لماذا رفع آل الزفزافي العلم الأسود؟

لماذا رفع آل الزفزافي العلم الأسود؟

اسماعيل طاهري

            للوهلة الأولى اعتقدت أن العلمين المعلقين بسطح منزل الزفزافي بمدينة الحسيمة علمين أحمرين، وصرت أبحث بعيني القصيرتي النظر عن أثر لنجمة خماسية خضراء، ولكني لم أجدها، قبل أن أتنبه إلى اللون الأسود. فمنذ الصغر يصير لي خلط بين اللونين الأحمر والأسود، فأكاد لا أرى اللون الأحمر في سبورة المدرسة عندما تكون السماء غائمة.

ما أعرف أن العلم الأبيض يرمز إلى الاستسلام لعدو مفترض خلال حرب طاحنة. كما يرمز كذلك إلى السلام في الفنادق والفضاءات السياحية، كما أن حمامة السلام كرمز عالمي هي بيضاء بالضرورة.

فيما يرمز العلم الأحمر إلى إعلان الحرب وإشهار النفير في بعض الثقافات، كما فعلت إيران عندما رفعت العلم الأحمر في حسينيات مدينة قم، بعد تعرضها لضربات عسكرية من طرف إسرائيل.

والسؤال الذي يهمني، هنا والآن، هو: ما هي الرموز والدلالات التي يحملها العلم الأسود فوق سطح بيت آل الزفزافي في قلب مدينة الحسيمة؟

المرجح أن يدل العلم الأسود على الحداد على وفاة صاحب البيت عيزي أحمد الزفزافي، وهذا يحدث في بعض البوادي المغربية، خصوصا بمنطقة تازة.

أسجل أن خطاب ناصر الزفزافي فوق سطح منزل العائلة حمل رسالة واضحة إلى دفاعه عن الوطن، الذي قال عنه إنه لا يعني الريف وحده، بل يعني المغرب ككل، بصحرائه وشماله وشرقه وغربه، وهذه رسالة إلى من رموا حراك الريف بشبهة الانفصال. ولماذا لم يعلق علما مغربيا أحمر تتوسطه نجمته الخماسية الخضراء. فالمشكلة مع العلم الوطني ليست في رفعه، فالمواطن أو الموظف الذي يرفعه مهما كانت نواياه لا يطرح مشكلة، الذي يطرح مشكلة هو عدم رفعه، أو الاعتداء عليه، أو رفع بديل عنه في مناسبة يتم حديث فيها عن التشبث بالوطن ووحدته، كما حدث مع ناصر الزفزافي مثلا.

اليوم نحتاج إلى خدمات الباحثين  السيميائيين لفك رموز المعنى وانحياز الدلالات ألى التأويل السليم لرفع العلم الأسود. وهنا أفكر في الدكتور سعيد بنكراد، المتقاعد من جامعة الرباط، وتلميذه الدكتور عبد الله بريمي، العامل بجامعة الراشيدية.

وهذا لا يمنعنا من طرح بعض الأسئلة السريعة حول الموضوع المثير للجدل. فعندما تلتبس الأمور يصبح السؤال ملاذ الباحث، وهو ملاذ المحقق الأمني والباحث والفيلسوف والصحفي.. فما يهمنا هو طرح السؤال بعيدا عن أية خلفيات وبدون تشنج أو سب أو قذف، أو كيل اتهامات.. التي وصلني بعضها عقب تدوينتي في الفيسبوك، وهي النواة الصلبة لفكرة هذا المقال وسبب كتابته.

***

الدكتور حسن أوريد ربط العلم الأسود بأنه علم آل البيت، كما أنه يرفع إيذانا بنهاية بعض المسابقات الرياضية.

وبالعودة إلى موسوعة ويكيبيديا، نجد أن “معنى العلم الأسود يختلف باختلاف السياق، فقد يرمز إلى مقاومة الاستبداد والأنظمة القمعية، كما هو الحال في العلم الأناركي، أو قد يشير  إلى الاستعمار والفترات السابقة في التاريخ كما في علم مصر، ويدل في سياقات عسكرية على عدم ترك أي ناجٍ من العدو. كما أن اللون الأسود له أهمية في بعض الأعلام الإسلامية التاريخية كراية العقاب للرسول محمد“.

ويتضح أن بعض الدول والكيانات تجتهد لغرض تأويل نهائي محدد لألوان راياتها وأعلامها لغرض في نفس يعقوب، وهذا من حقها طبعا. رغم أن هذا التأويل يجب أن يكون ديناميكيا ونسبيا ومتحولا كما تعلمنا أدبيات الدراسات السيميائية.

لن نتسرع في تحديد القصد من رفع العلم الأسود في يوم مشهود بالحسيمة، لكن رواية كونه عادة محلية في الريف ترفع حدادا على المتوفين لا تصمد كثيرا. وقد سبق للزفزافي الأب (رحمه الله) أن رفع العلم الأسود فوق سطح منزله في الحسيمة في مناسبة رسمية لم يتم إعلان العفو الملكي عن ناصر الزفزافي.

شارك هذا الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!