مراكش تحتفي بشعراء ونقاد قادمين إلى المستقبل

مراكش تحتفي بشعراء ونقاد قادمين إلى المستقبل

 متابعات:

     اختتمت مساء ليلة الجمعة 13 يونيو فعاليات الدورة الثامنة للملتقى الوطني “حروف”، للشعراء والنقاد الشباب، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش احتفاء بالمتوجين بجائزتي أحسن قصيدة والنقد الشعري، الخاصة بالشعراء والنقاد والباحثين الشباب في دورتها السادسة (2024). وشهد الملتقى تقديم قراءات شعرية ومداخلات نقدية لأكثر من 25 شاعرا (ة) الى جانب حضور نقاد توجوا بجائزة النقد الشعري. الملتقى الوطني “حروف”، للشعراء والنقاد الشباب، خطوة أخرى في برنامج دار الشعر بمراكش لمزيد من الانفتاح على أصوات شعرية ونقدية قادمة الى المستقبل، ورهان دائم من دار الشعر بمراكش على الأصوات الشعرية الجديدة، وإيمان متزايد بخصوبة وغنى هذا المنجز الشبابي.

هذا التقليد الثقافي السنوي، والذي أمسى أكبر تجمع للمبدعين الشباب المغاربة في المغرب وشكلت دوراته السابقة، محطة ثقافية وشعرية للاحتفاء بأصوات المستقبل، مواصلة للرهان الكبير على مستقبل الشعر المغربي وأفقه، إبداعا ونقدا، ضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش، لربط المنجز الإبداعي في الشعر المغربي بالخطاب النقدي. وقدمت دار الشعر والشعراء بمراكش سلسلة إصداراتها الجديدة لهذه السنة، السلسلة السادسة من ديوانها الجماعي “إشراقات شعرية(6)”، وضم قصائد ل “25 شاعرا وشاعرة” من المتوجين بجائزة أحسن قصيدة والقصائد التي اختارتها لجنة التحكيم كي تنشر في ديوان إشراقات، والقسم الثاني ضم مقالات للمتوجين بجائزة “النقد الشعري”، صنف المقالات، كما وقع الناقد عبدالله صدوكي، كتابه النقدي المتوج بجائزة النقد الشعري “اَلتَّبْرِيحُ اُلْقِرَائِيُّ فِي اُلتَّشْرِيحِ اُلْمَقْرُوئِيِّ؛ تَجَاذُبَاتٌ نَصِيَّةٌ مَعَ نُصُوصٍ شِعْرِيَّةٍ مَغْرِبِيَّةٍ“.

وأكد الناقد الدكتور مراد المتيوي على “رمزية اللحظة الباذخة” التي يلتقي فيها الشعراء والنقاد الشباب، اليوم، في مشتل الملتقى الوطني حروف لدار الشعر بمراكش، وعلى الأهمية البالغة التي خلقتها جائزتي “أحسن قصيدة” و”النقد الشعري” لدار الشعر بمراكش في تشجيع الكفاءات الشابة في مجال الإبداع والنقد الشعري، وفي المساهمة على الانفتاح أكثر على الأصوات الشعرية، وتشجعيها وتحفيزها على الاستمرارية ودخول غمار الكتابة الشعرية”. كما قدم الناقد مراد المتيوي أهم الخلاصات الأساسية لتقريري لجنتي التحكيم، مؤكدا أن ما فتحته دار الشعر بمراكش، ومنذ تأسيسها سنة 2017، من “نوافذ على كفاءات شبابية” في مجالات الإبداع الشعري والنقدي يبدو جليا اليوم في المشهد الثقافي المغربي، خصوصا هذه الأصوات الإبداعية القادمة من المغرب العميق“.

