السلام المفقود في ناغورني كاراباخ
د. خالد العزي
منذ حوالي الشهر ناقش، البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ العلاقات الأرمنية ـــ الأذربيجانية والوضع في ناغورني كاراباخ. وجرى تأجيل المحادثات التي استمرت عدة أيام بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان في واشنطن إلى أجل غير مسمى. بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد فوزه في الانتخابات إلى باكو، التي جرى التاكيد خلالها على التحالف الاستراتيجي بين تركيا واذربيجان.
أكد اردوغان من خلال هذه الزيارة استمرارية مبدأ: شعب واحد ـــ دولتان. وهي زيارة في نتائجها لم تخدم فقط تعزيز التحالف التركي، ولكن أيضًا أبرزت قوة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. على الرغم من عدم وجود أي تهديداتداخلية خطيرة لمواقفه، خاصة بعد الحملة العسكرية الناجحة في ناغورني كاراباخ، فلا داعي للحديث عن أي معارضين مؤثرين لعلييف.
لا بد من الإشارة بانه قد سبق وصول أردوغان اتفاق غير مسبوق وقعته شركة المنسوجاتا لتركية مع معهد البحوث التابع لوزارة الصناعات الدفاعية الأذربيجانية لإنشاء مشروع مشترك ومختبر علمي. تنتج الشركة الدروع الواقية للبدن والخوذات والزي الرسمي وغيرها في إزمير. وسيتم إنتاج كل هذه المنتجات الدفاعية في مشروع مشترك في أذربيجان. ومن المخطط تسليمه إلى دول ثالثة.
وبحسب المعلومات التي نشرت أن زيارة أردوغان إلى باكو هي سبب كانت وراء تأجيل المحادثات بين وزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا في واشنطن التي كانت مقررة في 12 حزيران، بالرغم أن الجانب الأذربيجاني لم يعلق على ذلك، ولم يذكر الجانب الأمريكي موعد تأجيل الاجتماع.
وحينها قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها: “نتطلع إلى جولة أخرى من المحادثات فيما يواصل الطرفان السعي لتحقيق مستقبل سلمي في منطقة جنوب القوقاز. الحوار المباشر هو المفتاح لحل المشاكل وتحقيق سلام دائم وكريم“
لكن الجانب الأرمني لم يخوض في التفاصيل، وحث نائب رئيس وزراء أرمينيا تيغران خاتشاتريان، عند إعلانه تأجيل اجتماع الوزراء، على عدم البحث عن شيء مثير “الشيء الوحيد المهم هو أن يلاحظ الطرفان تقارب وجهات النظر”.
البعض اعتبر أن تأجيل المحادثات قد يكون بسبب تشديد الموقف الأمريكي بشأن فتح ممر لاتشين (الطريق الوحيد الذي يربط ناغورني كاراباخ بأرمينيا والعالم)، وكذلك مطالبة باكو بإعلان ضمانات حقوق الامتثال والأمن لسكان ناغورني كاراباخ. لان حصار آرتساخ مستمر، ولا تفكر أذربيجان حتى في رفعه. وغالبية سكان أرمينيا غير راضين للغاية عما يحدث، معتقدين أن السلطات، في الواقع، تركت كاراباخ دون دعم.
خاض البلدان نزاعاً حول ناغورني قره باغ منذ أواخر الثمانينيات، ما أدّى إلى حربين شهدت آخرهما عام 2020 هزيمة القوات الأرمينية وتحقيق أذربيجان مكاسب ميدانية كبيرة.
لكن اجتماع واشنطن عقد لاحقا في نهاية الشهر الفائت برعاية اميركية، والتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشكل منفصل نظيريه الأرميني أرارات ميرزويان والأذربيجاني جيحون بيرموف، ثم عقد اجتماعا ثلاثيا واستمرت المحادثات الحساسة اياما، وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن “السلام في متناول اليد وأنّ الحوار المباشر هو المفتاح لحلّ المسائل العالقة والتوصّل إلى سلام مستدام وجدير بأن يحترمه الطرفان”.
وسبق أن جمعت الولايات المتحدة الوزيرين في واشنطن في مطلع أيار/مايو. وفي الأسابيع الأخيرة أجريت محادثات في بروكسل وموسكو.
وقد طلبت روسيا من أذربيجان فتح ممرّ يربط أرمينيا بجيب ناغورني قره باغ الانفصالي، بعد تسجيل شحّ جديد في الإمدادات بالمنطقة المتنازع عليها في القوقاز.
وفقا للتوقعات تركزت المفاوضات في الولايات المتحدة على القضايا التالية:
ــــ وضع ناغورني كاراباخ داخل أذربيجان، توفير ضمانات أمنية لأرمن كاراباخ عن طريق باكو.
ــــ ممر النقل الذي يربط بين أذربيجان وناختشيفان. وبحسب آشبي ، فإن “توفير ضمانات لاحترام حقوق وأمن أرمن ناغورني كاراباخ يساعد في بناء الثقة في المفاوضات بين أرمينيا وأذربيجان”.
أما بالنسبة للعلاقة بين أذربيجان وناختشيفان، فإن لروسيا وإيران مصالحهما الخاصة في هذا “الممر”. ويحاولون التأثير على أرمينيا وأذربيجان لإقناعهما بأن طريق النقل لا يتعارض مع مصالح أي شخص في المنطقة.
في 30 حزيران ــ يونيو وبعد ثلاثة ايام من المفاوضات اشاد بلينكن بـ”التقدم” المحرز بالمحادثات، لكنه اكد أنه “يبقى هناك عمل شاق يجب إنجازه توصلاً إلى وأشاد كذلك بـ”روح الصراحة والانفتاح” التي سادت”، قائلاً إنه يرغب بـ”مواصلتها” في الأسابيع المقبلة. ورغم ذلك، كانت اللهجة أكثر تحفظاً مما كانت عليه خلال الاجتماع في أوائل مايو، عندما تحدث بلينكن وقتذاك عن اتفاق سلام “في متناول اليد”.
وتذكيرا انه في خضم المناقشات في واشنطن، لقي أربعة جنود أرمينيين مصرعهم في ناغورنو كاراباخ بنيران أذربيجانية.