دار الشعر بمراكش تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة (2975)
متابعات:
نظمت دار الشعر بمراكش لقاء جديدا من برنامجها الشعري “أوال”، يوم الأربعاء 15 يناير، بتنسيق مع المديرية الجهوية لقطاع الثقافة مراكش أسفي وضمن برنامج الدورة الثانية للمهرجان الوطني للثقافة الأمازيغية، والذي تنظمه المديرية الجهوية للثقافة تحت شعار: “الثقافة الأمازيغية: إرث حضاري وإبداع متجدد”. واحتضنت مدينة آيت اورير هذه الفعاليات، والتي تأتي في سياق احتفاء المغرب برأس السنة الأمازيغية الجديدة “ايض ن ايناير” 2975.
والتقى الشعراء صالح آيت صالح وصفية عز الدين وعبدالرحيم أمدجار وحياة بوترفاس، في ضيافة جمهور آيت ورير بالمركز الثقافي بالمدينة، وخصت فرقة أولاد البلاد لفن الهوارية، من مدينة طاطا برئاسة الشاعر والفنان بدر هبول، استقبالا فنيا خاصا احتفاء بالموروث الثقافي المادي واللامادي لهذا المكون الأساسي للهوية المغربية، فيما قرأت قصائد شعرية تعبر عن تعدد المنجز الشعري الأمازيغي اليوم، والذي ظل مرتبطا بتربة الأرض وحنين الإنسان ووجعه.
وأكد الأستاذ عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، في مستهل اللقاء “أن دار الشعر بمراكش، مؤسسة ثقافية تأسست يوم 16 شتنبر 2017 ضمن بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، وخصصت ضمن استراتيجية احتفائها بشجرة الشعر المغربي الوارفة، الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي، سواء ضمن برمجتها الشعرية والثقافية السنوية، أو من خلال احتفائها بتجارب وارفة من هذا المنجز الشعري المغربي، سواء ضمن برنامج تجارب شعرية والذي خصص للرواد (محمد مستاوي، محمد واكرار، أوطاطا..)، أو من خلال حرصها ضمن تكريمات مهرجان الشعر المغربي ومنذ دورته الأولى على أن تكون إشراقات هذا المنجز حاضرة الى جانب المكونات الأخرى فصيحا وزجلا وحسانية“.
ويأتي تنظيم هذه الفقرة الجديدة من برنامج أوال الشعري، ضمن سياق احتفاء المغرب بالسنة الأمازيغية الجديدة (2975)، والتي أعلن عنها رسميا يوم 14 يناير 2024، لأول مرة بعد إقرارها عطلة رسمية في تكريس للاعتراف بالثقافة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية. واحتضن المركز الثقافي في مدينة آيت اورير، هذه الأمسية الشعرية والفنية والتي أشرف على تقديم فقراتها كل من الإعلامية صوفية الصافي والشاعر بدر هبول، والتي شهدت تقديم كلمة للأستاذ الباحث سمير الوناسي، باسم المديرية الجهوية لقطاع الثقافة مراكش أسفي، مؤكدا على “أن الدورة الثانية لمهرجان الثقافة الأمازيغية، والذي تشرف عليه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة، قد حظي هذه المرة بمشاركة وازنة وخلاقة لمؤسسة ثقافية رائدة هي دار الشعر بمراكش، ولعل الأمسية الشعرية والفنية أوال تترجم هذه الإرادة في انخراط هذه المؤسسة الإنتصار للأفق الشعري المتعدد للهوية الثقافية المغربية“.
وكتب ديوان أوال في سنته الجديدة شعراء ينتمون الى جغرافية التعدد الشعري الأمازيغي المغربي، إذ شارك الشاعر والكاتب صالح آيت صالح من تارودانت، الشاعر والمترجم والكاتب، والذي راكم تجربة مهمة في إصداراته الشعرية والسردية وفي مجال الترجمة، وسبق له التتويج بالجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية، صنف الشعر، التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة (2019). قرأ آيت صالح نصوصا جديدة تحتفي بصوت الشاعر وهو يستغور هويته الخاصة، متلبسا باللغة القادمة من أغوار التاريخ القديم.
وحافظت الشاعرة والفنانة والإعلامية صفية عزالدين، وهي أول كاتبة باللغة الأمازيغية بالجنوب الشرقي، على نمطها الشعري وأسلوبها في الإلقاء النظمي الأمازيغي. التقاء القصيدة في اختيارها اليومي وأنماط العيش، وفي تواشج مع النظم الموسيقي مادامت الشاعرة حريصة أن يكون السياق هو أحواش، في قدرة القصيدة أن تنتقل الى المتلقي مباشرة.
أما الشاعر والكاتب عبد الرحيم أمدجار، فهو أحد إشراقات دار الشعر بمراكش وأحد متوجيها في جائزة “أحسن قصيدة” (2023)، فيمثل التجارب الشعرية الجديدة اليوم، والتي اختارت أن يكون نصها الشعري موجها للمتلقي من خلال تجربة النشر. الشاعر امدجار، والذي أهدى نصا قصيرا للأمهات الحاضرات بقوة في اللقاء، قرأ قصائده التي تحمل نفسا شبابيا جديدا، في انفتاح على تيمات وموضوعات حديثة ويراهن من خلالها أن يظل النص الشعري الأمازيغي مواكبا لأسئلة التحول.
وختمت ديوان أوال الشاعرة حياة بوترفاس من مدينة الناظور، والتي عبرت من خلال اشتياقها “ازويث” (الاشتياق/2021)، و”ازكو” (“العبور”)، الى إعطاء حضور لافت للتجربة الشعرية الأمازيغية النسائية اليوم، بوترفاس الفاعلة الجمعوية والتي أرست من خلال مسار تجربتها الشعرية، حضورا لافتا في المشهد الثقافي والشعري المغربي. ولعل هذا الحضور المتعدد، في ديوان أوال، لهذا التعدد الشعري للمنجز الشعري الأمازيغي اليوم، جعل ديوان دار الشعر بمراكش، صورة مصغرة لهذا الحراك الحديث اليوم في القصيدة الأمازيغية الحديثة.
خص جمهور ايت اورير احتفاء خاصا لدار الشعر بمراكش، ولعل الحضور المتعدد لمختلف الفئات العمرية، في احتفاء المغرب بالسنة الأمازيغية الجديدة، يعبر عن عمق ارتباط بالشعر وبأثر القصيدة وحضورها القوي في الوجدان الجمعي. وبرنامج أوال لدار الشعر بمراكش يرمي الاحتفاء بالمنجز الشعري الأمازيغي، هذه التجربة الشعرية التي تشكل عمقا متعددا للهوية المغربية الشعرية. كما ينفتح على أصوات شعرية تنتمي لعمق المغرب الشعري، وشجرته الشعرية الوارفة الظلال والتجارب، من مختلف جغرافية المغرب المتعددة.