تلاميذ وتلميذات من كازابلانكا يكتبون عن آبائهم
متابعة: يحيى حوض
نظم نادي كليلة ودمنة بالثانوية التأهيلية زينب النفزاية/ مديرية سيدي البرنوصي؛ مساء يوم الجمعة 20 دجنبر 2024، بشراكة مع جمعية الآباء وأولياء التلاميذ، وإدارة المؤسسة؛ وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية (18 دجنبر) حفل توقيع كتاب ”بويا: محكيات لليافعين واليافعات” الذي ألفه تلاميذ وتلميذات المؤسستين المتجاورتين ”ولادة” و”زينب النفزاوية” بمنطقة سيدي مومن، بإشراف وإعداد وتقديم محمد محيي الدين. وبرعايـة: الأكاديمية الجهوية للتربية والتكويـن لجهــة الدار البيضاء سطـات، وإشـراف علمي لمـخـتـبـر السرديات والخطابات الثقافـية بكلية الآداب والعـلوم الإنسانية بنمسيك.
استهل الحفل بكلمة ترحيبية لابتسام حوسنــي (شاعرة/ مديرة الثانوية التأهيلية زينب النفزاوية)، التي عبرت عن مدى سعادتها بهذا الحفل البهيج الذي يعرف حضورا نقديا يمثله الناقد شعيب حليفي، والناقدان يونس الإدريسي وسعيد العيماري، كما رحبت بالآباء والأمهات الحاضرين، ومختلف الضيوف والهيئات، داعية تلاميذ المؤسسة للاستمرار في حصد نتائج جيدة دراسيا وإبداعيا.
افتتح أشغال اللقاء محمد محيي الدين معبرا عن مدى سعادته بحضور الآباء والأمهات لتوقيع كتاب ”بويا” الذي هو من تأليف أبنائهم وبناتهم، وحضور الناقد شعيب حليفي الذي كان دائم الدعم لأنشطة نادي ”كليلة ودمنة”، عبر إشراكه في الأنشطة الثقافية، والإسهام في الإشراف النقدي على محكياته؛ ومنها: ”بوح الشمس”، و”بويا”… كما رحب بالناقدين: سعيد العيماري ويونس الإدريسي اللذين تجشما عناء السفر من مدينة الجديدة لحضور التوقيع، وتقدم بجزيل الشكر لكل من أسهم في نقد الكتاب ومراجعته وطبعه، وخص بالذكر:
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكويـن لجهــة الدار البيضاء سطـات، ممثلة في السيد عبد المومــن طــالـــــب (مدير الأكاديمية) والسيد: بوعزة بدوز (رئيس قسم الشؤون التربوية) والسيدة: السعدية أزدو، والمديرية الإقليمية بالبرنوصي، والمفتش التربوي حسن منير، ومديرة الثانوية التأهيلية ”زينب النفزاوية” السيدة: ابتسام حوسنــي، والسادة: أعضاء لجنة القراءة: رضوان زوهري، عبد الله المعقول، عبد الرحمان قدراوي، يوسف البهالي.
ثـلَّة من النُّقاد المغاربة والعرب المشاركين في تقييم محكيات الكتاب؛ وهم:
- شـعـيــب حـليـفـي (ناقـد وروائي/ مدير السرديات والخطابات الثقافـية بكلية الآداب والعـلوم الإنسانية بنمسيك، جامعـة الحسـن الثانـي/ الـدار البيضـاء).
- أيمـن تْعَـيـلَب (أستاذ النقد بكلية الآداب جامعة السويس/ مصر).
- منيـــر عُتيـبـــة (قاص وروائي وناقد، مؤسس مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية (مصر)).
- عبد القادر الدحمنـي (روائي وباحث في السرديات/المغرب).
- حسن منيـر (مفتش تربوي بالتعليم الثانوي التأهيلي (المغرب)).
- جمال بندحمـان (ناقد وكاتب مغربي/ أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء /المغرب).
- شُمِيسَة غَربي (أستاذة جامعية، جامعة سيدي بلعباس (الجزائر)).
- ميلود عَرنيـبــة (كـاتـب وناقد (المغرب)).
- عبــــاس خَلَف علي (كاتب وناقد/ رئيس تحرير مجلة الرقيم (العراق)).
- فريـد أمعضشو (أستاذ باحث بمركز تكوين مفتشي التعليم بالرباط (المغرب)).
- سالـــم الفائـدة (ناقد متخصص في السرد الحديث(المغرب)).
