معصومة إحتشام لــ “السؤال الآن”: غضب الإيرانيات يشعل ثورة الحرية ويذكي كراهية الشعب للنظام
فاطمة حوحو
عندما قتلت الشابة الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق انطلقت صرخة النساء الايرانيات في إنتفاضة رائعة اتسعت لتشمل مناطق وقطاعات عدة، كان شعار “امرأة، حياة، حرية”، يصدح ونزع الحجاب وقص الشعر يوحي بثورة لرد الروح، ومنذ ايام خرجت نساء زهدان للتعبير عن احتجاجهن أيضا ضد النظام وحكم المرشد هاتفات “بالحجاب أو بدونه، هيا إلى الثورة”.
بدا دور النساء لا سيما الفتيات الجامعيات والمبدعات في شتى الميادين المهنية والثقافية والفنية والرياضية في هذه الانتفاضة، بارزًا جدًا، وهو ما اعترفت السلطات ووسائل الإعلام التابعة للنظام مرارًا وتكرارًا، كما حاز على تصدر إهتمامات الاعلام العالمي.
وأثارت إحتجاجات النساء الإيرانيات وحضورهن المميز والجرىء الإعجاب بعزمهن على المواجهة وعلى تغيير واقعهن الذي لم تعد قوانيينه المفروضة سوى قيود تكبل حريتهن وتمنع عنهن الحياة بكرامة.
تعيد عضو لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية معصومة إحتشام في حديث لـــ “السؤال الآن” أن هذه الظاهرة ليست بنت الحظة بل داءت “نتيجة 43 عامًا على الأقل من الغضب والكراهية المتراكمين”.
وتشير إلى إنه “للمرأة الإيرانية منظماتها وتشكيلاتها الخاصة. ولدى المجلس لجنة تنظم الأنشطة. ولكن بالنسبة إلى الانتفاضة، وبسبب الظروف الأمنية والأجواء الخانقة التي خلقها الملالي، فإن هذا التنظيم سري، ويتم تنظيم فتيات ونساء الانتفاضة ومراكز الانتفاضة التابعة للمقاومة الإيرانية الذين يلعبون حالياً الدور القيادي في العديد من التحركات”.
وتركز على ان “الغرض والهدف من وحدات المقاومة هو تمهيد الأرضية للثورة ولإشعال الانتفاضة وزيادة راديكاليتها والتحضير للخطوات التالية. وفي النهاية يتحدون ويوسعون نشاطاتهم ضمن الجغرافيا الإيرانية لتمهيد الطريق لتحرير المدن المنتفضة”.
وتحيلنا إحتشام الى شهادة احدى الناشطات في كردستان تدعى تقول نرجس التي تصف التحركات قائلة: “لا يقتصر نشاطنا في إيران على مدينة معينة، فهناك أنشطة في جميع مدن وقرى إيران. لكن الاختلاف هو أنه في المدن الكبرى، ولأن وسائل القمع الحكومية أقل بسبب حجم المدينة، فهي أكثر وضوحاً”
وتضيف: “من مدينة زاهدان في محافظة سيستان وبلوشستان إلى قزوين ورشت وأذربيجان، تعمل وحدات المقاومة في كل مكان. ولا تقتصر المشاركة على طبقة معينة في المجتمع، بل تنتشر من جميع الطبقات، حتى بين الشباب والمدرسين والمتقاعدين والطلاب، إلخ”.
وتوضح نرجس إنه “عندما يتم نشر فيديو هذه الأنشطة في الفضاء الافتراضي، يمكنك رؤية أبعاد هذه الأنشطة في المجتمع، مثل نشر اللافتات وبث شعارات الثورة والإطاحة بالنظام في المناطق المزدحمة مثل أسواق المدينة، ودعم أمهات شهداء مجزرة عام 1988 (التي أعدم نظام الملالي فيها 30 الف سجينا سياسيا، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق) وزيارة ولقاء ودعم أمهات الشهداء ومساعدتهن على الصمود في طريق التقاضي الشهداء ومساعدتهن وتشجيعهن على الاستمرار في حركة التقاضي وعدم نسيان هذه القسوة والوحشية العظيمة التي حدثت في مجزرة عام 1988 بحق أبنائهم)، والتحدث إلى الناس عن برنامج السيدة مريم رجوي المكون من 10 نقاط لإيران حرة بعد الإطاحة بالملالي، بالإضافة إلى أنشطة أخرى واسعة النطاق”.
وتلفت نرجس إلى ان “قبول الناس وإقبالهم على المشاركة في النشاطات وخاصة الشباب منهم مرتفع جدا لأن نشاطهم يكسر جو ومناخ الاختناق والخوف بين الناس”.
