رمال غزة المتحركة
حسين عطايا
يومان ويمر الشهر الثاني للحرب الصهيونية الامريكية على قطاع غزة ، ولا زالت حكومة الكيان الاسرائيلي تتخبط ومن خلفها الادارة الامريكية والعديد من الدول الغربية ، دون ان تُحقق هذه الحرب اي من اهدافها التي صرح بها رئيس حكومة الكيان واركان حربه وقياداته على مختلف مستوياتها السياسية منها والعسكرية ، مع توفُر الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الامريكية بالسلاح والمال ، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل تعداه الى ارسال حاملات الطائرات وبوارج بحرية وعديدٌ من نخبة الجيش الامريكي ، لاسيما فرقة دلتا ، ورغم كل هذا الدعم العسكري والدبلوماسي العالمي ،إلا ان اي من اهداف الحرب لم يتحقق ، خصوصاً بعد خروج الناطق باسم الجيش الاسرائيلي – دانيال هاغاري بالامس ليقول ان مقاتلي القسام في غزة يتفوقون على قوات جيشه ولازالت مناطق كثيرة في قطاع غزة لم يدخلوها ، مع العلم ان سبعون بالمئة من القوات الاسرائيلية التي دخلت شمال القطاع عادت وانسحبت منه خلال فترة الهدنة في الاسبوعين الماضيين .
وبذلك تعترف قوات العدو وبلسان المتحدث باسمها ، بأنه عاجزة عن تحقيق اهدافها ، لا بل ، انها تعترف بضراوة المعارك مع مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية ، والتي اوقعت في صفوف القوات المهاجمة اعداداً كبيرة في العديد والعتاد ، لابل اثبتت ان دخول القوات الصهيونية وتوغلها في شمال القطاع لم يُتيح لها الفرصة بأن تُسيطر على الارض ، وهي اليوم بعد فشلها في الشمال تتجه نحو جنوب القطاع خلال اليومين الماضيين .
وفقاً لمصادر المقاومة الفلسطينية في القطاع، بالاضافة الى معلومات الجيش الاسرائيلي نفسه المقاومة في جنوب غزة تُلاقي مقاومة شرسة وضارية كما واجهت في الشمال ،وقد اوقعت خلال اليومين خسائر فادحة ، رغم انها تسوق ان اتجاه قواتها نحو الجنوب ، نتيجة معلومات استخباراتية بأن قيادات القسام وباقي الفصائل المقاومة والاسرى موجودين في جنوب غزة ومدينة خان يونس على وجه الخصوص .
هذا في المعلومات والاخبار ، اما من حيث الوقائع ، فإن استمرار المقاومة وبعد مُضي ما يُقارب الستين يوماً من القتال ، لازالت فصائل المقاومة تمتلك زمام المبادرة ، وتمتلك ميزة القيادة والسيطرة في توجيه القوات لاسيما في توجيه الرشقات الصاروخية على منطقة غلاف غزة وصولاً الى وسط الكيان ومُدنه الكبرة من تل ابيب الى القدس الغربية وغيرها من المُدن الرئيسية في الكيان الصهيوني ، عدا عن قُدراتها العالية في الالتحام مع قوات العدو المهاجمة وتكبيدها الخسائر الكبيرة في العديد والعتاد ، بالرغم من التفوق النوعي في السلاح والعديد والعتاد الحربي وخصوصاً على صعيدي سلاح الجو والبحر ، وهذا لم يُقدم للقوات الغازية سوى ميزة التدمير وقتل الابرياء والتي تُعتبر حرب إبادة وجرائم حرب لابُد ان تُحاسب عليها حكومة العدو ، خصوصاً ان متغيرات كبيرة وكثيرة قد حصلت في الايام الماضية على مستوى الرأي العام العالمي وخصوصاً داخل الولايات المتحدة الامريكية ، كذلك داخل الكيان الصهيوني الغاصب .
كل ذلك، سيجبُر حكومة العدو في الرضوخ اخيراً للضغوط التي تُمارس عليها في الميدان من قِبل الفصائل المقاومة وكذلك من خلال الضغوط الخارجية ، ولم يعُد بعيداً اليوم التي سترضخ فيه وتضطر مرغمة على قبول قرار وقف الحرب والقبول بصفقة تبادل وفقاً لإرادة المقاومة في تبييض السجون الاسرائيلية وخروج كافة الاسرى الفلسطينيين خصوصاً اولائك الذين يقضون عقوبات الاحكام الطويلة والمؤبدات .
لم يكن قرار الحرب على قطاع غزة نزهة او بهذه السهولة ، ولكن المطلوب ان تكون لدى فصائل المقاومة والقيادات الفلسطينية رؤية سياسية وطنية تصرف هذا النصر في تحقيق بعض طموحات الشعب الفلسطيني في دولته الواحدة والتي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة والحرية للشعب الفلسطيني ، ولا ان تكون فرصة لدول وجهات خارجية يُمكنها الاستثمار بالدم الفلسطيني وتحقيق ارباح على حساب فلسطين ودم شعبها .
وهنا السؤال الاهم ، كيف ستصرف قيادة الفصائل الفلسطيني في غزة وخارجها النصر الآتِ واين ؟