تناول الكلمة في المداخلة الأولى الناقد والروائي شـعـيــب حليـفي (مدير مختبر السرديات والخطابات الثقافـية بكلية الآداب والعـلوم الإنسانية بنمسيك، جامعـة الحسـن الثانـي/ الـدار البيضـاء)، منوها بتجربة أدب اليافعين التي يقودها نادي ”كليلة ودمنة”، والتي ينبغي أن تعمم في نظره لتشمل باقي بقاع الوطن، ومنها المدرسة المغربية بالبادية، حيث دعا إلى أهمية تلاقح التجارب بينهما عبر الزيارات الميدانية. كما بين الأثر الإيجابي لتجربة الكتابة على اليافعين وسلوكهم داخل المدرسة والحياة. واختلاف تجربة الكتابة عن الأب مقارنة مع الأم، وأهمية أن يكتب الفتيان والفتيات خصوصا عن آبائهم ويقدروا مجهوداتهم وتعبهم في الحياة … عبر التقاط لحظات يغفل عنها الكبار. واختتم مداخلته بالتأكيد على أهمية الإنصات لليافعين وتشجيعهم في مختلف ربوع الوطن، وتثمين نصوصهم السردية ذات الحمولة الاجتماعية والنفسية…
استهل يونس الإدريسي (المركـز الجهوي لمهـن التربية والتكـوين الدار البيضاء سطات) كلمته بشكر مؤسسة زينب النفزاوية، وكل من أسهم في تنظيم هذا اللقاء الذي يحتفي بعمل يكشف أن المدرسة المغربية بخير وفي أفضل حال، مبرزا أن كتاب “بويا” المحتفى به، يعكس بشكل جلي النجاح والجودة التي تعكس التكامل بين المتعلم والمدرس وفضاء المدرسة وكل المتدخلين فيها، فكل قارئ لمحكيات “بويا” لا يمكن إلا أن يكون فخورا وسعيدا بهؤلاء اليافعين واليافعات، ومتطلعا لمستقبل جيل قادم ينهض بالأسرة والمجتمع والوطن والأمة.
وأكد الإدريسي أن قيمة محكيات “بويا” تتمثل في ما يلي: أولا، قيمة عاطفية نرصد فيها علاقة الأبوة والحميمية التي تربط الأبناء والبنات بالأب، إذ تبرز هذه المحكيات دور الأب في تشكيل هوية المتعلمين. إن كل قارئ يجد نفسه متأثرا بكل شهادة يقرأها فيستحضر بين سطورها علاقته بأبيه. ثانيا قيمة دلالية؛ فالمحكيات مليئة بالدلالات والمعاني التي تعكس مكانة الأب في الأسرة المغربية: التقدير والاحترام، الذكريات الجميلة، مشاعر الفقد، كسر الصورة النمطية لعلاقة الأبناء والبنات بالآباء، إحياء القيم العائلية والأسرية. ثالثا، قيمة فنية تتمثل في البناء السردي لمختلف المحكيات؛ فهذه الأخيرة تبرز أننا مواهب تحمل طاقات كبيرة على مستوى الكتابة من خلال توظيف لغة تتجاوز البعد التقريري إلى لغة تقوم التصوير الفني والإيحائي: التشبية، الاستعارة، السرد والوصف، تنويع الضمائر…
في الأخير، وجه الإدريسي خطابة إلى اليافعين واليافعات ملتمسا منهم مواصلة الكتابة، مجددا شكره للأستاذ محمد محي الدين الذي آمن بمتعلميه، ولمؤسسة زينب النفزاوية، ولمختبر السرديات والخطابات الثقافية على إسهامهم في إخراج عمل “بويا” إلى الوجود، ليكون علامة مضيئة في تاريخ المدرسة المغربية.
في كلمته التي عنونها بـ “بويا: وحميمية الكتابة السردية عند الناشئة” أشار سعيد العيماري (المركـز الجهوي لمهن التربية والتكـويـن الدار البيضاء سطات) إلى أن السياق الذي أُلِّف فيه الكتاب يفرض استحضار عناصر ثلاثة تتواشج فيما بينها؛ هي: المدرسة، المعرفة المتحققة عبر فعل الكتابة، والأسرة المجسدة في الأب. لينتقل إثر ذلك إلى تأكيد الحاجة إلى المدرسة في المجتمع وأدوارها الوظيفية فيه، مبينا أن سياق اللقاء يشير إلى أحد تلك الأدوار حيث الإسهام في الصناعة الثقافية عبر الكتابة، مبرزا أن هذه الأخيرة لا تتحقق إلا عبر التعليم، ومن ثمة فهي تخضع لجملة من المقتضيات التي هي بمثابة شروط مسهمة في حفز الناشئة على الكتابة.
وفي معرض وقوفه عند كتاب “بويا” نوّه سعيد العيماري بالمبادرة التأطيرية لهذه الصنعة الثقافية الخاصة والرائدة، وما أفرزت من نصوص سردية حول موضوع الأب؛ ليبسط في هذا الإطار وقع العنوان “بويا” على القارئ، مؤكدا أن الأمر يتعلق بـ “بونا” نحن المغاربة، لأننا نكتشف أننا بصدد 65 نموذجا قصصيا يقدم صورة للأب، من شأنها في النهاية أن تعكس عينة لمجتمع أسري، ونموذجا لخصائص المجتمع المغربي، بتتبع الوضع الاجتماعي والعلاقات الأسرية والأحوال النفسية المعبر عنها في تلك النصوص المدرجة ضمن محكيات الانتساب العائلي حول الأب؛ خاتما كلمته بعرض بعض الخصائص المميزة للكتاب على مستوى: الوعي بالعلاقة الحميمية مع الأب، اشتغال الذاكرة، مرجعية فضاء البيت، لغة السرد العاطفية.
وفي المحطة الأخيرة من اللقاء، استمع الحضور لقراءات نصوص التلاميذ المتضمنة في الكتاب، وتفاعل الحضور من آباء وأمهات … مع النصوص المقروءة والمداخلات النقدية، كما وقع التلاميذ عملهم الإبداعي.