وتوضح نرجس إنه “قبل أيام، عندما أحرقت وحدات المقاومة في مدينتنا صورة القائد الإرهابي قاسم سليماني (ولن أقول اسم مدينتنا لأسباب أمنية)، كان الناس واقفين. ولم يكتفوا بالمشاهدة فقط، لكنهم كانوا سعداء جدًا، وكنت حاضرًة شخصيًا هناك، حتى سأل بعض الناس، متي سيحين دور الصورة التالية وأين سيكون موقعها؟ وقالوا إن هناك صورة للخميني في ساحة أخرى في المدينة ، وربما تكون الصورة التالية للحرق، لذا يجب أن نذهب إلى هناك لرؤيتها”.
وتقول: “يرحب الناس بهذه الأنشطة مثل حرق صورة القائد الإرهابي قاسم سليماني وخميني وخامنئي. والآن، عندما تدخل مخبزًا أو تكون في سيارة أجرة في المدينة، يرى الناس علانية أن السبب الرئيسي لتدمير إيران وارتفاع الأسعار والتضخم وكل شيء هو خامنئي فقط، وردهم المباشرة يكون “لعنه الله”.
سقط العديد من الشهيدات وتم سجن الكثير من الفتيات فهل هناك احصاء ومتابعة لا وضاع السجينات؟ تجيب إحتشام: “الحقيقة أنه في إيران، بسبب حكم نظام ديكتاتوري قمعي الذي خلق جو من الرقابة والاختناق، من الصعب جدًا إعطاء إحصائيات دقيقة عن عدد الشهداء والسجناء. اعتقل النظام وسجن وقتل الكثيرين لتصويرهم وتوثيقهم لجرائمه وجمعهم معلومات عن الشهداء والسجناء. ورغم كل القيود، وبحسب الإحصائيات التي تمكنا من جمعها، استشهد حتى الآن في هذه الإنتفاضة المستمرة، 660 شخصًا على يد نظام الملالي، وتمكنا من الإعلان عن أسماء وتفاصيل 545 شخصًا فقط، ومن بين هؤلاء الأشخاص الذين تم تسجيل أسمائهم، هناك 54 شابة وفتاة. كما يوجد عدد كبير من السجينات السياسيات في سجن إيفين وسجن قرشك وسجون المدينة، بما في ذلك سجن سبيدار في الأهواز وسجن سمنان. طبعاً وضع النساء في هذه السجون مريع جداً لأنه كما قلت النساء مضطهدات بشكل مضاعف ونتيجة لذلك يحاول نظام الملالي جعل الاوضاع اللاإنسانية للسجينات أكثر سوءاً”.
وعن مطالب المرأة الايرانية وهل هي خاصة ام عامة، تقول: “يجب أن أوضح أولاً أن الديكتاتورية الدينية لولاية الفقيه التي تحكم إيران هي نظام مناهض للحرية في جميع المجالات، مناهض لحرية الفكر وحرية التعبير، ونظام مناهض للمرأة. أي أن هذا النظام معروف بسمتين مميزتين: مناهضة الحرية وكراهية النساء. ونتيجة لهاتين السمتين، تعرضت المرأة لأكبر قدر من المعاناة والضغط والتمييز، مما يعني أن المرأة تعاني من اضطهاد مزدوج في ظل هذا النظام.”
وتؤكد “النساء الإيرانيات، مثل الرجال، يرغبن في الحصول على هوية إنسانية خاصة بهن ورغباتهن هي الحرية، والمرأة تريد أن تختار حياتها، كيف تفكر، ما تصدق أو لا تصدق، كيف تلبس، أين تسافر، ما الوظيفة التي يجب أن تعمل بها، هذه أشياء لا وجود لها تحت حكم الملالي في إيران. لقد طرحت النساء هذه المطالب بطرق مختلفة لسنوات، لكنهن لم يصلن أبدًا إلى أي نتيجة، والآن توصلن مع الرجال إلى استنتاج مفاده أنه لا توجد طريقة أخرى لتحقيق هذه المطالب. وإذا أزالوا هذا النظام، الذي هو العقبة الرئيسية، وأطاحوا به، فلن يتمكنوا من استبدال حكومة شعبية ديمقراطية ووطنية إلا بإسقاط هذا النظام”.
ماذا عن نشاط النساء الايرانيات في الخارج لا سيما النخب النسائية من الشهيرات والمعروفات من فنانات ومثقفات وممثلات وبطلات رياضة مثلا؟
ترد إحتشام: “تنشط العديد من النساء خارج إيران ويقمن بنشاطات مختلفة، من بينها الكشف عن انتهاك الحقوق الأساسية للمرأة الإيرانية على المستوى العالمي. وترتبط نشاطاتها بالنساء الإيرانيات الناشطات في مختلف البلدان وكذلك منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والمنظمات غير الحكومية. كما يتم التواصل مع الممثلات والبرلمانيات والمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة، ونحن ننشر تقارير سنوية عن وضع المرأة في إيران، وبالإضافة إلى نشرها على موقع لجنتنا على الإنترنت، فإن هذه المعلومات متاحة للجنة المرأة والهيئات الأخرى. الى ذلك نعمل من أجل تعزيز مساواة المرأة في جميع المجالات القانونية والاجتماعية والسياسية، ومن أجل حريات وحقوق المرأة في إيران الغد”.