أوروبا بين صقيع الشتاء وحرارة الصيف!
مدريد – عبد العلي جدوبي
يبدو أن الاجواء السياسية المسيطرة على أوروبا هذه الايام، تتأرجح بين تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وبين الاصطفاف بجانب رغبات المواطنين الأوروبيين، المطالبين من حكومات بلدانهم بالاهتمام أولا بالأوضاع الداخلية، قبل الاهتمام بأوكرانيا، والعمل على إيجاد مخرج لأزمة الطاقة، كي لا يقضي ملايين الأروبيين شتاءهم في البرد والظلام..
فألمانيا رفضت على لسان وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك، منح كييف المزيد من الأسلحة، مؤكدة أن بلادها منحت ما يكفي من الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا.. فيما يربط محللون القرار الألماني، وعدم إعلان بروكسيل عن مساعدة عسكرية جديدة لكييف، بسبب أزمة الطاقة الخانقة التي زادت في تأزم الأوضاع على أكثر من صعيد، ويعزز ذلك ما شهدته عدد من الدول الأوروبية من مظاهرات حاشدة منددة بارتفاع أسعار الطاقة، وتكاليف المعيشة .
عدد من السياسيين في تصريحات صحفية، يفضلون خيار الجلوس إلى طاولات المفاوضات مع روسيا وبحث أزمة الطاقة. في هذا الصدد قال زعيم حزب الليغا الايطالي، مايتوسالفيني بأن أروبا أخطأت في سياستها حين فرضت عقوبات على روسيا! وحسب استطلاع لمؤسسة يوكوف، فإن نسبة الامتعاض الشعبي في الأوضاع الاقتصادية في أوروبا ارتفع بشكل متسارع في كل من بولندا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا، يهدد باِندلاع اضطرابات اجتماعية خطيرة، وتخشى الحكومة الألمانية، من أن تتخد قوى اليسار واليمين المتطرفين هذه الأوضاع لتأجيج الرأي العام ضد الحكومة!
هذه الأوضاع جعلت الأوروبيين يعيشون حالة من التخبط، تتراوح بين خطط لفرض ضرائب جديدة على كبار شركات الطاقة في أوروبا، وبين زيادة في تكلفة الكهرباء على المواطنين، وصولا إلى إطفاء الأنوار ليلا في الميادين والمحلات التجارية الكبرى .
موسكو من جهة أخرى، اتحدت قرارها بخفض كميات الغاز الذي تصدره إلى أروبا، كسلاح تخفف عن نفسها الضغوط الناتجة عن العقوبات المفروضة عليها.
كل المؤشرات – حسب خبراء الطاقة – ترى أن أروبا حتى ولو قامت مجتمعة بكل الإجراءات الضرورية لمعالجة أزمة الطاقة، فإن الآثار الاقتصادية والاجتماعية، ستكون حاضرة ولا مفر منها، وأن أروبا بهذه السياسة تضع نفسها على شفا أزمة ركود تضخمي.. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية، المستفيد الأكبر على المستويين السياسي والاقتصادي، وستكون أزمة الطاقة في دو الاتحاد الأوروبي وانجلترا صفقة تجارية مربحة لأمريكا التي بدأت تجني بعض الثمار من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية..
أما روسيا فهي حسب نفس المصادر تتمتع الآن بوقف قوي على المدى القصير، فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، لكنها تواجه الكثير من المتاعب خلال السنة المقبلة، وعلى النقيض من ذلك فالولايات المتحدة الأمريكية، قد تعاني على المدى القصير من أزمة الطاقة – وقد تستعين بمخزونها – لكنها قد تحقق مكاسب كبيرة على المدى البعيد من هذه الأزمة، على كل المستويات والأصعدة .