخرج الإنسان وعلى حساب الممثل الإنسان، والأصل في هذا المسرح هو أنه ـ في المقام الأول ـ كاتب يقول لنا، من خلال النص شيئا،  وهو مخرج يقول لنا، من خلال إخراجه، شيئا، وهو ممثل وممثلة يقولا لنا، من خلال أدائهما المسرحي، شيئا.

وهذه الملاحظة، حتى لا أقول شيئا آخر، لا تشمل كبار السينوغرافيين المغاربة والعرب، وفي مقدمتهم جميعا الفنانة المثقفة شادية زيتون دوغان، والتي أحيي صدقها ومصداقيتها، وأحيي جهودها بالمناسبة، كما أحيي كل الفنانين الذين يهيئون للاحتفال المسرحي حياته وحيوته، ويعطونه جمالياته الأساسية.

وعندما نقول بأنه في البدء كانت الكلمة، وبأنه في منطلق كل العلوم والفنون كان المتكلم الإنسان، فليس معنى ذلك أن التعبير بغير الكلمة ليس له أي دور حقيقي في تاريخ الآداب والعلوم والفنون، 

ولقد اقتضت حياة المسرح، أن يكون الشاعر المسرحي هو أول من يظهر على المسرح،  وهو في كلامه وفي كتاباته يحكي للناس حكاية، وذلك في زمان ما، وفي مكان ما، وهو من يقترح علينا شخصيات، وهو ينطق هذه الشخصيات بحوارات، وهو الذي يحدد أعمار كل هذه الشخصيات، وهو من يحدد طبيعة العلاقة بينها، وهو من يرسم نفسيات وذهنبات هذه الشخصيات، وهو من يضعها في مواقف، وهو من يحدد لهذه الشخصيات حدود فعلها، وحدود انفعالها، وحدود تفاعلها، وبعد ذلك، يأتي من يعتبر ان الأشياء التي تحيط به يمكن أن تكون أهم وأخطر منه، وأن قطعة قماش أو قطعة خشب يمكن ان تكون لها قيمة في غياب كاتب وكتابة صادقة وناطقة، وفي غياب ممثل إنسان، مبدع وممتع، وكل الأشياء التي على المسرح لا يمكن أن تكسب حياتها إلا من خلال تفاعل الفنان الممثل معها، فالعصا مثلا، في يمكنه يمكن أن تكون حصانا، كما يمكن أن تصبح سيفا أو رمحا، وقد يخاطبها هذا الممثل على أنها شخص امرأة.. 

ومن المؤكد، فإن أي مخرج مسرحي، لا يمكن أن ينطلق من فراغ، ولكنه ينطلق أساسا من اقتراحات الكاتب الأساسية والأولية، وهي التي تحدد لهذا الاحتفال مكانه وزمانه، وتحدد له مناخه وطقسه، وتحدد له ايقاعه المسرحي، وأية مسرحية حقيقية، والتي هي حكي شعري وسحري في طريق الحكي الإنساني، لا يمكن إطلاقا أن تنطلق في الطريق بدون ورقة الطريق، وبدون بوصلة، وبدون دستور مكتوب، وبدون قانون داخلي، وبدون أن يكون لهذا الحكي أية مرجعية فكرية وجمالبة، وهذا هو دور الكاتب المسرحي عبر التاريخ

ومن بعد هذا الكاتب، المصور والحكواتي، يأتي شخص المخرج، والذي هو القارئ الأول للمسرحية، وهو الكاتب الثاني لها،  وهو الذي يقرأ النص قراءة ركحية، وهو الذي يخرج بها من الفضاء الورقي إلى المجال المسرحي الحيوي، وينتقل بها من درجة المكتوب والمحكي إلى درجة المعيش المجسد والمشخص، ويأتي السينوغراف الذي يضيف كتابته الأخرى، والتي هي الكتابة بالأشياء، وهي الكتابة بالأشكال والأحجام، وهي الكتابة بالأضواء والظلال.

