خيمة حزب الله في “الغجر” تعيد المفاوضات مع اسرائيل

خيمة حزب الله في “الغجر” تعيد المفاوضات مع اسرائيل

حسين عطايا

قرية الغجر والتي تحدث عنها كثيراً الاعلام اللبناني في الاونة الاخيرة، هي بلدة سورية يقطنها مواطنين سوريين من الطائفة العلوية يبلغ عددهم حوالي ٢٧٥٠ مواطناً، تقع شرقي نهر الحاصباني، عند سفح جبل الشيخ، وهي منطقة  تشكل مثلثاً حدودياً بين لبنان وفلسطين وسوريا .

إبان الاحتلال الاسرائيلي لمرتفعات الجولان في العام ١٩٦٧،  وبعد فترة شهرين دخلتها القوات الاسرائيلية التي لم تدخلها اثناء إحتلال الجولان لاعتقادها انها قرية لبنانية، لكن وبعد شهرين بقيت الغجر خارج اي سيادة بعد ان رفضت الدولة اللبنانية ان تُدخِلها تحت سيادتها بحجة انها لا تُريد ان تعكر العلاقات مع الجارة وان يقال ان لبنان ضم اراضي سوريا، لذلك بعد مرور شهرين عادت قوات الاحتلال الاسرائيلي لتدخلها وفرضت قوانينها، وبقيت على هذه الحال الى العام ١٩٧٨ حين احتلت اسرائيل مناطق الشريط الحدودي للبنان، فبدأ سكان الغجر بالتمدد خارج نطاق الحدود السورية وتم بناء مبانٍ جديدة على الاراضي اللبنانبة، وفي العام ١٩٨١ وبعد صدور قرار من الكنيست الاسرائيلي بضم الجولان واعتباره ارضاً اسرائيلية تم عرض الهوية على سكان الغجر واصبحوا مواطنين اسرائيليين.

بعد الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة في ايار – ماي من العام ٢٠٠٠ وترسيم الحدود البرية اصبح الجزء الشمالي خارج الحدود الاسرائيلية، وكان الخيار إما هدم المباني في الجزء الشمالي او انتقالهم للسيادة اللبنانية تنفيذا للقرار الدولي ١٧٠١، وفي البداية سيطر حزب الله على الجزء اللبناني من الغجر الى العام ٢٠٠٦ وبعد صدور القرار الاممي ١٧٠١ على إثر حرب تموز ــــ يوليو من نفس العام،  فعليا او صورياً انتقلت السيادة عليها للبنان واقفلت المعابر بين جزئي القرية الجنوبي والشمالي، واستمر الوضع الى ايلول الماضي، حيث تم فتح الحواجز والمعابر بين الجزئين وبدأت الوفود السياحية الاسرائيلية من دخول الجزء الشمالي واقامت لهذه الغاية سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياج شائك حول البلدة ومن ثم قامت ببناء جدار، وتم هذا الامر من دون اعتراض لبناني او من قبل حزب الله فعزل الجزء الشمالي من قرية الغجر عن الجانب اللبناني واعادت اسرائيل احتلالها رغم شمولها بالقرار الاممي ١٧٠١ ويُعتبر هذا الامر خرقا صهيونياً لمنطوق القرار المذكور .

وفي الفترة الاخيرة ولسبب ما ولكي يجعل منها حزب الله شماعة يُعلق عليها فشله في إدارة البلاد وبسبب إطالة امد الفراغ الرئاسي والمرتبط الى حدٍ كبير بالمصالح الايرانية، والتي بالطبع تربط ذلك بالمفاوضات حول البرنامج النووي الايراني والعلاقات الايرانية ـــ الامريكية الجاري التفاوض عليها بوساطة عُمانية في مسقط، فإن حزب الله اقام خيمتين في كل من تلال كفرشوبا ومزارع شبعا الاولى فككها واعادها الى ضمن الخط الازرق من الناحية اللبنانية، بينما الثانية والموجودة في مزارع شبعا المتنازع عليها مع كل من سوريا واسرائيل،  ربطها بازالة الجدار الفاصل بين الغجر والاراضي اللبنانية، ولهذا الغرض تقوم قوات اليونفيل بوساطة ما بين اسرائيل والدولة اللبنانية وقد بادر حزب الله الى القول ان الخيمة مقابل الجدار وهذا ما تلقفته الدولة اللبنانية وهذا ما صرح به ايضاً وزير الخارجية اللبناني عبدالله ابوحبيب المحسوب على التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل .

من هنا اتى التوتر الذي شهدته الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة والذي وصل الى ذروته حين اصدرت الحكومة المصغرة الامنية الاسرائيلية قراراً للجيش بتفكيك الخيمة ولو بالقوة منذ يومين، ولكن تدخلت الامم المتحدة بإيعاز امريكي، وبدأت وساطتها حيث التقى قائد القوة الدولية كل من رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وختم جولته في اليرزة حيث التقى قائد الجيش العماد جوزيف عون .

واقصى  ما تقدم به حزب الله اصدار بيان طالب فيه الدولة اللبنانية بتحمل مسؤليتها تجاه ضم إسرائيل الجزء الشمالي من قرية الغجر، وكأن الدولة اللبنانية دولة طبيعية تُمارس صلاحياتها على كامل ترابها الوطني، وكأن حزب الله الذي يُقلق اللبنانيين صبحاً وظهراً ومساءاً، حول المقاومة ومشروعية سلاحه، وفجأة اصبح كالحمل الوديع يُطالب الدولة اللبنانية ان تتحرك لإعادة الامور الى نصابها وبالتالي ذهبت كل التصاريح التي تتحدث عن مئة الف مقاتل ومئة الف صاروخ وتبخرت كل الخطابات والبيانات والاحتفالات والمناورات، فجأة اصبح الحزب يقف خلف الدولة كما حدث في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية . لكن الملفت للنظر هو قيام وفد ممن يسمون انفسهم  نواب التغيير قوامه

  د.الياس جرادة ، ملحم خلف، فراس حمدان وياسين ياسين  وبالطبع مع بعض المرافقين فتجمهروا بالقرب من السياج الفاصل بين الغجر وبقية الاراضي اللبنانيية ولوحوا بالاعلام اللبنانية جلبوها معهم وفي عيونهم براءة الاطفال ونعومة الحمل الوديع فأخذوا الصور وادلوا بتصريحات تُطالب الدولة اللبنانية بتحمل مسؤليتها في مواجهة الامر، من دون اي كلمة تُحمل حزب الله او لفت النظر بأن حزب الله واستفزازاته جلبت التوتر، وبأن الدولة مُعطلة نتيجة الفراغ الرئاسي لان حزب الله يُريد فرض مرشحه على بقية اللبنانيين مُمعناً في امتداد الفراغ على بقية مؤسسات الدولة وإداراتها كرمى لعيون اسياده في طهران لتُدعم اوراقها التفاوضية مع الولايات المتحدة على حساب لبنان وشعبه . بذلك ، يكون من كانوا بالامس املاً للبنانيين بالتغيير المنشود قد اصبحوا اليوم ألعوبة بيد منظومة الحكم، يتسلى بهم حزب الله في الوقت الضائع منتظراً ان يتوصل المفاوضون في مسقط الى حلولٍ تُرضي طرفي النزاع الايرانيين والامريكيين، حتى يتم بعدها الافراج عن الانتخابات الرئاسية اللبنانية.

Visited 9 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني