بعد خمس سنوات.. لا يزال مشوار “مي تو” طويلا
باريس- المعطي قبال
في الخامس من أكتوبر 2017 ، أطلقت الممثلة السينمائية أليسا ميلانو على شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاغ #metoo داعية النساء للتنديد بالعنف والجرائم الجنسية التي تعرضت لها العديد من الممثلات على يد منتج السينما هيرفي وينشتاين. بعد خمس سنوات على انطلاقة هذه الحركة النسوية، لا زال العنف ضد النساء في مختلف بقاع العالم سيد السلوكات. لا تمثل الإحصائيات المتوفرة بكل شفافية في الدول الديمقراطية سوى قطرة شحيحة في خارطة الضرب، القتل، وبقية الاعتداءات. إذ لا نعرف الحصيلة الدقيقة لما يقع في بلدان إفريقيا، أمريكا اللاتينية، العالم العربي وغيرهم من الدول التي تقع تحت سيادة الفحولية والباترياركية. لذا فإن ما يسمى بعولمة مي-تو ما هي إلا خرافة. ويبقى الحديث عن هذه الظاهرة حديثا عن التعديات، التحرشات والجرائم الجنسية في البلدان الغربية. في الوقت الذي تخرج فيها النساء بأوروبا، أمريكا في مظاهرات صاخبة دفاعا عن حقوقهن ورغبتهم في حياة بلا تعنيف، لا تجرؤ النساء في الدول اللاديمقراطية على الحركة مخافة من الأب، الأخ، الجيران والبوليس. لكن إرهاصات انفرادية بدأت تلوح في عدة بلدان ويعتبر هذا العامل من العناصر المشجعة.
بفرنسا، أشعلت الصحافية ساندرا مولير في الثالث عشر من أكتوبر 2017 ، عود ثقاب حارق لما أطلقت هاشتاغ في اسم «افضح الخنزير»، والخنزير كناية على المتحرش أو المغتصب الذي يجب فضحه. في سياق فضيحة المنتج الهوليودي هيرفي وينشتاين ، أرسلت مولير بسلسلة تدوينات على تويتر لم تلبث أن اتقدت كالنار في الهشيم حيث توالت الشهادات والاعترافات بلغت بعد عام على أولى التدوينات مليون رسالة . تلا النداء الذي وجهته ساندرا مولر هجومات عنيفة مضادة قادتها إلى القضاء قبل أن تبرئها المحكمة من تهمة القذف والوشاية. كانت بعض الممثلات أول من التحق بهذا النداء للبوح بما تعرضن له من طرف بعض رجالات السينما المتسلطين السلطويين. اليوم توالت الانفجارات في ميادين السياسة، الفن، الرياضة، الإعلام بتورط شخصيات نافذة في ميادينها. وتشير الإحصائيات التي نشرها بارومتر المجلس الأعلى للمساواة « أن امرأة من بين خمسة نساء تعرضت للاغتصاب أو كانت ضحية اعتداء جنسي ». الميزة الأولى هو تحرر النساء من عامل الخوف والحشمة في البوح بما تعرضن له من اغتصاب وتعديات جنسية أو تحرشات. هكذا أخذت الحركة عدة أشكال لتشمل شابات نشأن مع حركة مي-تو وتشبعه بأساليبها النضالية خصوصا وأن المرأة أو الفتاة تجد نفسها بلا سند أمام دولة غائبة. وتضطر إذ ذاك إلى قضاء معضم وقتها في ردهات المحاكم. علاوة على أن نسبة قتل النساء من طرف أزواجهن لم تتضاءل بالرغم من حركة مي-تو وبالرغم من خطابات السلطات، إذ قتلت السنة الماضية 122 امرأة على يد أزواجهن وذلك حسب الإحصائيات المقدمة من طرف وزارة الداخلية.
على أي تعتبر هذه الحركة امتدادا لحركة السبعينيات التي قادت إلى إضفاء الشرعية على الإجهاض عام 1975 وامتدادا أيضا لتجريم الاغتصاب عام 1980. لكن النضال النسوي لم ينتظر الحركة للإعراب عن نضال المرأة من أجل استرجاع حقوقها. ويرجع الفضل إلى الانترنت في تطور الحركة النسوية ولولا شبكات التواصل الاجتماعي وبالأخص تويتر، فايسبوك وإنستغرام لما تطورت بالشكل الذي عرفته حركة ميتو، بشتى أنواعها: #yesallwomen, #timesup, #noustoutes, #balancetonporc . لكن يلاحظ أن هذه الشبكات بدأت تغزوها كتابات وردود أفعال مضادة للنسوية ولمطالبهن. وكانت المحاكمة التي جمعت نجما هوليود، جوني ديب وزوجته السابقة أمبير هيد، مناسبة للدفاع عن جوني ديب مع شن حملة هوجاء ضد أمبير هيد. وقد تابع ملايين المعجبين والأنصار هذه المحاكمة على موقع تيك-توك وقد جاءت ردود الفعل عنيفة ومناهضة لزوجة ديب السابقة. هذه المحاكمة التي أطلقت عليها الصحافة الأمريكية حرب 2.0 فتحت الباب لخطاب مناهض للنساء وللنسوية. ويقف من وراء المنشطين لهذا التيار أنصار التيار التآمري، الرجعيون، جهاديو الكنسية المتطرفة المقربين من ترامب.
خمس سنوات في حياة حركة قدمت وغيرت الكثير في المعاش اليومي للنساء هو مشوار ليس بالهين. لكن تتهدد الحركة ردات رجعية قد تنكس ما أنجز إلى الآن خصوصا وأن هذه الحركة يجب أن تساعد نساء الجنوب على مقاومة السلطويات بما فيها الفحولية والباترياركية التقليدية.