وبعد هذه الأولويات والأساسيات في الخلق المسرحي، وفي الحياة المسرحية، يأتي في النقد المسرحي العربي من يحدثك عن شيء يسمى موت الكاتب وموت الكتابة، وأية كتابة هي التي يمكن أن تموت، وأن يبقى المسرح حيا، وأن يبقى الإنسان حيا، وأن يبقى العالم حيا، وأن يبقى الفكر حيا، وأن يبقى التاريخ حيا؟

إن الذين اقتنعوا بإشاعة موت الكاتب هم الذين لم يكتبوا، وهم الذين لم يكن بمقدورهم أن يكتبوا، وهم الذين ساهموا في موت هذا المسرح، والذي هو اليوم، وفي كثير من نماذجه، مسرح بلا روح وبلا حياة وبلا وجدان وبلا صوت وبلا صدى وبلا رسالة وبلا فكر وبلا ظلال وبلا مذاق..

                     الرهان على البقاء والرهان على الفناء

يقول الاحتفالي مع الصوفي شمس الدين التبريزي:  (تعلق الفاني بالفاني يفنيه وتعلق الفاني بالباقي يبقيه).

والباقي في المسرح هو النص، ويمكن أن يمضي كل شيء في المسرحية ويبقى النص، أما الفاني فيها فهو كل تلك الصور والمشاهد والأضواء والظلال التي تشاهدها في حينها ثم تتلاشى، تذهب هي ويبقى النص، وينتهي الاحتفال المسرحي ويبقى النص، ويعود الممثل إلى بيته ويبقى النص، ويصبح الاحتفال مجرد رسم منقوش في الذاكرة، أما النص فهو كتابة عابرة للتاريخ وعابرة للزمان وعابرة للثقافات وعابرة للغات، وعندما نتحدث اليوم، أو غدا، عن المسرح اليوناني مثلا، فإنه بالتاكيد لن نتذكر إلا شعراء هذا المسرح، ابتداء من اسخيلوس وسوفوكليس ويوربيديس وأرسطوفان، لقد تدفقت تلك المياه القديمة في نهر المسرح اليوناني القديم، ثم مضت إلى حيث إلا احد يدري، وكانها ما كانت في يوم من الأيام، ولا هي عبرت وفعلت وتفاعلت، لقد مضت المشاهد مع المشاهدين. ولكن هذا النهر المسرحي اليوناني مازال محافظا على خط سيره ومساره، وكل ذلك لأن هذا المسرح موجود في كتابة مسرحية خالدة .. كتابة جديدة ومتجددة وحية بشكل دائم.

وعليه، فإن من يراهن اليوم، في المسرح المغربي والعربي، على الصور وحدها، فإنه لن يتبقى له غدا إلا الصور وحدها، أما روح المسرح، وجوهر المسرح، ومستقبل المسرح،  فإنه لا يمكن أن يتحقق بدون وجود نص مسرحي خالد، وعليه، يحق لنا أن نقول بأن كل هذا التجريب الشكلاني هو مجرد لعب صبياني، وذلك لأنه لا مستقبل للمسرح المغربي والعربي إلا بالنص وفي النص ومع وجود مبدع هذا النص.

والمسرحية الاحتفالية، في تاريخ الكتابة المسرحية، هي شيء أكبر وأخطر من أن تكون مجرد أحداث تقع، ومجرد مشاهد تشاهد، ومجرد كلمات في حوارات تسمع، وهي أساسا مناخ وطقس، وهي زمن وإيقاع، وهي ذوق ومذاق، وهي المكان وعطر المكان الاحتفالي، وهي عطر اللحظة الاحتفالية أيضا، وهي ظلال الأرواح الحية بكل تأكيد.

