هل يُعاقَب مرتكبو الاعتداء الوحشي على عمال قطف الكرز في مجدل العاقورة؟
خلال الأيام الماضية تم الكشف عن جريمة مروعة ليست عملية قتل أو إطلاق نار، بل اعتداء وحشي على عمال سوريين ولبنانيين في بلدة مجدل العاقورة ـــ جبيل ـ لبنان، إنها جريمة وحشية ضد الإنسانية، ما يزال الإعلام ينشر فيديوهات عنها يشيب لها الرأس، مثل إجبار العاملين على نزع ملابسهم بالكامل، بعد انتشار فيديوهات عن ضربهم وهم محشورون داخل غرفة، واستخدام السوط والصعق بالكهرباء ومعظمهم لا يتجاوز عمرهم الــ 16 عاما وحتى طفل لم يتجاوز العشر سنوات.
هزت هذه الجريمة اللبنانيين جميعاً، وطرحت التساؤلات حول ما إذا كان الفاعلون سيعاقبون أم ينجون من فعلهم المشين بحق الإنسانية والإنسان، أم أن تدخلات السياسيين وغيرهم من قوى مؤثرة ستجعلهم يفلتون من العقاب ويضاف إلى سجل لبنان في الإفلات من العقاب ملف جديد ليس أقل خطورة من ملفات الاغتيالات أو جريمة تفجير المرفأ.
اليوم، جديد القضية جاء من إعلان مكتب وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي عن تمكن قوى الامن الداخلي، نتيجة المتابعة الأمنية لحادثة الاعتداء على عدد من الشبان في بلدة المجدل قضاء جبيل، من توقيف كل من الشابين ش.ط. وش.ع.، ويتواصل العمل لتوقيف شخص ثالث ويدعى ط.ع. وأن التحقيق جار معهم على أن يتم تسليمهم إلى القضاء المختص.
وقد إعتبر رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى عبر حسابه على “تويتر” أن سرعة تحرك وزارة الداخلية والقوى الأمنية وإلقاء القبض على المتهمين باعتداءات التعذيب، أمر مهم، وذلك إنفاذا للقانون ودرءاً للفتنة. على أمل المتابعة بتحقيق شفاف والاقتصاص من المرتكبين. علما أن الجريمة حصلت في 19 حزيران ــ يونيو الجاري.
وكانت معلومات أمنية أشارت إلى أنَّ “المتورّط الأساسي في حادثة الاعتداء الوحشي يدعى “ش.ط”، ومعه عدد من الأشخاص عُرف منهم ثلاثة هم “ب.ع” و “ش.ع” و “ط.ع”، وجميع المتهمين من بلدة “مجدل العاقورة”.
وكانت القوى الأمنية أوقفت “ش.ط” إلا أنها أطلقت سراحه في اليوم التالي، لكن بعد الضجّة الكبيرة التي أحدثها إنتشار فيديو الاعتداء داخل الرأي العام، إستَدعت القُوى الأمنية المتّهمين مرةً ثانية إلا أنّهم تواروا فوراً عن الأنظار.
وكشفت المعلومات أنّ عمليّة التعّذيب بحقِّ الشُبَّان حصلت في بساتين الكرز التي كانوا يعملون فيها داخل منزل مهجور، وقد تواصلت عمليّة التعّذيب لمدة ساعتين متواصلتين.
وإتهم ناشطون سوريون في رواية ما حصل بإن أحد أهالي قرية “مجدل العاقورة” في قضاء جبيل، وبهدف التهرب من دفع أجورهم، اتهم عمال سوريين يعملون لديه في قطف الكرز بسرقة مبلغ 100 مليون ليرة ونظاراته الشمسية وهاتف، وقام الأخير مع عناصر بضرب العمال ضرباً مبرحاً على أجسادهم وإذلالهم بوضع حبات من البطاطا في أفواههم بعد نزع ملابسهم.
وحسب الفيديوهات بدت علامات الضرب واضحة على أجساد العمال الصغار وبينت الانتهاكات الكبيرة، التي صورها صاحب العمل، بهدف إرسالها إلى السوريين وقال وفق ما نقل عنه الناشطون: “ودوهون لكل السوريين بالمنطقة خليهون يشوفو شربل شو في يعمول”.
وقد عمل عدد من الشبان السوريين واللبنانيين في إجراءات مقاضاة الأشخاص الذين قاموا بضربهم وتعذيبهم، وحسب ما أفاد به المحامي محمد البعريني لـــ “موقع الحرة” إنه “قبل فترة اتصل شخص بأحد معارفه في عكار حيث طلب منه تأمين عمال لقطف موسم الكرز في أرض تعود لشخص يدعى شربل ط، وبالفعل توجه 14 عاملاً من بينهم ثلاثة لبنانيين من عائلة البعريني من بلدة فنيدق العكارية و11 سوري بينهم واحد مكتوم القيد من سكان العبدة، وأن العمال تفاجئوا باتهام صاحب المزرعة “شربل ط”، لهم بسرقة نظارته الشمسية ومبلغ مليون ليرة لبنانية، على الرغم من أنهم لا يملكون سيارة أو أي شيء لتخبئتها، ليبدأ وآخرون بتعذيبهم داخل غرفة موجودة في الكرم، وذلك في محاولة منه للتهرب من دفع حقوقهم”.
وأشار إلى تعرضهم لـ “ضرب وجلد وصعق بآلة كهربائية بعد رمي الماء على أجسادهم لا بل تم وضع حبة بطاطا في فم كل منهم”.
وبحسبه إنه “عندما علمت مخابرات الجيش في قرطبا بما حصل، حضرت مع بعض عناصرها حيث رأوا كيف تم ربط أيدي الضحايا، توجهوا لهم بسؤال حول ما إذا كانوا بالفعل قاموا بسرقة شربل، قبل أن يصطحبوا أربعة شبان سوريين منهم إضافة إلى صاحب الأرض لأخذ إفادتهم ليطلقوا بعدها سراحهم”.
وبعد عودة الشبان إلى منازلهم، لم يتحرك أحد لأخذ حقهم، فقطعوا الطريق أمام مخفر “العبدة” احتجاجًا، بينما رفع المحامي دعوى على شربل، وطلب النائب العام إحضاره وتوقيفه.
ننصح بمشاهدة هذا الفيديو من البالغين فقط