مخطط “حزب الله” الخطير من عين الحلوة الى الكحالة
حسين عطايا
لا شك ان لبنان يعيش مخاضاً عسيراً على شتى الصعد، فهو يعيش ن مرحلة استثنائية لا سيما في هذا التوقيت بالذات، حيث الفراغ يزحف ليطال كل القطاعات الحيوية وما تبقى من مؤسسات الدولة اللبنانية، والتي لم يكن الفراغ في حاكمية البنك المركزي اخرها، بل سيأتي استحقاق آخر في العاشر من كانون الثاني – يناير من العام المقبل، حيث ستنتهي ولاية قائد الجيش جوزف عون ولا يوجد من يتولى القيادة وفقاً لقانون الدفاع الوطني .
في هذه الظروف، ومع انشغال الدول بالحرب الروسية ــــ الاوكرانية وازمة الغذاء العالمي التي ترتبط بها، يعيش لبنان مخاضاً يبدو انه سيطول ويُصبح مُزمنا نتيجة ما يُخطط له في دوائر صنع القرار الايرانية، بالنظر للأزمات التي تعيشها على وقع ازماتها الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً الى التفاهم السعودي ــــ الايراني الذي وصل الى طريق مسدود وشبه مُقفل.
كل هذه التطورات، ساهمت بتأزيم الوضع الداخلي، نتيجة انسداد الافق لأي حلول داخلية وحلول خارجية مؤجلة للشهر المقبل حتى عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان وحواره المنشود، وبالتزامن مع حرب مخيم عين الحلوة وما نتج عنها من توجه واضح بخللٍ ما وتآمر على حركة “فتح” والسلطة الفلسطينية والذي توضح من خلال كمية السلاح ونوعيته التي تم إدخالها للمخيم الذي يُحيط به الجيش اللبناني عبر مواقعه المنتشرة حوله. وتظهر عملية الامساك سريعاً بالقرار الفلسطيني على الساحة اللبنانية لتطويع حركة فتح واخراجها من المعادلة لتُصبح الأمرة للساحة الفلسطينية لحماس وتوابعها من الاسلاميين الذين يدورون في فلك ايران عبر ذراعها في لبنان “حزب الله”.
من هنا، أتت عملية اغتيال المسؤول القواتي إلياس الحصروني في عين ابل منذ ايام وبالأمس جاءت شاحنة الكحالة والتي ظهر ان حمولتها عتاد عسكري وذخيرة، على الرغم من بيان حزب الله والذي اراد ذر الرماد في العيون واعتبر الامر بمثابة كمين مُدبر يستهدف المقاومة .
لكن الغريب بالامر ان هذه الشاحنة من النوع الوسط وما دون، اي لو فعلاً هذا العتاد العسكري متوجه جنوباً، لكان سلك طريق البقاع الغربي وصولاً لمناطق الجنوب وهي طريق اسل واسرع واقرب من حيث المسافة، ولا تمر في مناطق قد يُنصب فيها كمائن للمقاومة وعناصرها .
لكن، الظاهر ان وجهة الشاحنة ليست للجنوب لتفعيل خطوط ومواقع المقاومة مع العدو الاسرائيلي، بل هي متوجهة الى الداخل اللبناني تحضيراً لعملٍ ما، وهذا يحتمل امرين لا ثالث لهما،
ـــ الاول: العتاد متوجه الى حلفاء واتباع حزب الله في المخيمات لاستمرار ومتابعة العمل لتطويع وتطويق حركة فتح وما تُمثل على الساحة الفلسطينية والامساك فعلياً بالقرار الفلسطيني .
ــــ الثاني: هو تعزيز حزب الله داخلياً وقد يكون استعداداً لحدث شبيه للسابع من ايار ٢٠٠٨ لافتعال عمل امني ما، لتطويع المعارضة الداخلية ودفعها للقبول وللسير بمرشح “حزب الله ” سليمان فرنجية، العاجز عن ايصال مرشحه، نتيجة ازمته وازمة محوره في العديد من الساحات ومستعجلاً هذا الامر قبل ان تستطيع القوات الامريكية وتوابعها في شرق- شمال سوريا من اقفال المعابر بين سوريا والعراق وبالتالي قطع التواصل بين ساحات الهلال الشيعي الايراني والذي يبدأ في طهران وينتهي في بيروت على ساحل البحر المتوسط وهذا ما تطمح اليه ايران لبسط سيطرة امبراطوريتها الفارسية الجديدة فتُضعف الساحة العربية وتطوق بعضها .
هذا الامر حقاً يدفع الى الريبة والتساؤل، هل فعلاً حزب الله يُريد مقاتلة اسرائيل وهو منذ العام ٢٠٠٦ محافظاً على هدوء الجبهة الجنوبية، لا بل اعطى اسرائيل مالم تكن تتوقعه في تنازله عن الخط ٢٩ وموافقته على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية متنازلاً عن خطابه السياسي والذي بنى عليه أساس قيامته وهو مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وتحرير الاراضي اللبناية واستطراداً تحرير فلسطين ورغبة امينه العام الصلاة في القدس .
وهو بذلك وبموافقته على الترسيم تنازل عن نقاط استراتيجية ابرزها نقطة “B1” في رأس الناقورة والتي حتماً سيضطر للتنازل عنها في حال الترسيم البري والذي بقي عالقاً نتيجة وجود نقاط متحفظ عليها لبنان .
كل ما يحدث في هذين الاسبوعين دليل على ان الحزب مضطرب ومأزوم وهو يحاول من خلاله تحويل ازمته الى ازمة وطنية لعله يكسب فيها بالنقاط ويستثمر من خلالها استكمال السيطرة على لبنان، خصوصاً إذا ما راجعنا ما قامت به وحدات الجيش بالامس من تصرفات حماية الشاحنة في منطقة الكحالة وكأنه حرس لدويلة حزب الله وأدواتها ومستلزماتها في وجه مواطنيه الذي من المفترض انه حاميها من تصرفات الرعاع من كانوا في الشاحنة واشتبكوا مع الاهالي الذين سقط منهم شهيد.