لبناننا ولبنانهم
حسين عطايا
على الرغم من السواد الذي يعم المساحة اللبنانية، نتيجة عقم السياسة والسياسيين ، والتصحر الاخلاقي والفكري لدى منظومة الحكم التي تتسلم زمام الامور مُنذُ تسعينات القرن الماضي ، والتي اصبحت جزء من ازمات لبنان نتيجة الانقسام التي تعيشها تلك المنظومة ، وعجزها عن القيام ببعضٍ من إصلاح ، او معالجة لبعض الأزمات والتي هي جزء منها ومن صناعتها .
على الرغم من ذلك، تبرز علامات بيضاء للبنانيين في الداخل او الاغتراب ، ترفع إسم لبنان عالياً وفي كل الميادين العلمية والادبية او الفكرية وعلى مستوى كافة العلوم من طب وهندسة وغيرها بالاضافة الى النجاح على المستوى الفني او الرياضي ، اي هذه النجاحات للبنانيين في الداخل و الخارج تُبقي بعضاً من امل او كوة نور تنعكس على الداخل اللبناني ، وترفع إسم لبنان عالياً ، وتُبرز الوجه الحقيقي للبنان بعيداً عن مُحتكري السياسة والتمثيل في جُلجلة هذا الوطن الذي يرزح تحت احتلال فكري وعسكري ، يُريده البعض ان يكون مُلحقاً او جزءاً من محور ، لم يأتي على الدول الواقعة في فلكه سوى بالخراب والدمار ، مع العوز والفقر لمواطنيهم .
تبقى مسيرة ، وسيرة إبداع أعلامٍ لبنانية في الداخل والخارج تُبرِز وجه لبنان الحقيقي والذي يُريد البعض تزويره وتغليفه بنوعٍ من السياسة او انتماء لمحور لايمُت للبنان واللبنانيين بأيةِ صلة وصل .
لبنان هذا والذي لم يولد من العدم ، بل من نضال وفهم اللبنانيين لواقعهم والذين بنوا للبنان مجداً تشعُ شمسه على مُعظم الكرة الارضية ، وهذا لم يبدأ من الدكتور مايكل دبغي ، او جبران خليل جبران ، وبالطبع لن ينتهي مع الكاتب والمفكر اللبناني الاصل ، الفرنسي اللغة اليوم أمين معلوف والذي أنتُخِب منذ ايام اميناً للاكاديمية الفرنسية والتي يُعرف اعضائها بالخالدون ، كما لم يبدأ الفن مع فرقة مياس ، بل سبقته فرقة كركلا والاخوين رحباني وزكي ناصيف ووديع الصافي واللائحة تطول وهم فعلا مخلدون في الذاكرة اللبنانية لأجيالٍ واجيال ولن تنتهي مع الرياضة خصوصاً كرة السلة التي رفعت إسم لبنان عالياً في اهم البطولات العربية ، او الاقليمية والعالمية، كما لم يغب إسم لبنان واللبنانيين عن لوائح التقدم العلمي والفني والادبي وفي شتى المجالات ، والذين اصبحوا اعلاماً لبنانية تُرفرفُ في ارجاء الكون ، ويسجلون النجاحات بما يخدم البشرية جمعاء .
هؤلاء هم الوجه الحقيقي للبنان، اما السياسيين الحاليين في اكثريتهم ونتيجة ممارساتهم يُبرزون انفسهم الوجه القبيح والمشوه لبعض اللبنانيين .
لذا ، فلبنان لُبنانان لبنانُنا الذي يتمجد اسمه في ارجاء المعمورة فيُرفرف علمهُ بين اعلام الدول المتطورة والناجحة ، بينما لبنانهم والذي يُمثل العدميةَ والفساد وضحالة الوعي والثقافة ، والتصحر الفكري ، حيث تتمجد افكار السؤ وممارسة الفساد ، والاستقواء بالخارج وبأي اجنبي قبيح كمثلهم ، هو الى الانهيار والاضمحلال .
لبنانُنا يمتد من الازل ويستمر الى الابد ، لبنانهم مرحلة سوداء وتنتهي ، وستبقى بالذاكرة فقط لتتعلم منها الاجيال القادمة .
عاش لبناننا وبئس لبنانهم .