إسبانيا تراهن على إذابة جليد أوسلو
مدريد – عبد العلي جدوبي
خلال لقاء صحفي أمام البرلمان الاسباني، قال (بيدرو سانشيز) رئيس الحكومة الإسبانية (الأربعاء 22 ماي) بعد اعتراف كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا بالدولة الفلسطينية، قال بأن السياسة الخارجية لبلاده تحترم القانون الدولي فيما يخص القضية الفلسطينية، وأضاف أن تصويت إسبانيا في الأمم المتحدة على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، كان لدعم قرارنا الأخير بالإعتراف بفلسطين، وتابع: “نقول للفلسطينيين الأبرياء بأننا معهم رغم التدمير والحصار، فإن دولة فلسطين ستبقى في قلوبنا”
هذا وتعد إسبانيا أكثر دول الاتحاد الاوروبي انتقادا لإسرائيل، وحافظت على موقفها بشأن الحرب على غزة، مما تسبب في توترات بين مدريد وتل أبيب، وتصاعدت الأزمة بين الطرفين بعد زيارة سانشيز إلى مصر من معبر رفح الحدودي بين مصر وغزه في نوفمبر الماضي؛ وكانت صحيفة (الباييس) المقربة من الحكومة الإسبانية قد طالبت في إحدى افتتاحيتها بمحاسبة (نتنياهو) وتقديمه للمحاكمة، لما قام به ويقوم به من انتهاكات للقانون الدولي، والإبادة الجماعية في حق أهالي غزة، وكان البرلمان الاسباني قد دعم حقوق الشعب الفلسطيني. وهو ما ظهر جليا في التوصيات الأخيرة له، حيث شهد زخما متناميا لدعم فلسطين، وقد حدد الرئيس سانشيز الاسبوع القادم موعدا للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، محذرا في نفس الوقت رئيس وزراء الكيان الصهيوني (بنيامين نتنياهو) من دفع حل الدولتين الى الانهيار، وتراهن إسبانيا على إذابة جليد اتفاقية اوسلو المجمدة منذ العام 1993.
ونشير إلى أنه بعد إقامة العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ومنظمة التحرير الفلسطينية العام 1975 كجزء من الحوار العربي الأوروبي، أصبحت السويد عام 2014 أول دولة عضو في الاتحاد الاوروبي من اوروبا الغربية تعترف بدولة فلسطين، علما أن الدول الاخرى هي مالطا وقبرص وكذا دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءا من المعسكر السوفياتي في ذلك الوقت، وهي بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا كانت قد اعترفت بفلسطين عام 1988 قبل انضمامها الى الاتحاد الأوروبي، كل هذه الاعترافات تتماشى مع العديد من قرارات الأمم المتحدة التي اكدت على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي الى إنشاء دولتين على أرض فلسطين التاريخية، وقرار مجلس الامن رقم 242 الداعي الى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو 1967.
ووفقا لتقارير صحفية غربية، فان الامر الأكثر أهمية هو أن الاعترافات الجديدة تشير إلى تآكل احتكار الولايات المتحدة الأمريكية لمسار عملية السلام الفلسطينية _ الإسرائيلية المجمدة منذ اتفاق (أوسلو)، وسيكون لاحقا اعترافات عدد من الدول الأوروبية بفلسطين أثرها الهام خلال الفترة المقبلة بعد الحرب على غزة، وقد ألمحت دول أخرى عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، فقد أعلن رئيس الوزراء البلجيكي (دي كارو) في تصريح له نقلته الأيشوسيد بريس، أن بلاده تبحث مسألة الاعتراف بدولة فلسطين، وستتولى بلجيكا الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، وبناء عليه فإن اتخاذها أي قرار في هذه الفترة ستكون له تبعات دبلوماسية حسب مراقبين..
ومن جهه أخرى كان وزير الخارجية الأمريكي (أنطوني بلينكن) قد طالب حسب موقع اكسيوس الامريكي، خلال يناير الماضي، من وزارته مراجعة إجراء وتقديم خيارات سياسية، بما فيها احتمال الاعتراف بدولة فلسطين، لإيجاد وسيلة دبلوماسية للخروج من الحرب من غزه، وفتح الباب لإعادة التفكير في السياسات الأمريكية السابقه بالشرق الاوسط!
وتواجه إسرائيل تحديات عديدة على ضوء قرار الاعترافات بالدولة الفلسطينية، مما تسبب في انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي بسبب السياسة الرعناء لرئيس وزراء الكيان الصهيوني (بنيامين نتنياهو)، هذه السياسة أدت حسب العديد من المحللين السياسيين إلى نفور العديد من الدول من تلك الحكومة الفاشية، التي أصبحت أكثر عزلة دبلوماسيا على المستوى الدولي، مما أثار تساؤلات حول المدة التي يمكن أن تستمر في انتهاك القانون الدولي.
ويرى سياسيون إسبان بصحيفتي (الباييس) و(إلموندو) الإسبانيتين، أنه ليس هناك رؤية إسرائيلية واضحة المعالم، ناضجة بشأن ما بعد الحرب على غزة، يعود ذلك الى أمور أهمها صدمة إسرائيل بعد عملية (طوفان الاقصى) وانهيار استراتيجيتها المهزوزة لاحتواء حركه حماس، والتي راهنت على القضاء عليها قرابة عقد ونصف العقد، وسيطرة هاجس الأمن الذي لا يوفر لها هامشا في طرح سياسي، يمكن أن يقبله حتى أقرب حلفاء إسرائيل، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
Visited 46 times, 1 visit(s) today