ما هي نوعية علاقة حزب الله بالولايات المتحدة؟
سمير سكاف
ترتفع لهجة تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضد الولايات المتحدة من حين لآخر. ولكن بين الظاهر والمخفي في علاقات حزب الله ب “الشيطان الأكبر” مسافات كبيرة. ويكفي معالجة العلاقة الظاهرة لتكوين فكرة واضحة عن نوعية هذه العلاقة! وذلك، من دون الاعتماد على أي معلومة من الوثائقي الفرنسي الأخير، الذي يتهم الولايات المتحدة وفرنسا بغض النظر عن تمويل حزب الله لأنشطته بتهريب المخدرات وغيرها. ومن هذه الملاحظات، على سبيل المثال، الأمور التالية:
1 – يدفع حزب الله لعسكره وعناصره، كما يتمّ التداول، بـ “الفريش دولار”… الأميركي!
2 – أعطى حزب الله دولة العدو الاسرائيلي عبر الولايات المتحدة أكثر مما “تحلم”! فهو دفع وغطى ترسيم الحدود البحرية، بالتخلي عن حقل كاريش الغازي (الذي بدأ ينتج ويبيع) والخط 29 و 17% من انتاج حقل قانا، إذا ما تبين أن هناك غاز في قانا… بعد سنوات! من دون حتى اللجوء الى التحكيم في الأمم المتحدة!
3 – قام حزب الله عبر الولايات المتحدة بالتطبيع الفعلي مع دولة العدو، حتى ولو كان الرفض ما يزال معلناً “لفظياً” على الأقل. فالاتفاقات المكتوبة الدولية التي وافقت عليها الدولة اللبنانية، بعد موافقة حزب الله، تنص صراحة على تعابير “دولة اسرائيل”!
4 – حزب الله وإيران والولايات المتحدة هم رفاق في السلاح عبر ثلاثية الحزب الذهبية. فسلاح حزب الله إيراني وسلاح الجيش أميركي. وهذا السلاح الأميركي للجيش يسهم في الدفاع عن مناطق وبيئة حزب الله!
5 – إن حجم العقوبات الأميركية على حلفاء حزب الله صغير جداً بالنسبة لحجمهم ولتأثيرهم. فالرئيس نبيه بري هو الوسيط بين الحزب وبين الولايات المتحدة. ولم تمسه العقوبات، كما لم تمس هذه العقوبات الوزير سليمان فرنجيه! بل اكتفت بمعاقبة رجالهم من الصف الثاني!
6 – حزب الله هو شريك في كل الحكومات التي تتعاون مع الولايات المتحدة مباشرة.
7 – يتوافق حزب الله مع الولايات المتحدة في عدم وجود إرادة للوصول الى الحقيقة في قضية تفجير المرفأ وتفجير بيروت. فالولايات المتحدة لم تقدم أي عون جدي في التحقيق، والحزب يضغط بكل قواه لتعطيله وتضييع الحقيقة! وهذا يعطي مؤشرات لكيفية حدوث التفجير!
8 – تشير كثير من المعلومات أن حزب الله يجمع الدولارات من الأسواق اللبنانية (حوالى 4 مليار دولار سنوياً) وإرسالها إلى سوريا وإيران لكسر حصار العقوبات المفروض على كل منهما!
9 – لم يضع حزب الله فيتو على التجديد الأخير لرياض سلامة، المحسوب أميركياً! على الرغم من كيل الاتهامات له! وبمعزل عن الأحاديث الأخيرة التي تقول بعلاقة جدية وجيدة في الخفاء بين الحزب وبين الحاكم! وقد لا يضع “الحزب” فيتو في درب التجديد له قريباً!!!
10 – الولايات المتحدة، عبر حليفها الفرنسي، قامت، وباسم المجتمع الدولي باختيار حزب الله على حساب الشعب اللبناني، بتعويم الطبقة السياسية في لبنان في وجه ثورة الشعب! فقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاجتماع بأركان الطبقة السياسية، وعلى رأسهم حزب الله، واعتمدهم ممثلين للشعب متجاهلاً ملايين الناس التي واجهتهم في الشارع! ولم تدعم الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي ثورة الشعب، على الرغم من كل الاتهامات غير الصحيحة بارتباط كوادر الثورة بالسفارات، وبمعزل عن أي علاقات شخصية للبعض!
11 – لم تدعم الولايات المتحدة المرشح الرئاسي الأساسي المعارض لحزب الله ميشال معوض في الانتخابات الرئاسية الجارية، على الرغم من اعتبار البعض له “أميركياً”! في حين أنها في الواقع فوضت الفرنسيين في اجتماع باريس الأخير للتسويق لمرشح حزب الله سليمان فرنجيه (!!!)، الذي واجه فيتو سعودي! ولم يكن الأميركيون قد رفضوا التعاطي مع الرئيس الأسبق ميشال عون، ممثلاً حزب الله في السلطة في السابق. وهم اكتفوا بفرض عقوبات على صهره، من دون المساس به شخصياً.
12 – لا ضير من التذكير دائماً بفضيحة إيران غايت التي قامت في قصتها الولايات المتحدة بتزويد إيران بصواريخ ومعدات اسرائيلية لمواجهة العراق في شهر آب- أغسطس من العام 1985، بإشراف الكولونيل المسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي أوليفر نورث، الذين أُدين لاحقاً بذلك!
لا تمانع الولايات المتحدة بعلاقات جيدة “غير مباشرة” مع حزب الله، على الرغم من اتهام قياداتها في بداياته بتفجير مقر المارينز في بيروت في العام 1983. فحتى لو كانت العلاقة بينهما مبنية على “العداء”، إلا أن المصالح تفترض في كثير من الأحيان دعم العدو ضد الصديق!
Visited 10 times, 1 visit(s) today