هل صراحة الدبلوماسي الأمريكي استعداد للحرب القادمة؟

هل صراحة الدبلوماسي الأمريكي استعداد للحرب القادمة؟

أحمد مطر

             مما لا شك فيه أن مواقف الموفد الأميركي توم براك العالية السقف، ضد تلكؤ الدولة اللبنانية عن تسريع خطى تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، طغت على ما عداها من مواقف وأحداث تشهدها الساحة اللبنانية، ولكنها ليست أول مرة يعلن هكذا مواقف استنادا لمصادر سياسية، بل كان أبلغها إلى المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخير بدون مواربة، وتكاد مواقفه تكمل مواقف الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وعضو الوفد الأميركي ليندسي غراهام، الذي ذهب أبعد من ذلك بكثير من خلال إعلانه عن تحديد مدة ستين يوماً لتنفيذ قرار نزع السلاح، تحت طائلة تنفيذ الخطة “ب” ضد حزب الله، ولكن يلاحظ أن هذه المواقف تزامنت مع وجود رئيس الجمهورية جوزف عون بالأمم المتحدة، ما يعني أن موضوع نزع سلاح الحزب، سيكون في أولوية المواضيع التي تبحث مع أي مسؤول أميركي يلتقيه عون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وموضع استفسار تفصيلي، لمعرفة ما قطعته الدولة اللبنانية من مسافة لتحقيق وعودها والتزاماتها بتنفيذ قرار نزع سلاح الحزب، ومسؤولية الدولة بهذا الخصوص، وكيفية مساعدة لبنان لحل أزماته المتعددة، سياسيا واقتصاديا وأمنيا على حد سواء.

وتلاحظ المصادر أن مواقف براك تزامنت أيضا مع تصعيد عسكري إسرائيلي جنوبا، طال مناطق عدة، بحجة استهداف مواقع للحزب ومسؤولين فيه، ولم يوفر حتى المدنيين من اعتداءات إسرائيل، ما يؤشر إلى زيادة ملحوظة للضغط على الدولة اللبنانية، لتسريع خطى نزع سلاح حزب الله، وأن تشمل العملية مناطق خارج جنوب الليطاني في المرحلة الثانية، وتحديدا مناطق شمال وشرق البقاع، بناء على تقارير اللجنة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار، حيث رصدت مخازن ومستودعات أسلحة متطورة للحزب فيها.

وبالرغم من توضيحات الحكومة اللبنانية، والكشف الميداني عما حققه الجيش اللبناني ضمن إمكاناته المحدودة، من تقدم ملموس في مهماته لبسط سلطة الدولة جنوب الليطاني، وتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، تخشى المصادر من احتمال توسيع حملة التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان في الأيام القليلة المقبلة، بعدما ظهر بوضوح أن ما أعلنه توم براك، يُعتبر بمثابة تحذير اميركي واضح للدولة والمسؤولين اللبنانيين، ولا يحتمل أي تأويل مغاير، ويرسم ضوءًا أخضر أميركياً لإسرائيل، لتوسيع نطاق عملياتها واعتداءاتها العسكرية، لضرب قواعد ومنشآت حزب الله العسكرية في أي منطقة لبنانية كانت، ما قد ينعكس على الأوضاع الداخلية، ويُبطئ خطط الحكومة لحل الأزمة المالية، والنهوض بالوضع الاقتصادي وترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.

ختامًا، لم يعد ينفع الحزب استمرار تعنته ورفضه تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، بعد تغير موازين القوى وتبدل التحالفات، وسقوط محور إيران ونظام بشار الأسد، ولم تعد المكابرة تفيد بشيء في وقف مسار الانحدار الذي بلغه، بعد الخسارة المدوية التي لحقت به.

شارك هذا الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!