نظام الأسد والشروط العربية: الاستجابة البطيئة تؤخر الحلول
خالد العزي
بعيد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وقع الرئيس بشار الأسد مرسوماً يقضي بالعفو العام عن الفارين من العقوبات الجنائية بموجب قانون الخدمة في صفوف القوات المسلحة للجمهورية، وهم من المواطنين الذين ارتكبوا جرائم قبل 30 ابريل /نيسان 2022. لكن هذا المرسوم لم يشمل العفو عن المسلحين الذين أدت أفعالهم إلى مقتل أشخاص. فهناك الكثير من الأشخاص الذين يرغبون في المرور عبر لجنة تم إنشاؤها خصيصًا، حيث تنوي السلطات توسيع عملها.
وفقًا لمرسوم الأسد، بحسب صحيفة “نيزافيسيمايا” غازيتا الروسية نشر بتاريخ 6 حزيران /يونيو 2023 فإن آلاف السوريين استسلموا طواعية لنظام دمشق، من أجل الحصول على وثائق، ويتم فحص المسلحين الذين قاتلوا سابقًا كجزء من الجماعات المناهضة للحكومة من قبل الاجهزة الامنية نظرا لاحتمال تورطهم في أنشطة إرهابية”.
ربما يحاول النظام السوري ترتيب اوراقه الداخلية من خلال التوجه نحو اتخاذ مثل هذه القرارات المرسومة بالعفو العام من أجل حل مشكلة الفرار من الخدمة العسكرية وتعبئة الفراغ الحاصل في القطاعات العسكرية بسبب فرار كثير من العسكريين في الحرب.
بالطبع، تحاول دمشق اثارة الموضوع اعلاميا ان تذهب تدريجيا نحو تنفيذ مطالب عربية كانت شرطا أساسيا لعودة سوريا لكسب مقعدها في الجامعة العربية، حيث اعلن في قمة عمان ان هذه العودة مشروطة ومرتبطة باستجابة دمشق والخطوات السورية التي تتخذها لتقابل بخطوات مقابلة من قبل الدول الأعضاء في الجامعة.
كما تحاول سوريا الاستفادة اعلاميا من ترويج فكرة المصالحات الداخلية والحديث عن “مصالحة وطنية” بين مكونات المجتمع وخاصة في المناطق التي كانت مكانا للنزاع بين الدولة والشعب الذي انتفض بوجهها وانتهت بمواجهات عسكرية.
هناك تقارير من مدن في جنوب البلاد تفيد بوجود أكثر من 1000 شخص هناك يريدون تسوية أوضاعهم. يتم نقل أسمائهم إلى نقاط التفتيش.
في الشهر الخامس من العام 2021، وقع الرئيس الأسد مرسوم عفو عن المدانين بالتهرب العسكري، باستثناء المدانين بالخيانة والإرهاب والأنشطة التي أدت إلى الوفاة وتهريب الأسلحة. وتم الإعلان عن عفو آخر في الشهر التاسع من العام 2019. وقد امتد إلى المتهربين من الخدمة العسكرية المدانين بدفع الرشاوى وتزوير الأوراق الرسمية وبيع المخدرات وكذلك الأحداث الجانحين.
وتم الإعلان عن مرسوم العفو الحالي وسط دعوات من المعارضة السورية للأسد للموافقة على مفاوضات جديدة من أجل البدء في إعادة بناء البلاد في أقرب وقت ممكن.
بعد 12 عامًا من الحرب ومقتل أكثر من نصف مليون شخص، يعيش السوريون في ظروف صعبة نتيجة انتشار الجوع والدمار، وتأمل المعارضة في لقاء بناء مع من هم في السلطة بعد صراع طويل معهم.
وهنا لا بد من القول بان المصالحة مع سورية تعني بان الدول العربية اتجهت نحو التغيير بواسطة المفاوضات بين النظام والمعارضة، وفقا للقرار جنيف 2254 وهي خسارة للمعارضات المسلحة الارهابية، وليس خسارة للمعارضة السلمية لان شروط المصالحة العربية اشارت الى التوافق مع النظام في بنودها 14 وبحسب الأولية لكل بند.
لابد من القول بان النظام السوري مدعوم من موسكو وطهران، وتعتبر دمشق ذلك من الأوراق الرابحة بيدها، لكن العرب الذين يحاولون التواصل مع النظام من اجل قضايا انسانية بالدرجة الاولى ويحاولون القيام بحلول سريعة للوصول الى تسوية بين النظام والمعارضة، فإذا وافق الأسد على التفاوض مع المعارضة ، يعني بات يذعن للمطالب العربية، ليس من موقع قوة، بل من موقع عدم قدرة سوريا على المناورة بعد ضعف روسيا وايران في سوريا.
يذكر بان المفاوضات توقفت بين دمشق والمعارضة السورية في عام 2018 بسبب حقيقة أن مصير الرئيس الأسد أصبح العقبة الرئيسية أمام الانتقال السياسي، ونتيجة لذلك اضطرت سوريا إلى اعتماد دستور جديد، والاجتماعات والمحادثات على مدى السنوات الخمس الماضية لم تكن ناجحة، حتى مع موقف الأسد الضعيف نسبيًا.
من الصعب أن نأمل في تحقيق انفراج اليوم اذا لم يتجه الرئيس السوري على القبول بتسوية لحل الازمة السورية وفي مثل هذه الحالة، فإن الشرط الأكثر ترجيحًا لاستئناف المفاوضات التزام الاسد ونظامه بتنفيذ الشروط وخاصة في محاربة الكبتاغون، وإقفال الحدود، وابعاد الميليشيات الايرانية، عندها قد تبدأ بتنازلات من المعارضة ويبدو أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسون يود من حكومة الأسد إبداء مزيد من المرونة بشأن هذه القضية. لكن حتى الآن لا تزال الاستجابة للشروط العربية من نظام الاسد بطيئة جدا وهي التي تحدد لاحقا تعامل النظام مع هذه الشروط بإيجابية او سلبية، فان استجابت دمشق عندها الدول العربية ستستجيب للنظام والذهاب نحو تقديم المساعدات وتحديدا في مجال الاعمار وكذلك اقناع الغرب في فك العقوبات التدريجية واعادة الثقة للحركة الدبلوماسية التي ستعيد دور سوريا الى موقعها.