هل العباية علامة دينية مسجلة أم مجرد موضة؟
كاركاسون – المعطي قبال
ليست قضايا التضخم وغلاء المعيشة، العنف في الأحياء الهامشية والشعبية ولا الاضطرابات المناخية هي من استحوذ على نقاش الموسم السياسي الجديد في فرنسا، بل تركز منذ أيام على ارتداء لباس العباية من طرف المراهقات من التلميذات وحظرها من طرف وزير التربية المعين مؤخرا. وكان غابريال عطال، المعين حديثا مكان الوزير السابق باب ندياي الذي تمت إقالته بطريقة غير ديبلوماسية، كان عطال إذا، الذي يعتبره البعض «صوت سيده» ماكرون، طرح خطة تحويل المدرسة بما لا يدع أي نقاش إلى مجال لائكي خالي من أي دين أو معتقد. لكن القصد يبقى في الأخير الديانة الإسلامية.
هذا الطموح ليس بالجديد حيث ناضلت من أجله أغلب الحكومات السابقة يمينا ويسارا. ولم تفلح في إنجازه أو تحقيقه. فهل سيحالف الحظ هذه المرة حكومة ماكرون؟
على أي جاء قرار حضر العباية في ظرفية يعرف فيها ماكرون تدهورا لشعبيته في الداخل والخارج، كما جاء في وضع ما بعد الأحداث النارية التي هزت فرنسا مؤخرا، على خلفية مقتل الشاب نائل من طرف شرطي. كما جاءت أيضا بعد تصعيدات نارية من طرف بعض المسؤولين السياسيين متهمين شباب الضواحي بالطيش والتسيب وانعدام التربية مع توعد آبائهم بالعقاب الخ…
هكذا وفي الوقت الذي صفق فيه العديد من رؤساء المدارس لهذا القرار، الذي من شأنه وضع حد لظاهرة انتشرت بسرعة في الأقسام وفي رحاب المؤسسات، اعتبر البعض الآخر أن هذا القرار سياسي، أيديولوجي، وأنه منذ تعيينه على رأس وزارة التربية الوطنية في نهاية يوليوز، أعلن غابريال عطال أن «العباية رداء ديني» إسلامي، وأنه علامة دينية ظاهرة ومميزة للانتماء للإسلام. أي أن قراءته للعباية قراءة أيديولوجية خالصة.
أما موقف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية فيخالف جذريا هذا الرأي، حيث يعتبر أن العباية ليس بعلامة دينية بل شكل من أشكال الموضة.
وتتركز الانتقادات في أوساط اليسار الفرنسي وبالأخص لدى تيار «فرنسا الأبية» بزعامة جان ليك ميلونشون الذي اعتبر قرار الوزير إجراء إسلاموفوبيا قد يؤجج التوترات الاجتماعية ويعطي صورة سلبية عن فرنسا. «إلى أي حد ستتواصل تصرفات شرطة الملابس» يتساءل حزب ميلنشون؟ وقد اتضحت على إثر هذا القرار الخلافات بين تآلف اليسار (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد) بين مؤيد ومنتقد. فيما انتقد حزب الخضر وفرنسا الأبية القرار، صفق له كل من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي.
من صراع الحجاب الذي نشب عام 2004 إلى صراع العباية اليوم، مرورا بصراع النقاب عام 2010.. مشوار طويل لصراع أيديولوجي بتصورات مبتسرة، الغرض منها في نظر البعض هي «ممارسة مراقبة اجتماعية على اجساد الفتيات» وتقديمهن كخفافيش مخيفة داخل أقسام الدرس، فيما يتم فيه تمجيد أجساد فتيات مي-تو!
مثل هذه التصرفات إما تدفع بالفتيات إلى مغادرة المدرسة، وإما إلى تغيير لباسهن قسرا مع النزوح إلى كبت عقدة الحنق والعداء للمجتمع.
Visited 43 times, 1 visit(s) today