أيديولوجية الحياد العلماني

أيديولوجية الحياد العلماني

باريس- المعطي قبال 

   كان ذلك يوم جمعة، وتحديدا الجمعة 31 مارس الماضي، لما أعلنت الجامعة الفرنسية لكرة القدم، عن رفضها بالسماح للاعبين الذين يصومون شهر رمضان، بالتمتع بوقت استراحة خلال المباريات. وقد أرسلت الجامعة رسالة إيميل في هذا الاتجاه للحكام لتذكيرهم بمبدأ «حياد كرة القدم في الملاعب خلال شهر رمضان»، وقس على ذلك أثناء الأعياد الدينية. ويعتبر الحياد في الرياضة بكافة أشكالها وأنواعها موضوعا ساخنا وسجاليا، أبدت فيه الأحزاب السياسية الفرنسية رأيها لصالح التوجه العلماني، فيما ندد اللاعبون بالمواقف المجحفة للجامعة.

   هل ينطبق الحياد على بقية الديانات والمعتقدات التي تعد بالعشرات في فرنسا؟

يجيب البعض بالإيجاب، فيما يشدد البعض الآخر على سياسة الكيل بمكيالين التي تطبق في حق الرياضيين الوافدين من أفريقيا ومن المغرب العربي، والذين يصنعون إلى حد ما المجد الرياضي وبالأخص الكروي لفرنسا.

يرد البعض الآخر أن الشعب الفرنسي يتجسد أيضا في فريق لا يعرف لا باللون أو الأصل أو الدين أو الجنس. هم لاعبو ولاعبات كرة القدم لا غير. أما معتقداتهم الدينية فيجب أن يتركوها في غرفة الملابس، لأنهم حملة قيم ومثل عليا رياضية.

طبعا، خلف هذا المنع استياء لدى المسلمين وفي أوساط اللاعبين وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. وحمل البعض على فرنسا كونها مهووسة بالإسلام وعدائها الدفين للمسلمين بغض النظر عن أصولهم ومستوياتهم الاجتماعية، وضربوا في هذا الشأن مثالا ببعض الدول مثل إنجلترا وألمانيا. على فرنسا أن تتعلم في هذا الباب من إنجلترا التي تتعامل مع المسلمين تبعا لقانون وسلوكات مغايرة، تنبني على التسامح والاحترام لمعتقداتهم. هكذا تم السماح للاعبين الصائمين بأخذ استراحة إبان المبارة. وقد اختار كل من الاتحاد الإنجليزي واتحاد بطولة ألمانيا لكرة القدم توقيف المباريات لكسر الإفطار. لكن نادي تشيلسي الإنجليزي ذهب أبعد من ذلك، إذ أقام يوم 26 مارس الماضي ولأول مرة في تاريخ أندية الدوري الإنجليزي، بملعبه ستامفورد بريدج، إفطارا رمضانيا. جاء ذلك في بيان طرح على الموقع الرسمي للنادي يقول: «يتيح الإفطار المفتوح للمسلمين في شهر رمضان، فرصة التجمع لتناول الإفطار معا، بالإضافة إلى توفير مساحة للحوار، ويعد أكبر حدث مجتمعي في المملكة المتحدة». وذكر النادي الإنجليزي إلى أنه سيتم دعوة عدد من المساجد المحلية وأعضاء الجالية المسلمة في تشيلسي وطلاب المدارس للحضور، إلى جانب موظفي النادي. كل ذلك في الوقت الذي تغلق أو تخطط فيه الجماعات الكاثوليكية المتطرفة لمهاجمة المساجد.

لذا، في بلد حقوق الإنسان، لا يمكن تصور مثل هذه الخطوات التي تنم عن التسامح والتقارب واحترام اللاعبين الذين هم مرآة للمدينة وللبلد.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة