قطبة مخفية في ترشيح نواب التغيير لسليم إدة؟
حسين عطايا
من دون عناء تفكير وتحليل ظهر جلياً وبوضوح خلال جلسة 29 أيلول ــ سبتمبر امس، بأن المعارضات البرلمانية والمنبثقة عن انتخابات أيار ــــ ماي الماضي من هذا العام، لم تتعلم الحد الادنى من دروس وملاحظات العمل البرلماني او السياسي، بل لا زالت تناور وتلعب في لعبة السياسة اللبنانية السيئة الصيت، والتي تُبنى على أساس مصالح ومحاصصات رخيصة ذات افق ضيق، وكأن البلاد تنعم برغد العيش ولديها متسعاً من الوقت للمناورة والصبيانية، ولم تصل بعد الى مرحلة النضج السياسي الذي يجعلها تقرأ المتغيرات العربية والدولية وما يحصل من متغيرات جذرية في المنطقة والاقليم ، ومما يُعانيه لبنان اصلا من ازمات قاتلة وفي وقت ضائع، حيث يتلهى العالم بالحرب الروسية الاوكرانية وما نتج وسينتج عنها من ازمات عالمية مستجدة على كل الصعد .
جاءت جلسة الامس التي كان قد دعى اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتؤكد بأن ارباب السياسة في لبنان والممثلين في البرلمان الحالي مُجرد هواة آتين من عالمٍ مضى، وحتى من حمل لواء الثورة والمعارضة يتلهون كصبية الازقة في الحارات القديمة الضيقة ويتنافسون على من قادر اكثر على المناورة واللعب .
ياسادة المعارضة، ثلاث وستون صوتاً ابيض تجمعوا كتلة واحدة ليقولوا نعم للفراغ، بينما المعارضات توزعت على ست وثلاثون صوتاً للنائب المرشح ميشال معوض نالها من كل من كتلة اللقاء الديمقراطي والكتائب والقوات اللبنانية وكتلة تجدد وبعض المستقلين، بينما احد عشر صوتاً من النواب التغيريين او مايحلو لهم ان يُسموا أنفسهم بنواب الثورة اعطوا اصواتهم لسليم ادة، وهذا الاخير لم يعمل في السياسة يوماً ولم يُعرب للحظة بأنه طامح لخوض غمار السباق الرئاسي، ولان في الامر قطبة مخفية لا أحد يعلمها سوى جهابذة النواب التغيريين ومن منهم في مقام المرشد، عليهم شرح الامر من أين وكيف ولماذا اعطوا اصواتهم الاحدى عشر لسليم ادة وماهو الهدف من وراء ذلك؟.
كان بالامكان لو أن الاصوات الاحد عشر صبت لميشال معوض بغض النظر عن أنه الاصلح او الاكثر قبولاً لمنصب الرئاسة، إنما كانت اظهرت موقفاً جدياً لقوى المعارضة بأنهم يُشكلون كتلة متراصة تستطيع الوقوف بوجه قوى الممانعة وعلى رأسها حزب الله فيما لو اراد ترشيح وانتخاب احد المنتمين الى حلفه ، كونهم يُشكلون ثُلثاً قادر على منع حزب الله وحلفائه من الوصول الى مبتغاه في إيصال رئيس من فريقه الممانع ، حتى ولو ادى بهم الامر الى المقاطعة وعدم اكتمال نصاب الثلثين لعقد الجلسة .
ولكن للأسف لعبة الحصص وفرز القوى لازالت تفرض نفسها في ساحة البرلمان المأزوم اصلاً نتيجة عدم وجود اكثرية واضحة متماسكة، بل كتلاً صغيرة متناثرة تتنازع الاكثريات .
إن ما حصل بالامس ، لهو درسٌ جيد سيستفيد منه حزب الله في البناء عليه في الجلسات القادمة مما سيتيح له الفرصة في ظل الانقسام الحاصل داخل صفوف المعارضات وكتلها المتضادة، بأن يقوم بدراسة واقعية عما جرى وسيبني عليها لايصال مرشح من صفوفه، في الدورة الثانية في حال انعقاد جلسة ثانية في المدى المنظور .
إن الذي حصل خلال جلسة الامس هو ضياع في رؤية المعارضات على الرغم من كل التوصيفات والمواصفات والمبادرات التي اطلقتها كتل المعارضة على اختلاف تسمياتها والتي سقطت في جلسة الاقتراع فتفرق المعارضين وتشتت صفوفهم كما هي العادة في كل استحقاق فخسروا وخسر لبنان السيد الحر المستقل معهم ، وخسر الشعب اللبناني معارضة برلمانية قوية تستطيع مجابهة مشروع الممانعة المتمثل بحزب الله ومحوره وما يُمثله من مشروع وصاية إيرانية على لبنان وسياسته وإلحاقه في محور الممانعة المتهاوي والمترنح اصلاً من سوريا واليمن والعراق وصولاً الى إيران وما يحصل فيها من تظاهرات على اثر مقتل مهسا أميني على يد شرطة الاخلاق الايرانية التابعة للحرس الثوري الايراني.