لبنان: الاستحقاق الانتخابي ومراهنات قوى الثورة

لبنان: الاستحقاق الانتخابي ومراهنات قوى الثورة

حسين عطايا

بات من الواضح جداً بأن الاستحقاق الانتخابي في لبنان المقرر في 15 أيار- ماي من هذا العام يرتدي أهمية كُبرى، خصوصاً أنه يأتي بعد ثورة 17 تشرين الاول ـــ أكتوبر 2019، والتي حملت تغييراً على مستوى السردية السياسية التي كانت سائدة ما قبل هذا التاريخ. فقد أظهرت الأحداث أن ما حملته ثورة 17 تشرين من التفاف جماهيري حول شعارات التغيير في الذهنية السياسية العامة، جعل منها محطة رئيسية تحيث باتت الأمور في الحياة السياسية اللبنانية تبعا لمقولة ما قبل الثورة وما بعدها.

وهنا لا بد من طرح سؤال يتخذُ طابعاً جوهرياً على مستوى مساحة الوطن، ألا وهو: هل مجموعات الثورة وقوى التغيير قادرة على الخرق في جدار المنظومة الحاكمة ومن يقف خلفها ومن يحميها ومن يرعاها؟

 بصراحة وبصدق، من الملاحظ وفقا لمتابعة مجريات أحداث 17 تشرين وما تلاها وجود تغيير في الذهنية السائدة لدى عموم المواطنين، لا سيما أننا رأينا انكسار في هيبة المنظومة وكل من يقف معها وخلفها، وكان قد سبقها وصول بعض قادة المنظومة الى درجة القداسة، فأتت انتفاضة الشعب اللبناني في كل المناطق، على امتداد مساحة الوطن لتُعَبِر عن تغيير حقيقي في عقلية اللبنانيين المنتفضين، حتى خرجت شعارات في مسيرات مدن صور وبنت جبيل والنبطية، لم يكن مسموحاً حتى  التفكير بها من قبل. وهذا إن دل على شيء يدل على مدى حالات الغضب التي ألمت بعقلية اللبناني المنتفض نتيجة ممارسات المنظومة الفاسدة وما اقترفته يداها بحق الوطن والمواطن.  

كل ذلك، سهل عملية التغيير وعطاها زخماً حقيقياً وجعل من إمكانية ولوج دروب التغيير اكثر واقعيةً. ولكن هذا لن يكون وحده كافياً للتغيير المنشود، بل هناك ضرورة لتضافر جهود قوى التغيير ومجموعات الثورة لاجتراع برامج تُحاكي رغبات اللبنانيين وتطلعاتهم في تغيير حقيقي من خلال برامج سياسية واضحة، ورؤية إقتصادية جريئة وواقعية، وخطوات إجتماعية صلبة تفرض واقعاً جديداً على مستوى الوطن والمواطنين، لا سيما على تحقيق المواطنة، بعيداً عن الطائفية البغيضة التي تعمل على تفعيلها قوى السلطة مجتمعةً. 

وهنا لا بد من التواضع قليلا وقياس حقيقي لرؤية الناس للتغيير ومواكبتها في عملٍ جدي يُساهم بمراكمة وعيٍ سياسي تغييري بالنهج والاسلوب والممارسة، تختلف كلياً عن مجريات ما تقوم به السلطة القائمة والتابعة لمنظومة فاسدة حكمت ولا زالت تحكم لبنان منذ أكثر ثلاثين سنة، وهذا يستدعي من قوى الثورة الارتقاء بخطابها السياسي الى درجة المكاشفة الحقيقية والتعاطي مع الأمور بواقعية وشفافية. 

وهنا أيضا نطرح السؤال التالي: هل عملية التغيير يمكن أن تحدث في هذا الاستحقاق الانتخابي وتكون كاملة شاملة؟

رؤيتنا لانتخابات العام 2022 هي بداية مرحلةً جديدة وحقيقية للتغيير الذي نسعى اليه، ومن خلالها نراكم النضال وصولاً للتغيير الحقيقي الذي سيحصل حتماً في انتخابات العام 2026، حيث تكون جميع عناصر عملية التغيير قد اكتملت على مختلف المستويات، بشرط أن يواكب تلك العملية عملٌ نضالي دؤوب من قبل المعارضة مجتمعة والبناء على نتائج استحقاق هذا العام في 15 أيار – ماي 2022.

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني