إيران على خط الوساطة اللبنانية الداخلية
.أحمد مطر
مع انسداد أفق الحل في الانتخابات الرئاسية اللبنانية وتمترس كل فريق عند مواقفه، يبدو واضحا إصرار حزب الله وحركة أمل، على مبدأ الحوار الذي يعتبرونه مدخلاً للحل، لكن في المقابل يواجه الفريق الآخر هذا الأمر بالرفض لأسباب قد تتباين بين جهة وأخرى، لكن تبقى النتيجة واحدة .
وهذا الواقع يطرح السؤال عما يعول عليه الطرفان في ظل الانقسام العمودي للمواقف من هذا الحوار، إذا عقد، وذلك مع إقرار الجميع بأن انقسام البرلمان يجعل كل فريق عاجزاً عن إيصال مرشحه، وهذا الأمر عاد
حزب الله يشدد في تصريحات قادته على أنّه لا فائدة من انتظار الخارج ويدعو مع رئيس البرلمان نبيه بري الى الحوار في الداخل من أجل التوافق على اسم الرئيس، ويجزم بأن إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي في الموضوع الرئاسي وتطلب من الدول التي تراجعها في شأن الاستحقاق أن تتحدث إلى أصدقائنا أي الحزب، وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه ، طالما أن حزب الله يصر على العودة إلى الحوار للخروج من المأزق الرئاسي، فلماذا يصر على دعم مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ما يثير شكوكاً جدية بنوايا الحزب. وهذا أمر مثير للقلق، من أن يكون الهدف من ذلك وضع الجميع أمام الأمر الواقع الذي قد يدفع إلى انتخاب مرشح الحزب للرئاسة الأولى .
والسفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني يزور الرئيس السابق العماد ميشال عون من أجل دعوته إلى تقريب وجهات النظر لانتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت، فيما الحديث تناول تقريب وجهات النظر بين الحليفين حزب الله والتيار الوطني الحر. أي أن إيران تدخل على خط معالجة الخلاف بين الحليفين حول سعي الحزب إلى ضمان انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية .
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يؤكد أن إيران لا تتدخل في الاستحقاق الرئاسي، ويدعو الفرقاء إلى عدم انتظار الخارج، فيما تلفزيون المنار يتحدث عن تفكير بدعوة إيران إلى الاجتماع الرباعي الذي يضم مستشارين ودبلوماسيين مكلفين بملف لبنان في كل من فرنسا والسعودية وأميركا وقطر، المنتظر في باريس لبحث أزمة الفراغ الرئاسي، وهو ما فهمه بعض المراقبين على أنّه رسالة عبر بث هذا الخبر بأن بحث الدول الأربع لملف الرئاسة غير مفيد من دون اشتراك طهران لكن هذا الأمر غير وارد عند الدول المعنية، حتى أنّ الاجتماع لم يكن قد تأكد بعد .
في الخلاف بين حزب الله والتيار الحر حول تمسك الأول بترشيح فرنجية، والذي كان التباعد في الموقف من دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مجلس الوزراء إلى الانعقاد امتداداً له يؤكد قادة الحزب أنه قابل للمعالجة ويتحدثون عن التواصل قريباً في هذا الصدد، فيما أوساط قيادة التيار تنفي حصول أي تواصل ، معتبرة أنه مع فرضية حصول لقاءات لبحث الخلاف، هناك صعوبة في التوافق على الرئاسة الأولى لأنّ أجواء القيادة والجمهور العوني صارت في مناخ آخر، بعدما ظهر لدى هذه القيادة وهذا الجمهور أن لدى الحزب رأياً يعمل على فرضه .
فيما جدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضه للحوار الذي دعا له مرتين رئيس مجلس النواب نبيه بري، معتبراً أن الحوار الرسمي يتم في مجلس النواب بين دورة ودورة، وليس إلى طاولة حوار غير دستورية تبعد التركيز عن دور المجلس النيابي في انتخاب الرئيس وتأخذه إلى مكان آخر الهدف الوحيد منه التغطية على من يعطل انتخابات الرئاسة الأولى .
المطلوب من رئيس مجلس النواب لدى دعوته الجديدة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية أن يبلغ جميع الكتل النيابية سلفا بأنه لن يقفل الجلسة، وأن هذه الكتل مدعوة إلى البقاء في المجلس من أجل أن تتحاور وتتناقش ما بين دورات الانتخاب المتتالية، وأنه سيبقي الجلسة مفتوحة ليس فقط بين دورة ودورة فحسب، بل بين يوم وآخر وهكذا دواليك حتى انتخاب رئيس للجمهورية
وفيما يعتبر القوات أن طاولة الحوار هذه غير دستورية، يؤكد حزب الكتائب اللبنانية أنه لا يرفض الحوار بالمطلق، لكنه يشدد على ضرورة أن لا يكون بديلا عن جلسات الانتخاب، وفق ما تقول مصادر قيادية فيه وتضيف: مسار الانتخابات الرئاسية الدستوري واضح، وبالتالي لا مشكلة إذا عقد الحوار إلى جانب استمرار جلسات الانتخاب على أن تكون محصورة بها وترك المواضيع الأخرى إلى مرحلة لاحقة أي أن لا تكون بديلا عن الجلسات. لكن تلفت الكتائب في المقابل، إلى أن الحديث عن الحوار لم يكن بشكل رسمي ولم يتم توضيح مساره والمواضيع التي ستطرح على طاولته. وتؤكد عندما يتم إيضاح كل هذه الأمور عندها يبنى على الشيء مقتضاه .
واستناداً إلى التجربة التي مرَّ بها لبنان خلال السنوات الست الماضية، فإن مصادر في المعارضة تجزم بأن لبنان سيبقى دون رئيس للجمهورية، إذا لم ترفع اليد الإيرانية عنه. أي أن طهران هي التي تمسك بقرار انتخاب رئيس جديد للبنان. وطالما أنه لم يبدل الإيرانيون في مواقفهم، فإن الحراك الخارجي، ولا حتى الداخلي، قادر على إحداث خرق في الجدار. وقد ظهر بوضوح أن الإيرانيين يريدون التفاوض مع الخليجيين والغرب بشأن الملف اللبناني. وحتى الآن لا يبدو أن المجتمع الدولي بصدد إجراء مفاوضات مع طهران في ما يتصل بالانتخابات الرئاسية في لبنان. ومعنى ذلك بوضوح، أن الأفق مقفل ولن يحصل أي تقدم على صعيد الاستحقاق الرئاسي في لبنان .
ختاماً لا خروج في الأفق من الأزمة لأن صانعيها يتمسكون بمواقعهم ومواقفهم التي قادت البلاد إلى الفساد والكساد والانفجار والانهيار وانحلال الدولة في عملية واعية ومدروسة على مدى سنوات، جديرة أن تروى في كتاب أو شريط وثائقي .