عاد النازحون الغزيون وهاجر الإسرائيليون

عاد النازحون الغزيون وهاجر الإسرائيليون

 عبد العلي جدوبي

           في غزة لا يقاس الصمود في حرب غير متناظرة بأعداد الشهداء وبالمزيد من الجنائز التي تحولت الى طقوس فلسطينية، ولا يقاس بأنواع الخسائر التي تكبدها العدو الإسرائيلي فقط، ولكن هذا الصمود يقاس بحجم مشروع التهجير الذي أسقطه الغازيون بصمود فاق كل التصورات؛ لقد عاد النازحون من أهل غزة إلى بيوتهم المهدمة، وإلى أحيائهم التي تحولت إلى خراب، وهاجرت قوافل الإسرائيليين من إسرائيل إلى عدة دول أروبية، (600 ألف إسرائيلي هاجر مند بداية الحرب حسب بيانات وزارة الإحصاء الإسرائيلية، والتي أضافت أن الرقم زاد مع استمرار الحرب، كما أن سبعة ملايين يعيشون في إسرائيل هم يهود، يشكلون 76% من إجمالي السكان، بينما يصل تعداد السكان العرب من فلسطينيين 48 مليون ومائة ألف نسمة)، والأصل في فشل المخططات الإسرائيليه أنها بنيت على قدرات حسابات متسرعة وعشوائية، مصدرها أن السفاح نتنياهو ينظر إلى الأشياء من فوق فوهة الدبابات وعن طريق الطائرات الحربية المقاتلة فقط، ومثله مثل دراكولا القرن يتلذذ بامتصاص الدم وإزهاق الأرواح، لكنه لا يرى أي شيء خارج عمى الألوان التي صورت له القتل والدمار “دفاعا عن النفس”، وحولت جرائمه إلى وسام شرف لم نجد من يعتز به أو يضعه على صدره غير مجرمي الحروب الإسرائيليين.

العدوان الإسرائيلي والحرب على غزه لمده 15 شهرا أصبح علامة على صمود شعب رغم القصف المتواصل والحصار، وعلامة على ماذا جرى وماذا سيحدث غدا، لأن الأوضاع في الشرق الأوسط لن تكون هي نفسها بعد الحرب المدمرة للبشر والحجر في غزة، وكذلك الحال بالنسبه للتطورات اللاحقة التي تطال الموقف الدولي وهيمنة القطبية الأحادية، ومفاهيم الأمن والسلام والتعايش.. لقد فتحت الحرب على غزة وأهلها العيون جيدا حول المشروع الإسرائيلي الجديد / القديم في التهجير، وحول نوعية العلاقات الجديدة التي ستترتب على هذه المعطيات، ولن يكون الرهان بعد اليوم قائما على المشروع الإسرائيلي الذي ثبت أن ميوله نحو السيطرة والتهجير قد فشل، ولن يكون الرهان مرتبطا بأوفاق الخرائط الإسرائيلية الوهمية، ولكنه يظل قائما حول الصدام بين مشروع الدولة الفلسطينية الآتية من رحم الحصار والمعاناة والتجويع الإرهاب. لكن المشكل هو أن اسرائيل التي وقفت ضد كل ما هو حضاري وإنساني، أصبحت عبئا على العالم برمته.. ومن يتصور أن تطابق المصالح مهما كانت نوعيتها يبيح الجرائم، يكون في صف المجرمين القتلة، فقد انفضح أمر المطبعين العرب بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، وظلوا صامتين يراقبون الأوضاع من خلف الستائر!  وانفضح زيف الديموقراطية الأمريكية والغربية الداعمة لإسرائيل، وانفضح أمر اللاهثين  المنتشون وراء “القوة الإسرائيلية التي لاتقهر”، أمام عش العنكبوت!!

لقد قامت أمريكا ودول اوروبا – كما هو معلوم – بإرسال الأسلحة إلى إسرائيل، وما تم نقله من أسلحة يكفي لإبادة مساحه تعادل 10 أضعاف مساحة غزة، وتعادل سته قنابل نووية – كما رأى العديد من الخبراء العسكريين – تكفي لحرق الأرض وتمنع أي بشر من الإقامة فيها بشكل غير قابل للحياة، لقد ازدحمت سماء غزة بطائرات التجسس من كافة أنواع الأسلحة  الإسرائيلية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والبريطانية والألمانية، والتي تصور بكل دقة واحترافية كل حركة على سطح الأرض! بالرغم من كل هذا يخرج المقاتلون يدمرون آليات الجيش الإسرائيلي ويقتنصون ويزرعون المتفجرات.. فلم يبق سلاح إلا واستخدم بكميات كبيرة ومفرطة في الحرب على غزة.. أمريكا تخلصت من كل اسلحتها المكدسة لديها. وهي تقيس عدد القتلى بأنه قليل جدا بالنسبة لكمية الأسلحة التي أرسلتها إلى إسرائيل.. والجيش الإسرائيلي كان يستهدف التجمعات المدنية بقصد، كما أن عددا كبيرا من الصواريخ لم تنفجر، ولو انفجرت جميعها كما يقول الخبراء لما بقي شيء على وجه الارض!! لقد نجح المقاومون في تدمير بعض هذه الصواريخ وأعادوا تدويرها واستخدموها كعبوات ناسفة تزرع في طريق العدو الإسرائيلي..

وتقول الصحافة العبرية أن لا نزوح بعد اليوم للفلسطينيين، فهناك المقاومون، وهناك الصمود، وهناك عزيمة شعب صمد 15 شهرا أمام كل أنواع القصف والتدمير والقتل والتنكيل والتجويع. بالرغم من الحصار المضروب عليهم على كل المستويات. 

Visited 2 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي