مشروع إصلاح نظام التقاعد وفصل الشتاء الساخن الذي ينتظر فرنسا
باريس – المعطي قبال
هل ستنهض المعارضة النقابية والسياسية والطلابية في وجه مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي عرضته بالأمس رئيسة الوزراء إليزابيث بورن؟
المؤكد أن المعارضة بمختلف أطيافها اتفقت على خوض الإضرابات في القطاعات الحيوية مثل الوظيفة العمومية، الطاقة، النقل الخ.. والخروج إلى الشارع للتظاهر والاحتجاج يوم الخميس القادم، ضد مشروع تعتبره مجحفا ولا إنسانيا يخدم الباترونا والأثرياء. ولأول مرة منذ 12 عاما ستتظاهر النقابات الثمانية جنبا إلى جنب. وسيكون الشارع حكم المبارة التي ستجمعها مع الحكومة ممثلة في قوات الأمن. لذا أطلق البعض على مشروع الإصلاح هذا تسمية «أم المشارع». في نظر التجمع النقابي الموحد، تجاوزت الحكومة الخطوط الحمر وعليها ان تراجع موقفها وإلا قد تزج بفرنسا في فصل شتاء ساخن سياسيا يترجمه شلل لحركتها الاقتصادية والاجتماعية.
بموجب هذا المشروع، تم تحديد سن التقاعد في 64 بدل 62 سنة حاليا والذي سيدخل حيز التنفيذ تدريجيا من الآن إلى غاية 2030. يهم المشروع مليونين من المتقاعدين حاليا وبقية المتقاعدين مستقبلا. هذا المقترح من شأنه الدفع بملايين العمال الذين يشغلون مهنا وحرفا صعبة إلى التمديد في مدة الشغل مما يعني تدهورا لحالتهم الصحية، تعرضهم لأمراض جسمية ونفسية، مع تحمل الأعباء المادية المتمثلة في المساهمة المادية على خلق التوازن في ميزانية الضمان الاجتماعي. تلك المساهمة التي قد تعفى منها الباترونا. هذا ما ترفضه المعارضة مدعومة بأغلبية 80 في المائة من الفرنسيين الذين يرفضون هذا المشروع.
هكذا خسرت الحكومة الفرنسية معركة الرأي العام. انتبه ماكرون إلى أهمية هذه المعركة ولاستمالة الفرنسيين، دعا الحكومة إلى شرح وتفسير المشروع على نطاق واسع والدفاع عن «مشروع حيوي وضروري» حسب عبارته. ستتم المواجهة إذا في 19 يناير قبل أن يعرض المشروع خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 23 من يناير. ستكون الحكومة حينذاك قد أخذت مقياس حرارة الشارع الفرنسي. هل سيدفعها إلى التراجع عن مشروعها خلال عملية لي الذراع التي ستخوضها مستقبلا أم ستتشبث بموقفها وتدير ظهرها إلى النقابات والشارع الفرنسي؟ هذا مع العلم أن حكومة ماكرون تواجه عدة مشاكل في قطاع الصحة، الطاقة، التعليم، البيئة وأنها مع مشكل التقاعد قد تمشي على رجل واحدة!