محمد بنيس يكتب لـ”السؤال الآن”: نعمْ.. رحل عنّا سيّون أسيدُون
محمد بنيس
سيّون أسيدُون، اليهودي المغربي، العاشق لفلسطين وللشعب الفلسطيني، المجنون بحرية واستقلال فلسطين، توفي صباح اليوم. جاءني نعيه من الصديق عبد الرحيم التوراني. كان الوقع قاسياً، لأنني كنت أرجو رؤيته كما كنت تعودت أن نلتقي ونتبادل لغة المودة. أسيدون، الذي تعرض، منذ ثلاثة أشهر، لحادثة في الرأس، توفي في المستشفى، بعد فترة قضاها في قسم الإنعاش. ظل وجهه، ابتسامته، قامته، حماسه أمامي، منذ إصابته في الحادثة التي لا نعرف بعد سرّها.
كان أسيدون وسيبقى ابن المغرب، الإنسان الوفي لقيم العدالة والحرية والمساواة. تعرفت عليه منذ السبعينيات. في ذلك الزمن، الذي يغمره اليوم ضباب كثيف، كان الشاب أسيدون من عائلة اليسار، لا تفارق شفتيه حركات مشرقة، هي العلامة على ما كان يوحي به ولا يعبّر عنه بالكلام. وعلى إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة، كان أسيدون حاضراً في الوقفات المناصرة لغزة وفي حركة مقاطعة جميع أشكال التطبيع، يكاد لا يتوقف عن التنقل بين الفضاءات من أجل الكلمة والموقف اللذين وهب لهما حياته.
هو اليوم شهيد بين شهداء فلسطين. يضع الكوفية الفلسطينية على كتفيه، طربوشاً أحمر فوق رأسه ويحمل علم فلسطين. أرفع عيني لأراه في أعالي الشهادة. صمتٌ ـ صمتي، في حضرة ما كان يجسّده من معاني الوفاء والتواضع والمحبة.
محمد بنيس
في 7. 11. 2025
