الهدنة في غزة في مهب الريح وإيران ترمي الكرة بوجه نتنياهو
أحمد مطر
منذ الأسبوع الأول للحرب على غزة، ما انفك الحديث عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يخشى انتهاء الحرب، لأنه بانتهائها، سينتقل من غرفة العمليات إلى قاعة المحكمة، فإن في لبنان مَن يخشون انتهاء الحرب، لأنهم سيجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع شعبهم وبيئتهم، وسيجدون أنفسهم في قفص الاتهام، لأنهم سيُسألون وسيخضعون للمساءلة تحت عنوان ماذا حققت لنا حرب الإسناد؟
بعد قمة باريس، يمكن اعتبار الفقرة التي تضمنها بيان القمة الأميركية الفرنسية الأخير المتعلق بلبنان، بالمهة، وتعبر بوضوح عن اهتمام مشترك، بالأوضاع في لبنان عموما، وتحديدا المواجهات العسكرية الجارية على الحدود اللبنانية الجنوبية، بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي وضرورة وضع حد لها، وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن.
وتمكن الإشارة إلى أن تخصيص لبنان بحيزٍ في البيان المذكور، بالرغم من جدول أعمال القمة الحافل والقضايا والمشاكل الكبيرة التي تبحثها يؤشر إلى أمرين، الأول الأخذ بعين الاعتبار التوتر والاشتباكات الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من شهر أكتوبر- تشرين الأول الماضي بالاعتبار، وحرص الدولتين على ضرورة وضع حد لها ومنع توسعها إلى حرب واسعة، وتحديد القرار 1701، أساسا لأي اتفاق يعقد بين لبنان وإسرائيل، لإنهاء الاشتباكات وإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، مع التشديد على عودة السكان المدنيين إلى منازلهم وقراهم على جانبي الحدود بين البلدين.
أما النقطة الثانية، فهي القلق الشديد الذي عبر عنه البيان، للفراغ الرئاسي المستمر منذ 18 شهرا، والدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن، لأهمية وجوده بإعادة انتظام المؤسسات، والنهوض بالدولة والتركيز على وجوب إجراء الاصلاحات المطلوبة، كشرط لتقديم المساعدات والقروض اللازمة، لحل الأزمة المتفاقمة وإنعاش الاقتصاد اللبناني.
وهكذا يمكن اعتبار مضمون البيان الأميركي الفرنسي، بأنه دحض كل ما أُشيع عن خلافات بين الجانبين حول مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية، وأكثر من ذلك، يؤكد على وجود تفاهم على الخطوات المطلوبة لحل مشكلة الفراغ الرئاسي بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية، وأعطى انطباعا واضحا، بأن لبنان هو موضع اهتمام الدولتين، وليس بلدا متروكا لقدره، بالرغم من الأوضاع الصعبة فيه، وتعذر إجراء الانتخابات الرئاسية، بسبب الخلافات السياسية الحادة بين الأطراف السياسيين، والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية والتي أدت إلى عرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية حتى اليوم، تحت حجج وذرائع عدة، وقيام حزب الله بإشعال جبهة الجنوب بقرار إيراني، الأمر ألذي يعرض لبنان لأشد المخاطر والتداعيات السلبية.
ويمكن الاعتقاد بأن تطرق البيان المذكور، الذي صدر في غمرة تصاعد التهديدات الإسرائيلية، لشن حرب واسعة ضد لبنان، ردا على استهداف حزب الله للمستوطنات الإسرائيلية المقابلة للحدود اللبنانية الجنوبية وردود حزب الله بالمقابل، بدد كثيراً من منسوب المخاوف والقلق، من احتمال توسع المواجهات العسكرية بين الحزب وإسرائيل في الوقت الحاضر على الأقل، ورسم خطوطا حمراء ضد توسع المواجهات العسكرية الحالية، إلى حرب واسعة النطاق، وبمعنى أوضح بعث برسائل واضحة لكل من حزب الله وإيران وإسرائيل بالمقابل، أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ترفضان أي جنوح للتصعيد العسكري، وتفضلان إنهاء التوتر والإشتباكات والتوصل إلى اتفاق، لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويمكن القول، إنه يمكن الاستخلاص من فحوى البيان الأميركي الفرنسي، بأن تفاهمات الدولتين التي جنبت لبنان تمدد الحرب الإسرائيلية على غزة إليه بشكل واسع، منذ عملية طوفان الأقصى، ماتزال سارية حتى اليوم، وهذا الأمر يُنظر إليه بارتياح، ولكن قد لايكون ذلك كافيا، إذا لم يقترن بإنهاء هذه الحرب في وقت قريب.
ختاماً، مهما يُقال من كلام، يستشف منه رفع المعنويات وتأكيد النصر الآتي من دون أن يقال كيف، فإن ما بعد الحرب أصعب بكثير ، مما هو عليه الوضع أثناء الحرب، فحتى لو انتهت الحرب اليوم كيف سيتم تبرير سقوط ذلك العدد الكبير من الضحايا المدنيين والمقاتلين، بالإضافة لذلك كيف سيتم تبرير الدمار الهائل الذي لحق بالجنوب في الشهور الثمانية من الحرب، ما هو معيار هذا الانتصار المكلف إلى اليوم، في الخسائر وفي الأرواح والممتلكات.
فهل من يتعظ.
Visited 48 times, 1 visit(s) today