بعد “داعش” هل تستثمر إيران في الدم الفلسطيني لقمع الانتفاضة؟
حسين عطايا
مع كل إشراقة صباح تتراكم أزمات إيران وتتفاقم أزماتها السياسية والأمنية والاقتصادية يوماً بعد يوم، مع توسع رقعة التظاهرات على المساحة الجغرافية الإيرانية، وانضمام قطاعات جديدة للثورة، وفشل السلطات القمعية الإيرانية في وقف التظاهرات على الرغم من الضغط بشتى الوسائل على المحتجين، حتى إنها إستقدمت “داعش” وإرهابها لعل وعسى يرتعب الثوار ويخافون فيخرجون من الشارع والساحات وتعود للمدن والجامعات الايرانية هدوئها وتتنفس منظومة الحكم الإيرانية الصعداء وتُنزلُ عن كاهلها أزمة خطرة بحجم ثورة .
لذا، ومع تعاظم المخاطر المُحدقة بالنظام الإيراني هناك خشية من أن يدعو النظام الإيراني أذرعته الممتدة من اليمن، العراق، سوريا ولبنان وبالطبع غزة في فلسطين .
ولكن هذا الخيار ليس سهلا في كل الساحات كما كان من قبل، فساحة اليمن محدودة الحركة، بعدما دخلت الهدنة بين الحكومة الشرعية والانفصاليين الحوثيين ومُددت واليوم وإن اصاب تلك الهدنة بعض التراخي نتيجة عدد من الخروقات من قِبل الحوثيين، إلا أن جبهات القتال لا زالت دون درجة الاشتعال التي سبقت الهدنة .
اما في لبنان، فجبهة الجنوب ونتيجة توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية برعاية امريكية، فدخلت في هدوءٍ طويل وأصبح حزب الله في حالة تراخي على جبهة الجنوب لا بل مُلتزمٌ التهدئة، فهو دخل في شراكة مع إسرائيل ولا يستطيع بسهولة التخلي عما حققه من مكاسب في السياسة والاقتصاد على الساحة اللبنانية، عدا عن الإمساك بالورقة اللبنانية في خدمة إيران على طاولة مفاوضات النووي، واليوم قد تكون هذه الورقة إما مُعطلة بإرادة ايران او بسبب الكلمة العليا الامريكية والتي فرضت إرادتها في إلزام الأطراف في لبنان وإسرائيل التهدئة القسرية الجبرية عليهما .
في سوريا، بسبب الوجود الروسي وإن كان قد خفف من عديد قواته بعد اندلاع الحرب الروسية ــــ الاوكرانية، إلا أن الإلتزام الروسي بأمن وأمان إسرائيل هو أولوية لازالت مفروضة على الأفرقاء، وممنوع أي عمل جدي يؤذي او يُحرج إسرائيل على الرغم من الحرية المطلقة الممنوحة لسلاح الجو الاسرائيلي في قصف ما يراه ضرورياً من مواقع أو قوافل لنقل الاسلحة وتحزينها لاسيما تلك التي تُسبب قلقاً للقادة الاسرائيليين او قد تؤدي لإلحاق ببعض الأضرار في إسرائيل أثناء نشوء أي حرب قريبة او في المستقبل .
من هنا، لا يبقى سوى الخاصرة الرخوة والأضعف، هي في قطاع غزة حيث حماس والجهاد الاسلامي أدوات إيرانية جاهزة وغب الطلب للتضحية بالدم الفلسطيني، والذي تعود أن يدفع الثمن وعلى مدى جولات كثيرة لكي تكسب إيران في فيينا أو مسقط أو الدوحة في الوصول الى بعض النقاط التي تؤهلها في الفوز بالعودة للإتفاق النووي والذي حصلت عليه إيران في العام ٢٠١٥ في زمن الرئيس الاميركي الأسبق باراك أوباما وتم الغائه من قبل الرئيس الامركي السابق دونالد ترامب .
من هنا يأتي الخوف اليوم من ان تقوم إيران بإشعال جبهة غزة للتفرغ للعمل في داخل ايران، تستطيع من خلاله إبعاد التركيز الاعلامي والدولي عن الساحة الإيرانية والهاء العالم بما سبجري في غزة ـــ فلسطين، وبذلك تستثمر إيران بالدم الفلسطيني، لتقمع الثورة الايرانية وحتماً سيشتد قمع النظام ويقسو يوما بعد يوم، مما سيساهم بسيل الدم الايراني في ساحات ومدن وجامعات ايران في ظل طغيان إسرائيلي في استهداف غزة ــــ فلسطين، وبذلك يكون الاستثمار الإيراني مُربح على الساحة الداخلية فيرفع بعض الضغط نتيجة إستباحة المدن والساحات وإجبار المنتفضين في إيران في الخروج من الشارع وعودتهم الى منازلهم .
هذا الامر قد يحدُث وقد لا تستطيع إيران الربح وبالتالي تزداد أزماتها اكثر فأكثر .
<
p style=”text-align: justify;”>