أسئلة حرب تموز: إيران تفعل ولبنان يدفع
حسين عطايا
صبيحة الثاني عشر من تموز ـــ يوليو من العام ٢٠٠٦، كان كل اللبنانيين ينعمون بهدوء وبصيفٍ واعد وفق ما قاله السيد حسن نصرالله ــــ امين عام حزب الله على طاولة الحوار التي أُقيمت في مجلس النواب بدعوة من رئيسه نبيه بري، وحضرها الزعماء اللبنانيين من الصف الاول، والذي كان قد وعد نصرالله المتحاورون بأنهم سيمضون صيفاً واعداً سيعود بالخير على اللبنانيين .
هذا الامر يُظهر أمرين لا ثالث لهما :
ـــ الاول: ان نصرالله لم يكُن يعلم بموضوع خطف الجنود الصهاينة وكان التحضير يجري من دون علمه بأمر مباشر من قاسم سليماني والتي كانت تربطه علاقة اكثر من وثيقة مع عماد مغنية؟
ـــ الثاني: انه كان يعلم وبالتالي كان يخدع الزعماء واللبنانيين من خلفهم ، والذي كان يجتمع معهم على طاولة الحوار وهذا امر سيء جداً وبالتالي يُفقده مصداقيته والتي فعلاً تأثرت كثيراً بعد الحرب المذكورة .
في كِلا الحالتين، كان نصرالله عُرضةً للنقد وخصوصاً بعدما قال جملته الشهيرة “لو كنتُ أعلم”، وهذا الامر القى بثقله على مصداقيته والتي بدأت بالتراجع ووصلت الى حدها الادنى بعدما استدار بسلاح حزبه للداخل في 7 ايار من العام ٢٠٠٨ .
اليوم، وبينما تمر الذكرى السابعة عشرة لحرب ٢٠٠٦، يدخل لبنان في مواجهة مشكلات جمة، وحزب حسن نصرالله يتحمل المسؤلية الكبرى التي اوصلت لبنان وشعبه الى ما وصل اليه إن من خلال حمايته للمنظومة الحاكمة لا بل مشاركته لها في كل الامور بما فيها الفساد ونهب المال العام وقيادة عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية على الحدود الشرقية مع سوريا، ومن خلال عهده الممثل بحليفه ميشال عون، وكذلك تدخله في الحرب السورية وفي غيرها من الساحات في كل من العراق واليمن وهجومه المباشر على المملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية والتي لا ترتبط بعلاقات جيدة مع إيران، وهذا ما اوصل لبنان الى شبه حصار ايضاً نتيجة تهريب المخدرات في المنتوجات اللبنانية المُصدرة الى دول الخليج العربي مما دعا الدول المذكورة الى قطع العلاقات مع لبنان ورفض إدخال المنتوجات الزراعية والصناعية الى اسواق الخليج العربي ، وهو ما فاقم ازمات اللبنانيين الى اكبر قدر من السوء .
اليوم وفي هذه الذكرى الاسئلة المطروحة :
هل نتيجة التوترات الحدودية الحالية في المناطق الجنوبية سنشهد دخول مغامرة جديدة في حرب تقضي على ما تبقى من قدرات اللبنانيين كرمى لعيون ايران ليزيد موقفها اكثر صلابة وتمتلك اوراق كثيرة تفاوض عليها على طاولة المفاوضات في مسقط ؟ ام ان نتيجة المفاوضات قد وصلت الى خواتيمها السعيدة وبالتالي سنشهد عملية ترسيم الحدود البرية مما سينكعس إيجاباُ على اوضاع اللبنانيين وستنفرج اوضاعهم؟
خصوصاً ان هوكشتاين قد وصل الى تل ابيب واجتمع مع رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو والموضوع الاساس طرح بعض النقاط والتي ستساعد في تخفيف التوتر عبر ترسيم الحدود البرية بعد ان نجح هوكشتاين في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الكيان الاسرائيلي .
وهنا يراودنا السؤال التالي : في الترسيم الحدودي البحري تخلى لبنان عن نقطة قوة وهي الخط ٢٩ والذي ينطلق من آخر نقطة على الحدود الدولية البرية والذي يستند عليها لبنان منذ عهد سايكس – بيكو، وكذلك في الهدنة بين لبنان وكيان العدو في العام ١٩٤٩، وبذلك خسر لبنان مساحات شاسعة في البحر زاخرة بالثروات الغازية والنفطية الموعودة واعتمد على الخط ٢٣ والذي يبدأ على مسافة ٥٠٠ متر في البحر وبقيت منطقة رأس الناقورة مُحتلة واصبح لدينا خط ازرق بحري كما هو في البر والسؤال هو : عن ماذا سيتخلى لبنان في ترسيم الحدود البرية؟
هل سيتنازل عن النقطة الحدودية البرية B1 في منطقة رأس الناقورة؟
وبالتالي سيكرس الاحتلال الصهيوني لمنطقة رأس الناقورة وهذا يُشكل خسارة كبرى لمنطقة استراتيجية كاشفة لمناطق الساحل الفلسطيني المحتل وصولاً الى مشارف حيفا ويافا .
الايام القادمة ستُظهِر الامور على حقيقتها بأن ايران تفاوض ولبنان يدفع الثمن ودويلة حزب الله تزداد قوةً بينما لبنان كدولة وشعب ومؤسسات هو الخاسر الاكبر دوما.