غادة عون في مسرحية فاشلة

غادة عون في مسرحية فاشلة

حسين عطايا

طرح حدث الأمس، بإقتحام القاضية اللبنانية غادة عون، مصرف لبنان المركزي، بحثا عن حاكمه رياض سلامة، تساؤلات عن توقيت هذه الزيارة للقاضية المقربة من أوساط قصر بعبدا، وعما إذا ذلك حق حقوقها وما هو القانون الذي استندت إليه في حركتها التي بات اللبنانيون يعرفون أهدافها ومن وراءها وإن تسترت بلباس قانوني ليتبين إنها مجرد مخالفات تضاف الى مخالفات العهد القوي في تطبيق القانون على ذوقه وخدمة لمصالحه.

بدا الواضح من الصورة خلافات اجهزة الدولة اللبنانية وسلطاتها، إذ قررت القاضية عون كعادتها القيام بحركاتها الاستعراضية والدخول عنوة الى مصرف لبنان، على الرغم من رفض قاض آخر اعطاء اشارة لجهاز امني لدخول أحد اهم مقار الدولة فخرجت عون التي كانت تريد القاء القبض على سلامة بخفي حُنين، ولم تنجح بمصادرة اجهزة وحواسيب على غرار تلك التي صادرتها من الشركة المالية التي كان يديرها المرحوم ميشال مكتف، ليظهر ان الصيد الثمين الذي وعدت بكشفه مجرد كلام بكلام، وما “الأفلام” التي تقوم بها إلا صورة عن هستيريا السلطة وإنحلال المؤسسات وسط الانهيار الشامل في لبنان على كل المستويات.

وكانت القاضية عون مع عناصر أمن الدولة فشلت في إيجاد سلامة بعد مداهمة منزله في منطقة الرابية حيث لم تجده، فانتقلت الى الحمرا حيث يقع مصرف لبنان بحثا عنه، غير ان القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش رفض اعطاء الإشارة لدخول عناصر امن الدولة الى مصرف لبنان. ونقلت وسائل الاعلام الحالة الهستيرية التي شهدتها أروقة مصرف لبنان حيث عمدت القاضية عون الى البحث داخل الخزانات والمكاتب عن حاكم المصرف وسط علامات الاستفهام والتعجب؟!

وعلى الاثر، اتخذ مجلس نقابة موظفي مصرف لبنان بالاجماع، قراراً “باعلان الاضراب والإقفال التام   لمدة 3 ايام ابتداءً من اليوم لإتاحة للعقلاء للتدخل حمايةً للمؤسسة.

من الواضح أن ما تقوم به القاضية عون هي ملاحقات غب الطلب، وفق أوامر طارئة تقحم السلطة القضائية اللبنانية في حرب النفوذ والهيمنة على القرار بين أهل الحكم ويجعل القضاء مطية وليس قضاءا مستقلا مهمته تحقيق العدالة خارج الحسابات السياسية، فما قامت به عون، تصرف خارج عن مألوف ممارسات القضاة ويمكن وصفه بـــ “البلطجة”، أي هو عمل استنسابي، فهي تنظر بقضايا بعينها وتبتعد عن قضايا أُخرى تحت شعار محاكمة الفساد، ليستفيد منها العهد الذي تخدمه، والأمثلة عن القضايا التي أهملتها كثيرة أبرزها الإخبار الذي تقدم به المحاميين مجد حرب وإيلي كيرلوس فيما يخص قضيتي الادوية الايرانية والقرض الحسن، لم تحرك القاضية عون ساكناً فيهما، وهو دليل على أن إنها تعمل في خدمة مصالح العهد ولا تهتم غالباً لقضايا الناس الحقيقية .

فيما قامت بمداهمة مصرف لبنان بالامس، وفي هذا مخالفة واضحة وصريحة تتعلق بخصوصية الصلاحية المكانية، حيث اقدمت على مُداهمة المصرف المركزي وهو أمر خارج صلاحياتها كونها هي نائب عام في جبل لبنان ولا إختصاص لعملها في بيروت.

الا انه وعقب محاولة قوة من أمن الدولة الدخول الى المصرف بعدما طلبت الاشارة من القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية بيروت رجا حاموش، لم تدخل هذه القوة، لكن النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون كانت حضرت الى المصرف وتمكنت من الدخول برفقة عدد من عناصر أمن الدولة ووصلت الى الطابق الموجود فيه مكتب الحاكم، ولم تدخله، وغادرت وقالت من محيط المصرف: “أتت إشارة من القاضي رجا حاموش لإخلاء المكان”.

ويشكل هذا التصرف دليلا واضحا على أن القاضية عون تُنفذ مداهمات غب الطلب ووفقاً لاجندة سياسية تخدم العهد وليس تنفيذا للعدالة او دفاعاً عن حقوق اللبنانيين او لإحقاق الحق في قضايا وطنية، وهذا ما اصبح معروفاً من قِبل جميع اللبنانيين، وسبق لها أن ارتكبت من المخالفات ما يزيد كثيراً وتمت إحالتها الى التفتيش القضائي، لكن بدا للجميع أن “واسطتها” ودعمها من قِبل أروقة قصر بعبدا أقوى بكثير من سلطات مجلس القضاء الاعلى أو من التفتيش القضائي  وهو دليل على الفساد الذي يُمارسه العهد وزبانيته من مستشارين ومقربين في سبيل التعمية عن الحقيقة، والذين يعملون دوماً لخدمة العهد وحلفائه .

وما حصل يُعد سابقة خطيرة في الجسم القضائي اللبناني، الذي لم تمر في تاريخه هكذا ممارسات وأعمال تمرد يقوم بها قاضٍ، ويُخالف قرارات مجلس القضاء الاعلى وقرارات مُدعي عام التمييز والذي يُعتبر رئيساً عن كل النيابات العامة في لبنان، وقد اظهرت  القاضية عون تمردها على سلطات المدعي العام التميبزي القاضي غسان عويدات في اكثر من ملف  .

والغريب العجيب بأن القاضية عون تُحرك ملف حاكم البنك المركزي رياض سلامة   كُلما تأزم وضع العهد بالسياسة، فتقوم بممارسات همايونية للفت الأنظار والتغطية على فشل العهد وممارساته .

بينما لم يراها اللبنانيون تقوم بحملات مُداهمة لمؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله، في ضاحية بيروت الجنوبية والتي تقع من ضمن صلاحياتها، بل اقدمت وفي تاريخ لم يمض كثيراً على هجمات منسقة إعلامياً، على شركة مكتف لنقل الأموال والتي تبين بأنها كانت مجرد أعمال “سلبطة وبلطجة” لا تمس للأعراف ودور السلطة القضائية بشيء وقد صدر قرار بتبرئة شركة مكتف من العديد من الإدعاءات التي استندت اليها غادة عون .

وتشكل ممارسات عون بوضوحٍ جلي عن مدى الإهتراء الحاصل بالمؤسسات اللبنانية وعلى رأسها القضاء والذي من المفترض أن يكون الحصن الحصين الذي يُدافع عن حقوق المواطنين بوجه الفاسدين وكل من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق الشعب والوطن، وهذا جزء من أزمة الحكم والعهد الحالي والذي بات على أبواب نهايته ليتنفس اللبنانيين الصُعداء من عهدٍ أضر بالوطن وأهله وأوصل الجميع الى قعر جهنم.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني