لم يمت الجندي “المصفوع” في اليونيفيل!

سمير سكاف
ولم تقتل صفعة الشاب من جمهور حزب الله جندي اليونيفيل هذا! وهي لا يمكن مقارنتها بالتأكيد، لا بالاعتداءات الإسرائيلية على أطفال غزة وقتلها لأكثر من 20.000 طفلاً، ولا بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة القاتلة والمدمرة على الجنوب اللبناني وعلى الضاحية الجنوبية!
ومع ذلك، فهذه الصفعة لا يمكن تبريرها. وهي تخطي غير أخلاقي من شخص ضد شخص أولاً، والأسوأ هو أنها تعدٍ على من يمثل هذا الجندي!
كان يمكن اعتبار الحادثة “بسيطة” ومؤشر عن تصرف مسيء أو “قلة احترام”، يمكن الاعتذار عنه من الجندي ومن قوات اليونيفيل. خاصة وأن هذه القوات، هي قوات حفظ سلام في لبنان بمعزل عن فشلها في مهامها حتى الآن. ولكنها بالتأكيد لا تُعتبر قوات معادية من أي طرف من اللبنانيين، بمن فيهم من حزب الله!
والغريب هو موقف حزب الله غير المعلن بعد. والذي ييدو مؤيداً لهذا التصرف ولهذه الصفعة، إن لم يكن مخططاً لها!
إن تكرار مسلسل الاعتراضات ومواجهة “الأهالي” ضد اليونيفيل في أماكن مختلفة من القرى الحدودية يؤشر إلى أنها ليست تحركات عفوية، بل هي تحركات منظمة ومدروسة!
والخطير في هذه الصفعة هو أنها مؤشر لعملية “تهشيل” اليونيفيل من الجنوب. وهو ما قد يجعل كل الجنوب اللبناني جبهة كبيرة، وخطوط تماس ومواجهة نارية مستمرة مع العدو الإسرائيلي!
لم يمنع وجود اليونيفيل حروب إسرائيل على لبنان، ولا حرب الإسناد على غزة. ولكنه شكل جدار فصل في معظم الأحيان بين الجيش الإسرائيلي من جهة وبين حزب الله وأهالي الجنوب من جهة أخرى. وهو ما سمح بتجنب المواجهات العسكرية، خارج زمن الحروب.
ويمكن القول إن اليونيفيل شكلت درع حماية إلى حد ما في زمن اللاحرب لبيئة حزب الله. ووجودها استبدل المواجهة باللامواجهة.
إن “تهشيل” اليونيفيل يجعل جنوب لبنان، وخاصةً بيئة حزب الله مكشوفة أكثر على الاعتداءات الإسرائيلية، التي لم تتوقف ولو للحظة واحدة! وهي بالتأكيد، لن تتوقف لاحقاً!
يصر الأهالي، خاصة بعد الحرب الأخيرة، على تواجد الجيش اللبناني مع قوات اليونيفيل عند دخولهم قرى الجنوب.
وهم يتخوفون من استغلال إسرائيل لثغرات هذا الدخول “المنفرد”! أو أنه برأيهم ينفذ أجندا أقرب إلى إسرائيل منها إلى لبنان، في حين أن من مهامه هو تطبيق القرار 1701، مع أو من دون ال+!
ولا شك أن مرافقة الجيش اللبناني لليونيفيل يريح الأهالي. ولكنه يبقى عملية تنظيمية بين الجيش اللبناني واليونيفيل.
ومع ذلك، يمكن طرح عدة أسئلة هامة: هل الأفضل للبنان ولحزب الله هو رحيل قوات اليونيفيل أو بقاؤها؟! وهل بقاء قوات اليونيفيل يريح أهل الجنوب أم يقلقهم؟! وهل يعتقد جمهور حزب الله أن اليونيفيل تعيق “مقاومتهم” لإسرائيل؟! وهل رحيل اليونيفيل يساعد لبنان وحزب الله على استعادة أسرع، على سبيل المثال، للنقاط الخمس؟!
في الواقع، وفي القراءة السياسية والميدانية يمكن الاستنتاج أن وجود اليونيفيل في لبنان هو افضل من رحيلهم. ومنع الاحتكاك مع الجانب الإسرائيلي هو أفضل من الاحتكاك معهم. وإن كان الجنوب اللبناني منطقة غير آمنة إطلاقاً، فهو لن يصبح أكثر أماناً برحيل اليونيفيل.
لا يوجد توازن عسكري بين لبنان وإسرائيل، كما قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم! ولم ينجح سلاح حزب الله بمنع الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في كل لحظة ضد لبنان والجنوب وبيئة حزب الله. وهو لم يمنع اغتيال قادته، وفي مقدمهم أمينه العام التاريخي السيد حسن نصرالله… ولا يمنع اغتيال عناصره كل يوم واصطيادهم بالمسيّرات كل يوم!
ما يزال لبنان مكشوف أمنياً. ومن الأفضل له الاعتماد أكثر فأكثر على دعم المجتمع الدولي والأمم المتحدة. وان كان هذا الدعم ما يزال غير فعال. ولكنه يبقى أفضل الممكن!
ومع ذلك، ما يزال أمام حزب الله خياراً آخر، وهو العودة إلى الحرب والعمل على إخراج إسرائيل من النقاط الخمس بالقوة!
وفي زمن لا ينجح أحد في إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه، فإن الحرب مع إسرائيل بغياب اليونيفيل تتحول من مرحلية مؤقتة إلى حرب مفتوحة ودائمة!
أمام محاولات الرؤساء والحكومة الديبلوماسية، تبقى كل الخيارات مُرة أمام حزب الله! والطابة الآن هي في ملعبه!
ولكن التخوف هو أن تتحول صفعة جندي اليونيفيل إلى صفعة، أو إلى صفعات لا تنتهي لجنوب لبنان، ولأبعد من ذلك بالتأكيد!