وتحدث النقاد: عبدالله صدوكي، مقدما كتابه النقدي المتوج بجائزة النقد الشعري “اَلتَّبْرِيحُ اُلْقِرَائِيُّ فِي اُلتَّشْرِيحِ اُلْمَقْرُوئِيِّ؛ تَجَاذُبَاتٌ نَصِيَّةٌ مَعَ نُصُوصٍ شِعْرِيَّةٍ مَغْرِبِيَّةٍ”، وفاضمة نايتخويا لحسن وخالد العنكري، والمتوجين في صنف المقالات، على دراساتهم وعلى أهم الأسئلة النقدية التي قاربوها. وأشار الناقد صدوكي أن كتابه “التبريح القرائي في التشريح المقروئي؛ تجاذبات نصية مع نصوص شعرية مغربية” يضم مجموعة من التجاذبات النصية مع نصوص شعرية لكل من الشاعرة مليكة العاصمي، والشاعر أحمد المجاطي، والشاعر أحمد بلحاج آية وارهام، والشاعر عبد السلام بوحجر، والشاعر مصطفى أبو البركات،  والشاعر الزبير خياط،  وقد حاول فيه تقصي بعض الجوانب الجمالية البانية لتجاربهم الشعرية، راصدا إمكاناتها التخييلية، وطاقاتها الدلالية والرؤيوية، ومتفاعلا بشكل خلاق مع الأسئلة الوجودية التي شغلتهم، واستبطنوها في نصوصهم..”

وعن دراسته “تأويلية العتبات في الشعرية العربية المعاصرة «من شرفة الفجر» لمصطفى محسن مثالا”، اعتبر الناقد خالد العنِكري، أن الباحث في مجال التربية والسوسيولوجيا مصطفى محسن، ورغم انشغالاته الأكاديمية الكثيرة، إلا أنه أصر أن يصدر دواوينه الشعرية في فترات متباعدة، في اختيار واعي لصوته الذاتي أن يكون له صدى مباشر ضمن سياق الكتابة الشعرية. أما الناقدة  فاضمة نايتخويا لحسن، والتي قدمت دراستها “الشعر النسائي الأمازيغي:  الذات ورؤيا العالم “مريريدة نايت اعتيق” أو حين يصرخ الهامش” فقد أعادت التفكير في الشعرية النسائية الأمازيغية، من خلال منجز مريريدة، وضمن مسار الخروج من الصورة النمطية لهذه الشاعرة وإحقاقا لمنجزها الإبداعي الشعري، والذي خلفته إرثا ضمن المدونة الشعرية المغربية.

وشهد الملتقى الثامن حضورا لافتا للجيل الجديد من شباب الشعر المغربي من “شعراء إشراقات” الفوج السادس، وقرأ الشعراء نصوصهم المنشورة في الديوان الجماعي، في تقاسم خلاق لتجاربهم وأصواتهم الشعرية، أمام حضور ورواد الدار. وقرأ الشعراء، الذي حضروا الملتقى، قصائدهم التي اختارتها لجنة التحكيم في تناسق مع الاحتفاء بأنماط الكتابة الشعرية، في تعددها اللساني: حسين أقديم، عبد الحق بالمادن، ابراهيم آيت أحمد، زكرياء غونام، يوسف بوفوس، صوري إبراهيم تراوري، أفاسي محمد، سمير السخيري، فاطمة الزهراء العروسي، محمد بوكريم، خديجة الشلح، رشيد  الدحوم، عبدالرحيم اصبان، ابراهيم زرهون، شيماء قويون، كنزة لحاح، خديجة بوحلو، ليلى يزان، لحبيب لمعدل.

قصيدة “ابن الرّيح” لحسين أقديم: “إلى أين؟/ لا يدري.. / يَسِير بلا هُدَى ..!/ يُنادي ولكنْ/ لا مُجِيبَ/ سِوَى الصَّدَى/ فَتًى أنْجَبَتْهُ الرِّيح،/ والرّيحُ وَحْدَها“. 

