لبنان: استحقاقات داهمة.. ولكن…
حسين عطايا
تنشغل حاليا المنظومة برؤسائها وأحزابها وقادتها على اختلافهم، باستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة العهد الجديد، مابين الأول من أيلول- سبتمبر والثلاثين من تشرين الأول- أكتوبر من هذا العام، وكل منهم، يُمنّي النفس بحصةٍ وازنة من هنا، ووزارات دسمةٍ من هناك، ولكُلِّ منهم أهدافه ومشاريعه الخاصة .
لكن، غاب عنهم عمداً أو سهواً عن بالهم بأن استحقاقات الشعب الداهمة بغير مكان، وفي اختلاف الزمان، ففي الأول من أيلول- سبتمبر تبدأ أولى استحقاقت الشعب اللبناني، حيث هم المدارس الخاصة منها وأقساطها بـ”لفريش دولار”، والمخالف لقرارات وتعاميم وزارة التربية، أما المدارس الرسمية والغارقة مابين إضراب الملاك المطالبين بحقوقٍ وحقوق، لا تقدر عليها خزينة الدولة، وإضراب المتعاقدين وحقوقهم الضائعة والمهدورة أساساً، فيضيع العام الدراسي الذي يبدأ قصراً، عدا عن هم الطلاب اللبنانيين والذين يتحضرون للدراسة في الخارج، والذي يفتقدون لجواز سفر غير موجود أو “لفريش دولار” ضائع ومسروق في مصارف لم تكن على قدر المسؤلية، فأضاعت ثروات وودائه اللبنانيين ما بين غياهب البنك المركزي وموازنات الدولة اللبنانية، التي تغرق في الفساد من رأسها إلى أخمص قدميها، ومن كبيرها إلى أصغر من صغيرها .
عدا عن الجامعة اللبنانية الغارقة بهمومها الكثيرة وعامها الدراسي، وما يكتنفه من ضياع وأوهام وأحقاد تنبت على جنباتها لضربها وتقوية الدكاكين، والتي تُفرخ في الأحياء والحارات، مرضاةً لهذا النافذ هنا والزعيم هناك، وهي تُسوق لكليات وشهادات تُباع بالمزاد للطلاب الأجانب، وليس بعيداً عنها فضيحة السبع وعشرين ألف شهادة جامعية التي بيعت للعراقيين، وبالتالي تضرب مستوى التعليم الجامعي في لبنان .
هذا من ناحية استحقاق المدارس والجامعات، ويأتي الاستحقاق الثاني وهو شهر المونة، فهل لازال اللبنانيون قادرين على اقتناء تنكة زيت زيتون، أو غيرها مما تحتاجه العائلات اللبنانية من مونة منزلية لفصل الشتاء؟؟؟
كما أنه ليس بعيداً عن الاستحقاق الأهم والداهم للبنانيين في البقاع والجبال، والذين انتفت قدرتهم على توفير الحطب أو المازوت لزوم دفء فصل الشتاء وزمهريره .
هذا غيضٌ من فيض استحقاقات اللبنانيين المتروكون لقدرهم، فلا حكومة أصيلة أو تصريف أعمال تلتفت لهم، أو تنتبه لاستحقاقاتهم الداهمة ولا منظومة أو أحزاب قادرة على تجهيز ما يحتاجه اللبنانيين، خصوصاً أن بعض الأحزاب والتي كانت تقوم ببعض التقديمات ما قبل الانتخابات قد أوقفت تقديماتها في آخر شهر أيار- ماي من هذا العام بعدما انتهت الانتخابات ونجح من نجح وبالتالي انتفت حاجاتهم للناس ولأصواتهم، طالما الانتخابات القادمة ستأتي بعد أربع سنوات فلا حاجة للشعب وأصواته في الشتاء القادم أو الذي سيليه .
أمام كل ذلك، يترك اللبنانيون لقدرهم، فلا من يسأل ولا من يستجيب، طالما المنظومة مشغولة باستحقاقات الرئاسة الحكومة التي ستأتي بعد حين، ومشغولون بملفات بعيدة عن هموم الشعب وحاجاته، وبعضه يُمني النفس بترسيم الحدود البحرية لعل وعسى يستفيد من شركة هنا أو مؤسسة هناك أو توظيف الأزلام في هذا القطاع الواعد، والذي سيدر عليهم ذهباً أسوداً، قد يستفيدون منه في الآتِي من الأيام.