وفي نفس سابق من هذه الكتابة، يقول الكاتب الاحتفالي (هو المسرح احتفال إذن، هكذا هو في البدء و الختام، وفي الذهاب والأياب، وفي الحضور والغياب، لأن الاحتفال حياة والحياة احتفال، وأجمل وأصدق كل المحتفلين هم الذين يعرفون أنهم يحتفلون، في مسرح الوجود وفي المسرح المسرحي معا، وأنه خارج فضاء الاحتفال لا وجود إلا للعدم، ومن هذه الدرجة الأولية والأساسية ينبغي أن نعيش التجربة المسرحية، مغربيا عربيا وكونبا، وذلك قبل أن ننتقل إلى الدرجة التالية، والتي هي درجة التجريب العلمي والفكري والجمالي .. التجريب الفاهم والعالم بكل تأكيد).

والاحتفال المسرحي هو مأدبة فكرية وجمالية ووجدانية وروحية، مأدبة فيها إمتاع وفيها إقناع وفيها إشباع نفسي وذهني وروحي.

والمعروف عن الاحتفالية هو أنها ضد العرض والاستعراض، وأنها ضد التفرج والمشاهدة، وهي في المقابل مع المعايشة الوجدانية والفكرية، أي أن نعيش الاحتفال المسرحي من داخله، بدل أن نتفرج عليه، حتى يمكن أن نقول نحن الاحتفال والاحتفال نحن، ونحن الفرجة ونحن صناعها، ونحن من يعرضها ومن يتفرج عليها.

هو احتفال حي إذن، احتفال بختبئ بداخله كاتبه، احتفال يخرج الصوت من الصمت، ويخرج الامتلاء من الفراغ، ويخرج المناخ الاحتفالي من المكتوب تلمسرحي، وهو يفجر الحركة في السكون، احتفال تجد نفسك فيه وليس خارجه.

                        عين الكاتب وسعت كل شيء

والنص في المسرح هي العين التي ترى ما في النفوس، وترى ما في العقول، وترى ما في الخيال من صور ومن مشاهد قد تكون قريبة أو بعيدة، وتكون بسيطة أو مركبة.

وبهذه العين المسرحية، والتي هي بالتأكيد عين ثالثة إضافية،  يمكن للمخرج المسرحي أن يرى نفسه، وأن يرى الأخرين، وأن يرى الواقع وما وراء الواقع، وأن يرى التاريخ والأسطورة، وبهذا يمكن أن نتساءل،  بآية عين يرى المسرحيون المغاربة والعرب العالم اليوم؟

وفي (البيان الثاني لجماعة المسرح الاحتفالي) نجد هذا البيان (يعطينا) نماذج متعددة ومتنوعة الذين يمارسون فعل النظر.   فهناك من ينظر إلى ما حوله وما بداخله، وذلك بعين واحدة“، وهناك من يكتفي بأن يطل على العالم الخارجي من ثقب المفتاح فقط“، و” هناك من يستعير عيون الآخرين ليرى بها“.

وهؤلاء هم الذين قال عنهم الاحتفالي في كتابه (فلسفة التعييد الاحتفالي في اليومي وفي ما وراء اليومي) بأن ما (يستهويهم (هي) “السلعة” الفكرية والجمالية الجاهزة، والذين يشتغلون  بالتهريب الثقافي والفني، والذين يتبعون ولا يبدعون، والذين يرددون القول ولا يقولون، ويصر الاحتفاليون على أن يروا باعينهم، وأن يحسوا الأشياء بإحساسهم، وأن يدركوها بعقولهم، وهم يؤكدون على البديهية الأساسية التالية، وهي أن اقتباس عيون الآخرين واستعارتها ـ في الفكر والإبداع وفي الحكم والحكمة ــ غير جائز شرعا).

ومن أغرب الغرائب أن تجد مخرجا مسرحيا ينادي باستبعاد شخص الكاتب من عملية الإبداع المسرحي، ولكنه ـ ومن حيث يدري أو لا يدري ـ يورط نفسه في فعل يشبه الكتابة، وما هو بكتابة، وبذلك نجد أنفسنا أمام نصف مخرج وأمام نصف كاتب أو شبه كاتب،

وبخصوص السؤال كيف يرى هذا المخرج العالم، وباية عين، يقول (البيان الثاني لجماعة المسرح الاحتفالي): “كما أن هناك من يبني رؤيته للعالم انطلاقا من “مبدأ” المنفعة وحدها، أي أن الشيء الذي لا ينفعه ولا يضره لا يراه“.