الشاعر عبدالحق بالمادن، يسأل أين “سَيُوصِلُ سيزيفُ صَخْرَتِي”: ” يَا قَارَبــي، لُطْفًا، تَدَارَكَ مُنْـيَـتِي/ وَجِّهْ رِيَاحَكَ كَيْ تُـوَافِقَ وِجْهـَـتِي// عَدِّلْ شِرَاعَكَ وَاجْرِ حَيْثُ تَخَلَّفَتْ/ أَحْلَامِيَ الْمُوحَاةُ قَبْلَ نُـبُـوَّتِي// وَلْتَصْمُتِ الأَمْوَاجُ عَنِّــيَ بُرْهَةً/ وَلْتُسْعِفَنِّـيَ كَيْ أُوَاصِلَ سِيرَتِي“.

مَا بَيْنَ شَوْقَيْنِ”، حيث يقيم الشاعر ابراهيم آيت أحمد، نقرأ : “أَرَأَيْتَ مَا صَنَعَتْ بِكَ الأشْواقُ ؟!/ جَفَّ الْمِدَادُ  وَشَاخَتِ الأَوْرَاقُ!/ يَا قَلْبُ لاَ تَحْمِلْ هُمُومَ مَوَدَّةٍ/ فَالْخِلُّ هَاجَرَ.. وَحْدَكَ المُشْتَاقُ،

الَحْرُوفْ .. تَاوِيلْ وحَكْمَة” لخديجة الشلح: “لله يَا الَحْرُوف خَلِّيكْ رَايَة/ خَلِّيكْ حْدَايَا/ خَلِّيكْ بَسْمْة تلَوَّنْ سمَايَا

واختار يوسف بوفوس قصيدته “لوْعاتٌ و عبْراتٌ”، مفتتحا بمقولة لأبي فراس الحمداني: “بلى أنا مُشتاقٌ وعنديَ لوْعةٌ”، ليقرأ من قصيدته: “أضَرَّ بقلبي/ ما أنال له الهجرُ/ وأتْعبَ أقدامي على إثْرِك السّيرُ/ فما إن أرى نجماً / حِيالَكِ سائراً/ ولا طار يوماً نحو منزلك  الطّيرُ/ إلاّ هيّجا شوقي إليكِ / وأيقظا / بواعِثَ أشْجانٍ يُكابدُها الصّدرُ“. 

وحضر العمق الافريقي في الملتقى الوطني “حروف”، ضمن الديوان الجماعي إشراقات شعرية”، من خلال تقديم قصيدة “فؤاد تلظى” للشاعر صوري إبراهيم تراوري، وهو شاعر من مالي يتابع دراسته في فاس، “بَوْصَلَاتِي لِلْعِشْقِ فِي الدَّرْبِ دُهْمَةْ/ لَمْ تَضِحْ فِي عَيْنَيَّ مَنْ بَعْدَ غَيْمَةْ / لَمْ تَلُحْ لِي سِوَى فَتَاةٍ …/ تُضَاهِيهَا نُجُومُ السَّمَاءِ إِنْ تَبْدُ ظُلْمَةْ/ فِي الْهَوَى/ فَاعْذُرِي فُؤَادًا تَلَظَّى“.

وتواصلت القراءات الشعرية، على منصة دار الشعر بمراكش، ففي قصيدة “بَصِيصٌ مِنَ الرُّؤَى” لأفاسي محمد تواصل السفر: “سَفَرٌ يَطُولُ…/ وَخَيْلُ فِكْرِيَ مُتـعَبُ/ وَطَرِيـقُ مَديَنَ/ مُوحِلٌ ومُضَبَّــبُ// وَالرِّيحُ تَعْـوِي فِي مَدَارِكِ أَحرُفِي/ أَنَّ الصَّحَارَى بِالشَّرِيدِ سَتُخْـضَبُ“.

