نفط السودان.. ومجاعة السودانيين!

نفط السودان.. ومجاعة السودانيين!

 مدريد – عبد العلي جدوبي

وسط حالات العنف السياسي في السودان، ولعدة سنوات، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى فوضى في المؤسسات، وتفشي الفساد، وتزداد الأوضاع تعقيدا في الانقلابات العسكرية، وفي حدة الاحتقان السياسي بين المدنيين والعسكريين .

فمند انفصال جنوب السودان عن شماله العام 2012، والصراعات مستمرة بين الطرفين على الحدود، وغالبا ما تفضي إلى إطلاق النار مخلفة عددا من الضحايا، وكانت الحرب الأهلية التي استمرت اثنتى عشر سنة (1983- 1995) الأعنف من نوعها، ذهب ضحيتها أزيد من مليون قتيل، وفقا لتقارير منظمات حقوقية سودانية .

هذا ومن المفارقات أن السودان البلد الذي يسبح على بحيرات من البترول يعاني المجاعة، وأصبح قابلا للانفجار في أي وقت، ليس بفعل النزاعات المسلحة، ولكن بسبب حقول النفط التي ينام عليها السودانيين ويصحون كل يوم!

والأمر أصبح أيضا لا يقتصر على خبراء البترول فحسب، بل تعداهم أيضا إلى أهل الفكر الإستراتيجي والسياسي، فواشنطن ترى أن مايحدث في السودان اليوم “يهدد الأمن القومي الأمريكي”، وذلك في إشارة إلى الخوف من احتكار شركات غير أمريكية النفط السوداني، وهو ما عبر عنه صراحة أكثر من مسؤول أمريكي .

ويشير محللون سياسيون إلى  تزايد المؤشرات لبدء فترة من التحسن النسبي في العلاقات السودانية – الأمريكية بعد سنوات من التوتر، اتهمت خلالها الخرطوم بإنتهاج هذه الأخيرة لفكر “الإسلام السياسي” أسلوبا في تعاملها مع دول العالم، ودول الجوار العربي والإفريقي .

وتقول التقارير الواردة من العاصمة الأمريكية واشنطن أن جماعات الضغط المسيحي الرافضة لكل تسوية بين دولة السودان وجنوبه، لا تراعي فيها المصالح الاقتصادية الأمريكية، وتدفع الإدارة الأمريكية للعب دور مهم في تسوية المشكلة السودانية لصالحها، وعينها في ذلك على مستقبل النفط السوداني !

من هنا جاء الاهتمام الأمريكي بالسودان شماله وجنوبه، باعتباره أرضا بكرا تزخر بالثروات البترولية والمعدنية خاصة بإغراءات النفط . فالبلاد تسبح على بحيرات نفطية مهمة، إضافة للاكتشافات الضخمة في الجنوب وتحديدا في منطقة (كايا) أغنى مناطق السودان بالبترول والتي قدرت احتياطاتها بـ: 5 ,3 مليار برميل.

وحسب التقارير، فإن هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب السودان تحتوي على كميات كبيرة من اليورانيوم الذي يستخدم في صناعة القنابل النووية، وتخشى واشنطن من انتقال مادته هذه إلى الجماعات الأصولية في العديد من بؤر التوتر !

ظهور الذهب الأسود

في العام 1974 بدأت علاقة واشنطن بنفط السودان في الظهور إلى العلن، حيث حصلت شركة (شيفرون) الأمريكية على حقوق امتياز التنقيب. وأعلنت في العام 1976 عن اكتشافها للغاز والمكونات النفطية الخفيفة بمنطقة البحر الأحمر، وفي العام 1980 قامت بحفر بئر الوحدة وبحفر 90 بئرا آخر وكانت ثلاثون منه مشجعة، لكن الشركة الأمريكية قامت بعد ذلك بتجميد جميع أعمالها لأسباب أمنية، تتعلق بأندلاع التمرد المسلح في العام 1989.

وخلال ثمان سنوات ظلت الآبار مغلقة، إلى أن قامت شركة كونكورب بتنظيف الآبار، وأقامت فيها محطات التوليد الكهرباء، وأعادت تشغيل المصفاة، وتدفقت الكميات الأولى العام 1996، ثم ازداد الإنتاج بعد ثلاث سنوات ليصل إلى مليون برميل يوميا تستهلك منه كمية محليا، ويصدر الباقي إلى الخارج.

أمريكا المهتمة كثيرا بالسودان وبمشاكله، ومتابعة عن كثب كل ما يدور في هذا البلد، ليس من أجل عيون السودانيين، بل من أجل آبار البترول الجيد عالميا، والمتدفق بغزارة، ومن أجل معادن الذهب والفضة والمنغنيز المنتشرة في كل ربوع السودان.

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي