أوكرانيا: أسلحة في مهب الريح
باريس- المعطي قبال
ستعرف مرحلة ما بعد نزاع روسيا- أوكرانيا، تفاعلات أساسية أهمها إعادة بناء أوكرانيا، عودة اللاجئين، ترميم سيكولوجية المواطنين، تحريك عجلة الاقتصاد الأوكراني… لكن يبقى مصير الأسلحة التي أغدقتها بسخاء الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على أوكرانيا مشكلة المشاكل التي ستطرح بحدة لا فحسب على الدول المانحة لهذه الأسلحة بل على المجتمع الدولي.
وقد استبق الخبراء النهاية المحتملة للحرب، للمطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب نفس السيناريو الذي عرفته دول البلقان لما تحولت المنطقة عند نهاية التسعينات إلى بؤرة للتداول والاتجار بالسلاح بكل الأشكال والأحجام والعيارات. بعد أزيد من 5 أشهر على الحرب، نزلت إلى ميدان المعارك من الجانب الأوكراني مأت الآلاف من الأسلحة التي ستسقط حتما بين أيادي شريرة لتغذية قنوات التهريب في اتجاه الاتحاد الأوروبي حيث أثمنة الأسلحة، وبالأخص في الدول السكندينافية، جد مرتفعة.
وعلى الرغم من تسليم أمريكا وأوروبا لأوكرانيا أسلحة دفاع جد متطورة، فإن الرئيس زيلينسكي يستغل كل المناسبات للمطالبة بالمزيد من الأسلحة. وتشمل قائمة الأسلحة التي تسلمتها أوكرانيا إلى ألان، من السويد قاذفات AT4 المضادة للدبابات، فيما أرسلت بلجيكا 5000 بندقية من نوع FNC وأرسل البرتغال بنادق ألية G3 .
أما الولايات المتحدة فأرسلت 5500 صاروخ مضاد للدبابات و 1400 نظام ستينغر مضاد للطائرات و7000 سلاح خفيف.
أما فرنسا فقد سلمت مدافع سيزار المتطورة وصواريخ ميلان المضادة للدبابات.
يضاف إلى هذه الدول بلدان مثل اليابان، ليتوانيا، إستونيا، بولونيا، رومانيا وغيرها من الدول بلغ عددها 44 دولة.
من الصعب الوقوف عند الحجم الدقيق للأسلحة الممنوحة وذلك لأسباب سرية وأمنية. وصرح سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي أن الدول الغربية سلمت أوكرانيا 28.000 طن من الأسلحة أملا في إدامة الحرب واستنزاف روسيا…
من جهته أشار النائب البرلماني الفرنسي سيباستيان نادو بأن غياب الشفافية على مستوى العتاد الذي تم تسليمه لأوكرانيا يجعلنا رهينة لاستعمالات خبيثة لهذه الأسلحة مستقبلا. وإن كانت الدول الأوروبية موقعة لمعاهدة حول الاتجار بالأسلحة، فإن ذلك لا يؤمنها ضد المتاجرة والتهريب.
المعروف عن أوكرانيا بأنها، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تحولت إلى نقطة مركزية لتهريب السلاح. في بداية التسعينات ترك العسكر السوفياتي خلفه بأوكرانيا مجموعات هائلة من السلاح الخفيف من دون أية مراقبة، بلغت 7,1 مليون قطعة. وقد تم تحويل أو بيع هذا السلاح لاستعماله في مناطق ساخنة وبالأخص في الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن تعرف الأسلحة الأخيرة التي تلقتها أوكرانيا طريقها إلى سوق الخردة.
معطى آخر يثيره الخبراء ويتمثل في قرصنة روسيا لهذه الأسلحة وتسريبها في اتجاه أسواق الشرق الأوسط أو بيعها لمنظمات إرهابية وجهادية. قد يضع هذا الوضع الدول الغربية في ورطة وهذا ما تسعى إليه روسيا. أي رد هذه الأسلحة الغربية الصنع في وجهها. في هذه الأثناء، لا يكف زيلينسكي عن المطالبة بالمزيد من العتاد والسلاح!