بَهَاءٌ الجُنُونِ” لسمير السخيري: “صَلَادِي يَقِفُ وَحِيداً/ عَلى عَتَبَةِ اللَّذَةِ؛/ يُنَازِعُ البَهَاءَ بِجُنِونِ فُرْشَاتِهِ / عَلى صَهْوَةِ اللَّوْنِ فَي اللَّانِهاَئِي،

سيرةٌ متأخّرة لابن الزرع” لمحمد بوكريم: “لِأَيِّ جِــهَــاتِ الـرّيحِ… بـابَـكَ تَـــفْـــتَــحُ/ وكـلُّ جـهـاتِ الأَرضِ فـيــكَ تَـــفَـــتَّـــحُ/ بِـأيِّ الـقـوافِــي تَـسْــتــهــلُّ هَـــوامِــشــاً/ تَــنُــوءُ عــلــى قــلْــبِ السطورِ… وتَجْمَـحُ“.

« بــريد لــن يصــل» لرشيد  الدحوم: “مُمَدَّدٌ فِي مَجَازِ الحُزْنِ،/ ذَاتَ مَسَا/ وَكُلَّمَا ضَاعَ فِي تَفْـكِيرِهِ؛ نَعَـسَا/ كَأَنَّ دُنْيَاهُ قَدْ / ضَاقَتْ وَمَا اتَّسَعَـتْ/ كَأَنَّمَا الْهَـمُّ فِي أَحْشَائِهِ انْغَرَسَا

من والو” لشيماء قويون: “لوننا الحقيقة بألوان طيف كاشفة / سوقنا خاوي يا لطيف و هضرتنا ناشفة/ سردناها بشوية/ تخاريف و بهضرة تالفة/ فبلاصة مانقول لي كاين / خرجت الجبهة و قلت انا عارفا..”

شجن الفؤاد” لعبدالرحيم اصبان: “شكوت همي لنجم ساطع فخبا/ والنجم إن شكي الوجه الجميل صبا// والنجم لا غيره إن تنكروا شجني/ من يبصر الدمع إن من عيننا انسكبا// إن النجوم وهذا البعد مبصرة/ ما لا يرى الخل حتى إن هو اقتربا“.

ذات العباءة” لابراهيم زرهون: “تـــاه القـــصــيدُ وتـــاه كـلُّ مــا نُثـــرا / وأصــبحَ الشعــــرُ مِثلَ أحــمق سـكِـرَا// وصار شـــعري مُحبـــا حينمــا نــظـرا / إلـــى عبـــاءة مَـن رأى بـــــــها قمـــرا

ساكت” لكنزة لحاح: “ساكت/ فْلْ لْويل غَاطْس/لْسَانْ مَجْدُوب/ مَحْذُوفٌ لْمَعْنَى/ سَابْقْ لِيّل/ جْبَرْت ذَاتي/ عَايْشَة مْنِّي/  رَاهْ مَاشِى يانَا/  أَنَا حْمُوم مِنْ تْرْاب نَاذْر/  نَصْ يَلْمَع وَنَصْ غْمَام/ هَدَاك مَاكَلْبي/  مّْبَرّْية مَنُو

ملتقى حروف لدار الشعر بمراكش، تظاهرة للاحتفاء بالمبدعين والنقاد المتوجين وتوقيع إصداراتهم، كما يشكل فضاء للقاء والحوار بين الشعراء والنقاد الشباب وتبادل الخبرات بينهم وتنظيم قراءات شعرية وحفلات لتوقيع منشورات الدار الجديدة. خطوة آخرى في مسالك ودروب أسئلة النقد الشعري، وحاجة معرفية لمواكبة هذا المنجز الشعري المغربي الغني بتجاربه وحساسياته وأجياله، وانفتاح على استبصارات ومقاربات جديدة، لنقاد وباحثين مغاربة شباب، يحملون هم السؤال النقدي والمعرفي ويحاولون إضاءة هذا المشهد في أفق تحيين إشكالاته وأسئلته.

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!