هل تهديدات ترامب بفرض رسوم ثانوية ستؤثر فعلاً على صادرات روسيا؟

هل تهديدات ترامب بفرض رسوم ثانوية ستؤثر فعلاً على صادرات روسيا؟

د. زياد منصور

             صرّح دونالد ترامب بأنه سيُفرض رسومٌ ثانوية على الشركاء التجاريين لروسيا خلال 10 إلى 12 يوماً، وتشمل هذه الرسوم الدول التي تواصل شراء النفط ومصادر الطاقة الأخرى من روسيا. وقد جاء هذا التصريح بشكلٍ مفاجئ للجميع، لا سيما أنه أُعلن فور انتهاء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، والتي وافقت أوروبا بموجبها على فرض رسوم بنسبة 15% على بضائعها المصدّرة إلى الولايات المتحدة.

وبحسب ما يظهر، فإن ترامب قدّم تنازلاتٍ مغرية للأوروبيين، على شكل “حبة دواء مُحلّاة”، لتسهيل قبولهم بالشروط الأمريكية.

 من سيحدّد مصير هذا القرار؟

الواقع أن تنفيذه الفعلي يعتمد على ثلاث دول رئيسية: الصين، تركيا، والهند. إذ تستحوذ هذه الدول الثلاث مجتمعة على أكثر من 80% من صادرات روسيا من الطاقة.

الصين أظهرت في السابق عدم خشيتها من العقوبات الأمريكية، وقد تخوض جولة جديدة من الحرب التجارية، وهي حرب لم تصمد فيها واشنطن سابقًا لأكثر من شهر. ولهذا، من المرجّح أن ترفض الصين الضغوط الأمريكية.

تركيا تضاعف حجم تجارتها مع روسيا منذ عام 2021، خصوصًا من خلال إعادة تصدير الطاقة الروسية، وهي تجني أرباحًا طائلة من ذلك. في الوقت نفسه، تعتمد الولايات المتحدة على تركيا سياسيًا، وتستورد منها فقط نحو 6% من بضائعها، وهي نسبة يمكن لتركيا تعويضها بسهولة. لذلك، موقف أنقرة غير محسوم، وقد تستخدمه كورقة ضغط ضد واشنطن وموسكو على حد سواء.

الهند طوّرت نظامًا خاصًا لشراء النفط الروسي باستخدام أسطول ناقلات الظل، ولا تبدو راغبة في الدخول بصدام مباشر مع واشنطن، ولكنها أيضًا لا تظهر استعداداً للتخلي عن النفط الروسي بسهولة.

 ماذا عن أوروبا وباقي الدول؟

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد تراجعت وارداته من الطاقة الروسية بشدة. فرنسا مثلًا لا تشتري الغاز الروسي مباشرة، لكنها تستفيد من حصتها كمستثمر في مشروع “يامال-إس بي جي”. وانسحابها من هذا المشروع لن يضر روسيا كثيرًا. أما الدول الصغيرة مثل البرازيل، سلوفاكيا، وهنغاريا، فلا يُتوقع منها اتخاذ مواقف حاسمة أيضًا.

 النتيجة المتوقعة:

رغم أن التصريحات الأمريكية مدوية إعلاميًا، إلا أن التأثير الحقيقي على صادرات روسيا سيكون محدودًا. وحتى في حال فقدت روسيا جزءاً من صادراتها، فإن أسعار النفط العالمية سترتفع نتيجة انخفاض المعروض، مما سيعوّض الخسائر.

وإذا تجاهلت الدول الكبرى هذه الضغوط، فستكون ضربة كبيرة لهيبة الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى تراجع مكانتها كقوة مهيمنة عالمياً.

أما ترامب، فربما لا يُدرك الآن حجم التداعيات طويلة المدى لما يفعله

لكننا ننتظر، والأيام القادمة ستكون حاسمة ومثيرة للاهتمام.

شارك هذا الموضوع

د. زياد منصور

باحث في القضايا الروسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!