بكين وسياسة التوازن بين الخندق والشريك الأصغر
د.خالد العزي
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيتوجه إلى الصين اثر محادثات اجراها مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي في سان بطرسبرغ منذ حوالي عشرة أيام، وتم التأكيد على أن زيارة الزعيم الروسي للصين ستتم في أكتوبر/تشرين الأول، حيث من المقرر أن يجري بوتين محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
لقد أظهرت المفاوضات التي أجراها وزير الخارجية الصيني في الاتحاد الروسي والتصريحات التي أدلى بها المشاركون فيها استعداد البلدين لتعزيز العلاقات في الاقتصاد والمجال العسكري التقني ومقاومة الهيمنة الأميركية على المسرح العالمي بشكل مشترك. ولكن وفقا لوسائل الإعلام الغربية، فإن الصين لا تريد الاعتماد فقط على التعاون مع روسيا، وبالتالي فهي تمهد الطريق لاجتماع شي مع الرئيس الأميركي جوزيف بايدن.
وبالرغم من دعوة الصين الى الرئيس بوتين لزيارتها في الشهر القادم حيث يشارك في المنتدى الثالث المخصص لمبادرة الحزام والطريق التي تم الاعلان عنها منذ عشر سنوات، لكن الصين لا تريد توسيع البيكار مع روسيا على حساب علاقتها مع الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص.
فان تعزيز التعاون بين البلدين عادي ولكن ليس على حساب العلاقات مع الدول الاخرى بالرغم من ان بوتين أدار وجهه نحو الصين، وشي جين بينغ ثابت في دعمه، ويتبنى كلا الزعيمين عموماً وجهة نظر مماثلة للأحداث على الساحة الدولية، معتقدين أن الهيمنة الغربية تقترب من نهايتها. ففي نهاية المطاف، تتحدى الصين الولايات المتحدة في كل شيء – في مجال التكنولوجيا وفي مجال القوة العسكرية ونطاق عمليات التجسس لكنها تبقى قنوات الاتصال معها مفتوحة .
بكين ليس أمامها خيار سوى تعزيز التنسيق الاستراتيجي مع موسكو. وإلا فلن تتمكن من مقاومة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة. ففي نهاية المطاف، لم يترك الصراع في أوكرانيا روسيا فحسب، بل وأيضاً الصين، في حالة من العزلة السياسية. وعلى الرغم من أن بكين وموسكو تشتركان في عدم الثقة بالغرب، إلا أن تقييماتهما للعمليات الدولية مختلفة. وهذا ينطبق على أوكرانيا. وتؤيد الصين باستمرار احترام سيادة جميع الدول ووحدة أراضيها. لذلك، لم يعترف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.
لقد كانت آخر زيارة لبوتين إلى الصين في الشهر الثاني من العام 2022، قبل بدء العملية الخاصة مباشرة. وتمت في جو دافئ للغاية. وقال شي إن الصداقة بين الصين وروسيا ليس لها حدود. وفي وقت لاحق، لم يتم تكرار هذه الصيغة رسميا. في الأيام الأولى من الصراع في أوكرانيا، بدأت الصحافة الغربية تتهم بكين بزعم أن موسكو أبلغتها مسبقًا بالعملية العسكرية وأن الصين مسؤولة أيضًا عن عواقبها.
فالسؤال المطروح على الجميع لماذا يسعى جزء من النخبة الصينية، الراغبة في استعادة العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة، في الوقت نفسه إلى أن تنتهج بكين سياسة التوازن بين موسكو وواشنطن، لانه لا أحد في بكين يعارض تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. لكن بنفس الوقت الصين لن تقبل دور الشريك الأصغر .