لودريان وشرور الحرب وطريق الرئاسة الصعب
حسين عطايا
جاءت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة للبنان في وقت مستقطع ، على وقع الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة الفلسيطيني وعلى الجبهة الجنوبية اللبنانية ، في وقت ينشغل فيه اللبنانيون في كيفية تأمين احتياجاتهم في الزمن الصعب، فجبهة الجنوب تنام على هدير المدافع وازيز الرصاص، وقياداتهم المولجة تسيير امورهم تغط في نومٍ عميق على احلام انانيات وهي تُمني النفس في تحقيق مصالحها على حساب مواطنيها والوطن سوى بعض قِلة لازالت تحتفظ ببعض من النواجز الوطنية تسعى للتوفيق بين انانيات البعض وضرورات الوطن والمواطنين .
لذا ، تُعتبر الزيارة لزوم ما لا يلزم في هذا الوقت، لانه لا يحمل جديداً، وهذه الزيارة حتى لا تستطيع تحريك مياه السياسة اللبنانية الراكدة، سوى بعض زيارات ولقاءات مع اكثرية الطبقة الحاكمة والتي تشتبك فيما بينها على كل شيء، وتعمل على اقتناص الفرص للسيطرة على كل شيء بينما الوطن ومواطنيه يحترقون بكل شيء .
اهم ما حملته الزيارة ومن باب إدعاء الحرص على لبنان، هو رسائل للطبقة الحاكمة على تجنيب لبنان شرور الحرب الاسرائيلية في الجنوب، وكأن هذه الطبقة الحاكمة هي من يحُكم، وهي من يُمسك بِزمام الامور ، وخاصة بقراري الحرب والسلم ، مع علم لودريان ومن خلفه الادارة الفرنسية ، ان من يحكم لبنان فعلياً وبيده الحل والربط ، هو في طهران ويُمثله في لبنان حسن نصرالله امين عام حزب الله .
وبالتالي، فإن قراري الحرب والسلم بيد نـــصرالـــله وحــزبه، فيأتي القرار بتفعيل الحرب، او بتخفيف حدتها، إما مباشرة من طهران او عبر زيارات وزير خارجيتها حسين عبد اللهيان ، والتي بدت وكأنها زيارة لإحدى المحافظات الايرانية لا اكثر .
اما بخصوص الرئاسة، رئاسة الجمهورية اللبنانية والفراغ التي تعيشه لما قارب السنة لا بل يزيد ولا سبيل لحل عِقدها إلا ان يلين حديد بعض المعارضين اللبنانيين ويمشون في صف الطاعة لحزب الله ومرشحه الموعود، فإن لو دريان ومن خلفه إدارته الباريسية لم تتفتق اسارير افكارهم سوى الطلب من الافرقاء اللبنانيون وما اكثرهم عن أن الامر لم يعٌد يحتمل فراغاً فلذا مطلوب البحث عن مرشح ثالث يتوافق عليه اللبنانييون، وكأن في الأمر سراً كان مخفياً ، وقد طالب في بعض الاروقة الضيقة عن ضرورة سحب حزب الله مرشحنه سليمان فرنجية ، والتي سبق لادارته في باريس وبدعمٍ من رئيس جمهوريته إيمانويل ماكرون التسويق فيما مضى وزيارات الموفد الفرنسي السابق وزيارات السفيرة الفرنسية السابقة ايضاً المكوكية لحارة حريك وللاطراف اللبنانية دون ان تستطيع اقناعهم بهذا المرشح الذي سيأتي بالمن والسلوى للبنانيين وسياسة حكمه الرشيد هي من تُخلص لبنان من الفساد والمحسوبيات وكل العهر السياسي اللبناني .
في كل ذلك ، زيارة لودريان في هذا الوقت بالذات ، لم تأت بجديد بل هي اجترار لإقوال سابقة كان قد حملها معه من ذي قبل .
لبنان هذا يمر باسوأ مراحله على مدار المئة العام التي مرت على إنشائه على يد الجنرال غورو الفرنسي، يوم اعلنه من قصر الصنوبر والذي كان مقراً للمفوض السامي الفرنسي ولازال مقرا للسفير الفرنسي ، وبالتالي هذا الحلم الاستعماري الفرنسي للانتداب على لبنان لم يعُد يُشكل مرجعية اللبنانيين ، ولا مربط خيلهم ، فقد تغيرت البلاد وسياسييها وهوا اللبنانيين فلم تعد اللغة الفرنسية هي اللغة المحببة لديهم سوى لقلة منهم، فقد حل مكانها اللغة الانكليزية لغة المال والاعمال ، وبالتالي الفرنكوفونية يجب ان تتخلص من إرثها الاستعماري وتتخذ طابعاً أكثر إنسانية تُحاكي فيه العصر وان تقف مع تطلعات الانسان اللبناني والعربي ، ولا تتخذ طرفاً في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتأتي لتقول في تل ابيب ان حماس هي داعش وبالتالي مطلوب تشكيل جبهة عالمية للوقوف بوجهها كما كان الموضوع بالنسبة لداعش، فسياسة فرنسا التاريخية ضاعت بشطحة تصريح في المكان الخطأ والزمان الخطأ .
Visited 18 times, 1 visit(s) today