الحراك الدولي حول الرئاسة في لبنان
حسين عطايا
على أثر الإرباك الحاصل داخل مجموعات وأحزاب المعارضة اللبنانية، والتي لم تستطع الاتفاق على اسم مرشح واحد تذهب به للانتخابات، وبعد اللغط الذي حصل في مفاوضاتها مع جبران باسيل، والذي أعاد تعويمه من جديد وأعطاه فرصة قوية لتسويق نفسه من جديد لدى حزب الله، ونتيجة التطورات الدولية والاقليمية، لاسيما تلك التي رافقت انعقاد القمة العربية والمصالحات التي صاحبتها نتاج المتغيرات الدولية، قد تجد المعارضة اللبنانية نفسها في وضعٍ لا تُحسد عليه، خصوصاً بعدما أسقطت المملكة العربية السعودية الفيتو عن أي مرشح، معلنة بأنها على مسافة واحدة من اللبنانيين جميعاً، وبأنها تتعامل مع البرنامج وليس مع الأشخاص، وبذلك تكون قد أسقطت اللاءات التي سبقت، والتي بنت عليها المعارضات اللبنانية أدبياتها في الاعتراض على المرشح سليمان فرنجية، ما سيزيد من إرباكها وإحراجها، وهذا ما أثبت بأن المعارضة لم تختلف على البرنامج أو على مباديء وأفكار ، بل على حصص وتوجهات وخياراتٍ عقيمة، لن تُنتج حلولاً بل ستفضي إلى إدخال لبنان في نفق مُظلم.
وكأن التاريخ يُعيد نفسه في بعض الأمور، خصوصاً أن ما يحصل اليوم يُذكِرُنا بما حصل قبل عقودٍ من الزمن، لاسيما في العام 1989، حين طُرِح خيار مخايل الظاهر أو الفوضى، حينها اختار كل من سمير جعجع وميشال عون الفوضى، ودفعا ثمنها، وتم إجبار اللبنانيين على دفع ثمن الفوضى والحروب العبثية التي حصلت على إثرها.
اليوم، وبعد مُضي ما يزيد عن ثلاثة عقودٍ من الزمن، ها نحن نعيش ذات القصة، ونعود إلى تلك الحقبة باسم جديد، وبأن القوتين أو الكتلتين اللتين تُمثلان الفصيلين، أي سمير جعجع وميشال عون، ليعود الخيار ذاته مع اسم المرشح سيلمان فرنجية أو الفوضى، وقد يترتب عن ذلك إجبار اللبنانيين من جديد على دفع الثمن ودفع البلاد مرة أُخرى نحو الفوضى، مع ما يترتب عليها من زيادة وتيرة الانهيار الذي يعيشه لبنان واللبنانيين مُجتمعين.
تقول بعض المصادر الواردة من العواصم الثلاث المعنية مباشرة بالوضع اللبناني (الرياض وواشنطن وباريس)، بأن الأمير محمد بن سلمان أبلغ الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه لا مانع لدى المملكة من انتخاب سليمان فرنجية، مع بعض الضمانات التي سبق أن قدمها فرنجية للفرنسيين والتزم بها، وبالتالي فالمملكة ستبني موقفها على برنامج فرنجية وعمله في الحكم، كما أن واشنطن أكدت على لسان السفيرة شيا في أكثر من مناسبة بأن بلادها لايهمها الاسم، بقدر اهتمامها ببرنامج المرشح وممارسته في السلطة، وهذان الموقفان أعطيا دفعاً وزخماً للمبادرة الفرنسية، لتعود من جديد إلى طرحها مرة أخرى والقيام بجولة جديدة على القوى اللبنانية المعترضة، والتي بدأت مع لقاء جبران باسيل في فرنسا أخيراً، وعملية الترغيب والترهيب التي مورست معه وعليه، والتي يظهر من المعلومات الواردة من باريس، بأن بعض المطالب التي يطلبها باسيل قد وعِد بتلبية بعضها، خصوصاً أنه يعلم أن بعض نواب تكتله قد أصبحوا تحت عباءة حزب الله، وفي أي جلسة انتخاب سيُحدد موعدها سيحضرون وسينتخبون مرشح الثنائي “حزب الله وامل” (سليمان فرنجية)، وبأن العديد من النواب السنة سينتخبون فرنجية، بالإضافة إلى كتلة اللقاء الديمقراطي، سيلتزمون بترشيح البروفيسور شبلي ملاط، وبالتالي يعني أنهم خارج اصطفاف المعارضة، بل سيكون حضورهم في مجلس النواب من ضمن عملية تأمين النصاب لعقد الجلسة، وفقاً لرأيهم القائل بأنهم ضد تعطيل المؤسسات، كما العديد من الكتل البرلمانية ومنهم التغييريون.
كل هذا سيُساهم بإيصال فرنجية إلى سدة الرئاسة، وبالتالي ستخسر المعارضة معركة أخرى تضاف إلى معاركها الخاسرة، لأنها لم تكن يوماً صاحبة مشروع وفعل، بل هي تعمل فقط على ردات الفعل، التي يقوم بها حزب الله وحلفاؤه.
Visited 3 times, 1 visit(s) today