من يغذي الخطاب العنصري في المغرب؟

من يغذي الخطاب العنصري في المغرب؟

 إسماعيل طاهري

           الخطاب العنصري المقيت الذي تفوهت به المغربية زهرة المنشودي النائبة التاسعة لرئيس جماعة أكادير التي يرأسها المليادير عزيز أخنوش رئيس الحكومة، لا يجب أن يمر

على النيابة العامة أن تتحرك لفتح تحقيق في هذه النازلة والتحري إن كانت جهة ما تقف وراء هذه النائبة وتكييف المتابعة بناء على التحريات التي باشرتها النيابة العامة.

والسؤال هو من منح هذه المستشارة الجماعية هذه القوة والجبروت لتتحدث خارج القانون والدستور أمام مجلس دستوري تحضره وزارة الداخلية والصحافة والمواطنين المغاربة؟؟!!

كنا ننتظر أن يتدخل حزب الأحرار لمحاسبتها بناء على قانون الأحزاب والجماعات الترابية، كما كنا كنا ننتظر تدخلا من أخنوش أو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار ولكن شيئا من ذلك لم يحدث لحد الآن..

فأقل ما يتعين القيام به حزبيا هو تجميد عضويتها في الحزب وإحالتها على لجنة التأديب ..

وأمام هذا الصمت المريب فإن حزب رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتحمل وزر وتبعات هذا الخطأ الفادح الذي سقطت فيه هذه النائبة المكلفة بالثقافة. بل يمكن الجزم أن هذا الخطاب السياسي الما قبل رأسمالي فكر منتشر داخل الأحزاب الإدارية التي كانت تجهر في عهد إدريس بكونها أحزاب تمثل انتماءات مجالية وفئوية وطائفية..وتبتز الدولة للحصول على مواقع ومناصب سامية داخل الدولة..

قد أتفهم موقف الممثلة فاطمة خير لأنها قالت بصريح العبارة أنها لم تكن يوما ما “مناضلة” وهي تعرف ونحن نعرف ما معنى كلمة/ مصطلح/ مفهوم “مناضلة”  التي لم تكن تعني سوى الانتماء الى اليسار أو الوطنيين في حزبي الإستقلال والشورى والإستقلال. أو منظمات المجتمع المدني بالمعنى الغرامشي المعارض للسلطة الحاكمة.

وما يثيره هذا الخطاب العنصري يجعلنا نتساءل عمن يذكي ويغذي هذا الخطاب السياسي المتطرف؟ وما هي بعض جذوره وما مدى خطورته؟

***

هذا الخطاب العنصري المقيت هناك من يغذيه وينتصر له من المثقفين المرتدين عن قيم اليسار الذي ينشرون الفتنة داخل المجتمع المغربي الموحد داخل تعدديته المناطقية والمجالية والدينية والثقافية وحتى العرقية واللغوية.

***

هذا الخطاب العنصري المقيت يغذيه أصحاب “كلنا إسرائليون” الذين يريدون الوقيعة بين أفراد الشعب المغربي، ويشيعون داخله الفكر العنصري حتى يطبعوا مع الفكر الصهيوني العنصري الإرهابي وجعله مقبولا داخل المغرب واعتبار نحو مليون يهودي صهيوني مستوطن لأرض فلسطين مواطنين مغاربة لهم حق العودة الى المغرب لكون أبائهم كانوا يعيشون يوما في المغرب.

***

هذا الخطاب العنصري المقيت يذكيه أصحاب شعار ” تازة قبل غزة” الذين يرغبون في فصل المغرب عن عمقه العربي الإسلامي، وعن عمقه الأممي كشعب شكلت حركته الوطنية نبراسا لقوى التحرر في العالم وأصبح الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي والملك محمد الخامس وأحزاب الحركة الوطنية مدارس حقيقية في الكفاح من أجل الحرية والإستقلال والديمقراطية.

***

هذا الخطاب العنصري المقيت يذكيه أنصار شعار” تمغريبيت” الذي حلله المفكر المغربي سعيد بنكراد وفكك أوصاله، بل وذهب بعض المحللين الى قرنه “بتصهيونيت” (الصهينة) وهو في العمق شعار لشرعنة الإستبداد والإنغلاق في أفق تفريخ خلايا التفرقة والتطرف داخل المجتمع.

***

هذا الخطاب العنصري المقيت يذكيه بقايا الفكر البدوي الهوياتي المتطرف الذي يعتبر العرب دخيلون خربوا الهوية الامازيغية كما خربها ويخربها في الوقت نفسه الإسلام السياسي حسب آخر تصريح لأحمد عصيد في رد على كاتب جزائري صرح لقناة سكاي نيوز عربية أن الأمازيع عرب قدامى وهو ما أدى الى احتكاكات إعلامية ودبلوماسية بين دولة الإمارات والجزائر. ونهمس في أذن السيد عصيد أن مفهوم الإسلام السياسي يتسع ليضم كل الدول التي تحكم باسم الدين ووفقا للأحكام السلطانية منذ دولة الأدارسة الى الآن ولا يمكن قصرها في الحالة المغربية على تنظيمات الإسلام السياسي وأحزابه وجماعاته. وأن نظريتك لن تقوم لها قائمة الا بمحاربة العربية والإسلام.

فهذا الفهم المتطرف للهوية المغربية على أسس لا تتحقق الا باجتثاث رواسب التاريخ والعودة الى أصل نقي كامن في الماضي السحيق غير المحدد ولا يحده الا الحمض النووي لرفات أول إنسان عاقل على وجه الأرض الذي اكتشف مؤخرا ويعود لأكثر من 120الف سنة وظهر في المغرب.

***

للأسف، هذا الخطاب العنصري المقيت يذكيه أصحاب نظرية الجينات والحمض النووي الذي  جرب على بعض عشرات من المغاربة في مختبرات ربحية أمريكية مشبوهة  ومشكوك في علمية تحليلاتها الطبية وتخلص نتائجها دائما الى نتيجة واحدة وهي حمل هؤلاء المغاربة جينات شمال إفريقيا الذي يعتبرونه جينا أمازيغيا.

  وبناء عليه خلصوا الى أن سكان المغرب بأجمعه يحملون جين شمال إفريقيا في حمضهم النووي. وبناء علية يجب اجتثاث الإختراق العربي والإسلامي الذي شوه الهوية المغربية الأمازيغية. وهذا ما قاله ويقوله جهارا  أحمد عصيد وأحد أتباعه المسمى عبد الخالق كولاب الذي يتحدث عن الهوية المورية الأمازيغية موظفا بعض الشواهد والوثائق التاريخية المتضاربة والمجتزأة عن سياقها التاريخي لتعزيز أطروحته المتطرفة وما جادت به أبحاث المعهد الوطني لعلوم الآثار الذي اكتشف قرب تطوان قرية تعود الى حقبة ما قبل الفينيقيين.

إن هذه التحاليل الخاطئة لفهم وتحديد الهوية المغربية على أسس عرقية وإغفال مختلف ألأبعاد التي انتهى اليها الفكر الديمقراطي الحديث الذي يستند على خلاصات عصر الأنوار والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، هذه التحاليل غير التاريخية هي البيئة الحاضنة لانتعاش فكر التطرف والعنصرية والمناطقية والإثنية، والحال أن الهوية يجب أن تبنى على أسس ديمقراطية مواطناتية تراعي حقوق الإنسان والمواطن.

الفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها

خليونا خوت

“شلح أو عربي حتى يعفو ربي”.. كما تقول الأغنية الشعبية.

شارك هذا الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!