سبتة ومليلية.. واقع التاريخ والجغرافية

سبتة ومليلية.. واقع التاريخ والجغرافية
 
مدريد – عبد العلي جدوبي

   الظاهر ان السيدة وزيرة الدفاع الإسبانية مرغاريتا روبليس لا تقرأ التاريخ أو تجهل حقيقته، او أنها تتغاضى عن واقع الجغرافية ولا تعرف من أين تبتدئ حدود بلادها جنوبا !!
   فخلال مقابلة صحفية لها في مدريد،  قالت الوزيرة الإسبانية ردا على رئيس مجلس المستشارين المغربي (النعم ميارة)، بأن الحكومة الإسبانية ليس لديها ما تناقشه بشأن سبتة مليلية،  مشددة على أن المدينتين  إسبانيتان!!
   فإذا كانت وزيرة الدفاع الاسبانيه تعتبر سبتة ومليلية المحتلتين اسبانيتين، فإن هناك أحزابا إسبانية، مثل التشكيلات السياسية القومية في كتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا، تطالب الحكومه المركزية بمدريد بتصفية الاستعمار وإعادة المدينتين إلى المغرب، ولا يتردد حزب اليسار الكتلاني في كل مناسبة خطابية، بالتعبير عن موقفه في تصفية الاستعمار وطي هذا الملف بصفة نهائية.
   نشير بالمناسبه إلى أن الأحزاب المغربية، لم تتقدم منذ برلمان 2011 بأي سؤال عن سبتة ومليلية، ولجنه العلاقات الخارجيه والدفاع بالبرلمان تلتزم الصمت وتتحاشى طرح هذا الموضوع!!
   ولا بأس من أن نذكر هنا السيدة وزيرة الدفاع الإسبانية ببعض المعطيات منها:
   أولا:  إن التحولات التي طرأت على أوروبا خلال السنوات الأخيرة،  وبالخصوص بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فرضت على إسبانيا التعامل مع وضع آخر، فالمدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية أصبحتا أقل أهمية استراتيجيا في الوقت الراهن، وأيضا من الناحية الاقتصادية والتجارية، بعد إحداث ميناء طنجة المتوسطي واتفاقية الشراكة السياسية والاقتصادية المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، سيما وأن الوضع غير الطبيعي للمدينتين يشكل حاجزا أمام استمرار تنفيذ خطة محاربة التهريب،  والهجرة  السرية، بالرغم من المجهودات  المتواصلة والمكلفه التي يبذلها المغرب في هذا المجال.
   ثانيا:  إن الفترة التي تلت استرجاع الأقاليم الجنوبية للمغرب، تزامنت من الجانب الاسباني مع بدء سياسة الاندماج في الفضاء الأوروبي، عندما انضمت اسبانيا بعد ذلك إالسوق الأوروبية المشتركة، وقد وضع هذا التطور في السياسة الاسبانية أمام تحديات جديدة،  كما أن بقاء المدينتين تحت الإدارة الإسبانية خلق إحراجا لشركاء اسبانيا الأوروبيين، لأن هؤلاء يدركون أن هذه المناطق ليست إسبانية، وتقع خارج الرقعة الجغرافية، فمنذ سريان مفعول اتفاقية “شنغن” كان المغرب قد أرفضه حيال إدماج المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما في الفضاء الأوروبي.
ثالثا: إن اسبانيا التي تهتم بالإبقاء على حوار مع بريطانيا حول جبل طارق، وتتوق إلى دعم أوروبي لموقفها يجب أن تتفهم أن دعم الأوروبيين يستند إلى الوقائع التاريخية،  والروابط المتينة، وهذا ما يفند محاولة بقاء سبتة ومليلية مستعمرتين اسبانيتين وإقحامهما في الفضاء الأوروبي!
   رابعا:  إن التاريخ والجغرافية، يؤكدان أن سبتة ومليلية مدينتين مغربيتين، وعلى الجارة اسبانيا أن تحذو  حذو بريطانيا والصين حول استرجاع هذه الأخيرة لـ”هونج كونج”، الذي يعتبر مثالا حضاريا وسابقة بالنسبة لسبتة ومليلية والجزر المغربية، التي أصبحت بعد عودة “هونج كونج” آخر البقايا استعمارية في العالم!
   بقي في الأخير أن نسأل السيدة مارغاريتا روبليس وزيرة الدفاع الإسبانية : “من أين تبتدئ الحدود الاسبانيه جنوبا “؟؟ 

Visited 26 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي