تكتيكات روسيا .. الغرب لا يثق وأوكرانيا لا تقبل حتما
د.خالد العزي
صرح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بأن روسيا تحترم وحدة أوكرانيا بشرط الوفاء بوعود إعلان الاستقلال عام 1991، بحسب ما نقلته صحيفة “فيزغلاد” الروسية الناطقة باسم الكرملين بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2023.
وقال لافروف، عقب نتائج العمل في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن روسيا تحترم وحدة أراضي أوكرانيا في سياق الوفاء بجميع وعود كييف المنصوص عليها في إعلان الاستقلال. وأشار إلى أن روسيا اعترفت بسيادة أوكرانيا في عام 1991 على أساس إعلان الاستقلال، الذي تبنته أوكرانيا عند مغادرة الاتحاد السوفياتي،
ان إعلان لافروف بان روسيا تعترف بحدود أوكرانيا حسب اتفاق الاستقلال عام 1991 اي منذ خروجها عن الاتحاد السوفياتي، يؤشر إلى توجه وموقف جديد لدى موسكو يخالف الشروط السابقة التي طرحتها قبل أيام من غزو أوكرانيا حيث وضعت شروطا تعجيزية وكانت تعرف جيدًا بان الشروط الثلاثة التي أعلنتها لا يمكن تحقيق سوى نصف شرط منها .
ربما الحالة التي وصلت لها روسيا بعد مرور اكثر من عشرين شهرا على العملية الخاصة التي أعلنتها موسكو ضد اوكرانيا باتت من الواضح أنها غير قادرة على تحقيق أهدافها الاساسية التي كانت تريدها وهي السيطرة على أوكرانيا، وتنصيب نظام موالي لها بواسطة القوة العسكرية، لكنها فشلت وباتت تعاني من ترهل فعلي بالاقتصاد وفشل عسكري وانقسامات داخلية وتراجع من نقاط كانت احتلتها سابقا .
اذن التشديد على إعلان الاستقلال والذي يتضمن الكثير من البنود الجيدة، يعني إنهم سيحترمون حقوق الأقليات القومية، ويحترمون حقوق اللغة الروسية واللغات الأخرى، وقد تم ذكر اللغة الروسية بشكل مباشر هناك. و “ثم تم إدراج كل هذا في دستور أوكرانيا”.
اعتقد بان هذا لم يعد يكفي للسير به طالما ان الغرب بات بشكل مباشر مرتبط بهذه الحملة العسكرية التي تخوضها أوكرانيا ضد روسيا فان الغرب لن يقبل هذا الكلام بسبب غياب الثقة بروسيا ونظامها والغرب يريد ضمانات فعلية عدم استخدام روسيا لخيار عسكري لاحقا ليس ضد أوكرانيا وإنما ضد اي دولة اخرى بعد تعافي روسيا وإعادة تجميع قواها العسكرية والحربية والمالية .
بالرغم من تأكيد لافروف في تصريحه بأن إحدى النقاط الرئيسية بالنسبة لروسيا في إعلان الاستقلال هي أن أوكرانيا ستكون دولة عدم انحياز ولن تدخل في أي تحالفات عسكرية. وبهذه الصياغة، وفي ظل هذه الظروف، ندعم سلامة أراضي أوكرانيا.
لكن إعلان مبادئ العلاقات بين الدول ذات السيادة على أساس ميثاق الأمم المتحدة، والذي ينص على أن الجميع ملزم باحترام سيادة ووحدة أراضي تلك الدول التي تحترم الحكومات مبدأ تقرير المصير للشعوب، وبالتالي تمثل جميع السكان الذين يعيشون في إقليم معين. هذا مرتبط بمواقف روسيا التي اعلنت منذ الدقائق الاولى للعملية بانها تريد تغير قواعد النظام الدولي الجديد .
فكيف يمكن ان يعلن لافروف بان روسيا “ليس لديها أي مشكلان” فيما يتعلق بسلامة أراضي أوكرانيا، بالوقت التي كانت ومازالت روسيا تتطالب بأراضي الامبراطورية الروسية من اربعمائة عام مضت فأن سلامة أراضي أوكرانيا تم تدميرها من قبلها.
دعونا نتذكر أن روسيا اقترحت أن تعود أوكرانيا إلى حدود عام 1991 من خلال الموافقة على شروط روسيا ، بينما دعا الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مرة أخرى في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى العودة إلى حدود عام 1991، لكن دون أي شروط.
لكن روسيا تفرض شروطا للعودة وأوكرانيا لا تقبلها حتما ان كانت بالحرب او السلم، لننتظر النتائج وكيف ستميل اليه الأمور بظل استمرار الحرب بين الطرفين .