كما أن هناك العين التي لا ترى إلا نفسها، لتكون هي الناظر والمنظور إليه، والمدرك، بكسر الراء، والمدرك بفتحها، الشيء الذي يؤدي في النهاية إلى عملية الإسقاط“.

كما أن هناك العين التي لا ترى إلا السطح فقط، فهي تقف عند الحدود الخارجية للاشياء، تقف عند الطول والعرض والشكل واللون والحجم، أما ما وراء ذلك، فلا تراه ولا تحسه“.

                            المسرح حياة والحياة مسرح

 هو مسرح واحد، في هذا العالم الواحد، يجمعنا ويفرقنا في نفس الوقت، نبحث نحن فيه عن الحياة وعن الحيوية وعن الأحياء، ويبحثون هم فيه عن الموت وعن الموتى، مسرح نسميه نحن المسرح الاحتفالي، لأنه يحتفي بالجمال وبالجمالية وبالقيم الإنسانية الجميلة، وهو عندهم مجرد عدوانية، يمثلها قتل الشعراء وقتل الكتاب الخالدين، وذلك بحجة انهم شاخوا، أو أنهم ماتوا، وهل هذا صحيح؟

ومن نقرأ أعمالهم المسرحية لحد هذا اليوم، ومن نعيش احتفالياتهم المسرحية، وعلى امتداد قرون متعددة، هل يصح أن يكونوا موتى، وهم يحيون معنا، ويقتسمون معنا همومنا اليومية؟ 

وفي نفس هذا المسرح نبحث نحن عن الإنسان وعن الإنسانية، مسرح نبحث فيه نحن عن الجمال وعن الكمال وعن الجلال وعن النظام، ويبحثون هم عن القبح وعن الفوضى، وكل ذلك باسم التجريب، وباسم المسرح التجريبي، والذي لا تجريب فيه.

ونحن اليوم أمام مثل هذا العقوق، أو هذا العمى، أو هذا الحول العقلي، نقول مع مولانا جلال الدين الرومي:

واعلم أن كل نفس ذائقة الموت

لكن ليس كل نفس ذائقة الحياة

نعم، هو الموت سهل ورخيص، وقد يكون بلا ثمن في كثير من الأحيان، ولكن الصعب هو الحياة الحقيقية، والتي لا يدركها إلا الصادقون من اهل العلم والحكمة، والذين أدركوا في العلم والفكر والفن درجة الخلود، والذين أصبحت صورهم وأعمالهم وأفكارهم حاضرة وجديدة ومتجددة في كل زمان ومكان، وهل يصح أن نعاقب شيوخنا الكبار في المسرح، فقط لأنهم كبار، في العمر وفي التجربة وفي العطاء؟

إن الذين يمارسون (الإبداع) بالقتل، لا يمكن أن يبدعوا إلا الشعارات الكاذبة، والذين يتوهمون، ويصدقون أوهامهم، لا يمكن أن يكون لهم موقع ولا وقع في التاريخ ..

هم يقتلون المسرح الكائن والموجود، وذلك بحثا عن مسرح شبحي ليس له وجود، إلا في النفوس المريضة وفي الرهانات الخاسرة.

وسيبقى هذا الذي نسميه “مسرحنا” غائبا، مادام أن الحاضر فيه هو الغياب وحده، أي غياب النص المسرحي، وغياب الفكر المسرحي، وغياب العلم المسرحي، وغياب الفقه المسرحي، وغياب المنهج المسرحي؛ في الكتابة وفي الإخراج وفي الأداء وفي تاثيث الفضاء  وفي التلاقي المسرحي..

شارك هذا الموضوع

د. عبد الكريم برشيد

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!