ندوة بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي
متابعات:
نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية، بتنسيق مع أزمور مبادرة وجمعية معا والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، ندوة علمية في موضوع “الخطاب والمرجع: قراءات في كتب نقدية” بقاعة الندوات دار الصانع بمدينة أزمور يوم السبت 20 دجنبر 2025؛ تتبعت أربعة أعمال نقدية:
- الرواية التاريخية الجديدة: من رواية التاريخ إلى رواية الميتا تخييل التاريخي لأحمد بلاطي.
- أسئلة الذات وتحولات الكتابة في الرواية المغربية المعاصرة” لسلمى براهمة.
- الفضاء الروائي في الخطاب النقدي: المفهوم والمرجعيات والمقاربات لسعيد العيماري.
- السرد النسائي المغربي: النسق والدلالة – الرائدات بين 1965و1985 لنورة بوقفطان.
استهلت الندوة بكلمة لعبد الفتاح الفقيد أبرز فيها الدور العلمي لمختبر السرديات في مواكبته الأعمال النقدية طبعا وقراءة وتعريفا، مسهما بذلك في خلق فعل ثقافي ناجع، وهو ما أبرزته أيضا أمينة الأزهر في كلمتها التي قدمتها باسم الجمعيات الشريكة في تنظيم الندوة، مبدية حرصها على المشاركة في كل فعل ثقافي من شأنه أن يجعل مدينة أزمور محطة ثقافية فاعلة ضمن سياق الحركية الأدبية والفكرية للمجتمع الأزموري.
وفي كلمته باسم مختبر السرديات والخطابات الثقافية أكد يونس الإدريسي أهمية الندوة بوصفها استمرارا للفعل الثقافي الذي دأب المختبر على دعمه، مشيرا إلى أن الندوة تشكل فرصة لتقديم قراءات نقدية حول كتب مختلفة تفتح أفق التفكير المعرفي، وتعضد من الفعل القرائي بين الحاضرين داخل فضاء أزمور بوصفه فضاء حافلا بالفنون الجميلة والرموز المغربية الأصيلة.
إثر ذلك، قدم عصام بن خدا مداخلة بعنوان “جدل الرواية والتاريخ في كتاب الرواية التاريخية الجديدة”، مركزا على تحولات العلاقة بين التاريخ والتخييل في السرد الروائي المعاصر، ومن ثمة أبرز كيف ينتقل أحمد بلاطي من نقد النموذج الكلاسيكي للرواية التاريخية القائم على المحاكاة والوفاء للوقائع، إلى إبراز ملامح الرواية التاريخية الجديدة التي تعيد مساءلة التاريخ وتمثيله. كما أوضح الأسس النظرية التي استند إليها هذا التحول، مستثمرا منجزات التاريخ الجديد والسرديات وما بعد الحداثة، مؤكدا أن الميتا تخييل التاريخي لا يكتفي بسرد الماضي، بل يفكك خطاباته ويعرّي ادعاءاته في الحقيقة والحياد، مما يجعل الرواية التاريخية الجديدة تبني معرفة بديلة بالماضي، تجعل القارئ شريكًا نقديا في إنتاج المعنى.
أما عصام الحجلي، فقد عرض مداخلة موسومة ب”تمثيل الذات والكتابة في الرواية المغربية المعاصرة” تناول فيها انشغالات وقضايا الذات والتعبير عنها في المحكي الروائي المغربي وأشكال تطور المتن الروائي المغربي المعاصر فنيا وجماليا لدى الناقدة سلمى براهمة، فتتبع هواجس الذات في النص الروائي من خلال مختارات روائية لأجيال إبداعية متفاوتة وفق رؤية تقارب هذه النصوص المدروسة من الداخل تبعا لتيمات جامعة او لاستراتيجيات اشتغال تبلور تصور المبدع للرواية المغربية وانفتاحها على ورش التجريب وحقول معرفية أخرى؛ منها: التاريخ، والكتابة حول تجربة الاعتقال، واستلهام التراث، إضافة الى الوقوف عند محطة المرأة الكاتبة وتجربتها الابداعية ، مشيرا إلى أن ذلك جعل الناقدة ترصد دينامية وحركية أشكال التعبير المختلفة عن الذات والآخر وقضايا المجتمع في سيرورة بناء معمار النص الروائي المغربي.
وفي مداخلته الموسومة ب”من المكان إلى الميتا مكان: قراءة في كتاب “الفضاء الروائي في الخطاب النقدي”، رصد حمزة إراوي البنية التي انتظمت وفقها فصول الكتاب، متوقفا على وجه الخصوص عند الإشكال المفهومي الذي طرحه سعيد العيماري حول مفهوم الفضاء في علاقته بمفهوم المكان، مشيرا إلى استعمالاته اللغوية، قبل أن يعمد إلى رصد سياقات توظيفه في حقول معرفية مثل الفلسفة والفيزياء والرياضيات، كاشفا عن علاقة هذه الدلالات التي يختص بها في كل حقل معرفي بالمفهوم الاصطلاحي الذي أضحى يوظف به في مجال السرديات، مبرزا دور المقاربتين الشعرية والسيميائية للمفهوم في تأطير حدود اشتغال الفضاء بتمظهراته المكانية والزمنية والذهنية داخل الخطاب الروائي، مع الإشارة إلى علاقة ذلك بالآليات التحليلية التي يتيحها المفهوم في كل مقاربة لتحديد مسارات تشييد البناء السردي وكشف التشكلات الدلالية الممكنة.
من جهتها، بسطت مليكة الشاشي قراءة في كتاب “السرد النسائي المغربي: النسق والدلالة – الرائدات بين 1965و1985” لنورة بوقفطان، كشفت فيها عن أهمية الكتاب الذي سلط الضوء على دور الكاتبات الرائدات في إعادة تشكيل الخطاب الأدبي من منظور أنثوي واعٍ اجتماعيا وثقافيا. وتبعا لذلك، رصدت السياق التاريخي والاجتماعي للمغرب بعد الاستقلال ودوره في تطور القصة القصيرة، وخاصة مسار الكتابة النسائية في مواجهة التحديات القانونية والاجتماعية، مبينة أن الناقدة ركزت على دراسة نصوص خناثة بنونة ورفيقة الطبيعة، ليتضح أن السرد النسائي لم يكن مجرد إنتاج أدبي، بل كان فعلا ثقافيا ونضاليا يعكس وعي المرأة بذاتها وبمجتمعها، مع تركيز الناقدة على قضايا من قبيل: الجسد، التعليم، الوعي، ودور الشخصيات الذكورية والفضاء العام في صياغة تجربة المرأة.
في ختام الندوة، قدم كل من أحمد بلاطي وسلمى براهمة وسعيد العيماري ونورة بوقفطان كلمات تعقيبية، أثنوا من خلالها على الأنشطة الثقافية التي تروم التعريف بآخر الإصدارات النقدية، وتفتح أفقا للنقاش الفكري حول قضايا الأدب والنقد والفكر والثفافة والمجتمع، منوهين في هذا الإطار بالمبادرات الرائدة لمختبر السرديات والخطابات الثقافية، ودورها في خلق شراكات ثقافية مع منظمات المجتمع المدني خارج أسوار المؤسسات الجامعية، بما يضمن إنجاز فعاليات وأنشطة ثقافية منفتحة على المجتمع في مختلف جهات المغرب ومدنه وقراه.
