إِسْرَائِيل نَازِيَة مِن صِنْف جَدِيد

رحمان النوضة
تَـقـول رُوسيا أنّها تُحارب النَازيين في أُوكرانيا. وهذا جَيِّد، وَسَليم. لكن خطأ رُوسيا، وخطأ بُوتِين، وخطأ دُوغِين، وحتّى خطأ الصِّين، وخطأ شِي جِين بِين، في قَضية فَلسطين، وفي مَوقفهم المُساند لِحَلّ الدّولتين، هو أنّهم لَا يُدركون بَعْد أنّ إسرائيل هي «نَازِيَة» بِأُسلوب جَديد. وَلَا يَتَنَـبَّـهُون إلى أنّ إسرائيل هي «نَازِيَة» تَتَخَـفَّـى وَراء قِنَاع خِطاب مَظْلُومِيَة يَهُودية. وَأنّه لَا يُمكن لِأَيّ فَاعل حُرّ أنِ يَتَـعايش مع «كِيّان نَازِي».
وَتَطبيـقًا لِلْقَانون المَشهور في الجَدلية، وهو : «تَحَوُّل الشَّيء إلى نَـقِيضِه» (إذا تَوَفَّرت بعض الشّروط الخاصّة)، تَحَوَّل اليَهُود، ضَحايا النَّازِيَة الألمانية، إلى «نَازِيّة» يَهُودِيَّة ! دُون أنْ يَـعِـيَ اليَهُود ذلك ! وأصبحت «الصّهيونية» هي النّازِيَة اليَهُودِيَة الجَديدة!
وَتَتَشَدَّد هذه «النَّازِيَة اليَهُودِيَة» في العُنْـف، والْاِسْتِـعْمَار، والْاِسْتِيطَان، والعُنْصُرِيَة، وَالعَدَاوَة، والـقَتْل، وَالتَخْرِيب، والْإِبَادَة، أكثرَ مِن النّازية الألمانِيَة.
وَتَـغَاضَت الدّول الأوروبية عن تَحَوُّل الضَّحَايَا اليَهُود إِلى«صَهَايِنَة وُحُوش». وَاِنْـفَـضَحَ «اِسْتِلَاب» (aliénation) السِيَاسِيِّين، وَالمُـثَـقَّـفِين، في كلّ مِن أَوْرُوبّا، وأمريكا، في عَجْزِهِم عَن نَـقْد اِنْحِرَافَات اليَهُود المُتَصَهْيِنِين. بَل تَجَلَّى «اِسْتِلَابهم» السيّاسي في وَضع قَوانين تُجَرِّم «نَـقد الصهيونية»، وَتَمْنَع حتّى «نَـقد سيّاسات إسرائيل» ! وَاِعْتَبرت أوروبّا، وأمريكا، أنّ الْاِعْتِذَار عن أخطائهم العُنصرية الماضية تُجاه اليَهود، يَسْتَوْجِبُ منهم أنْ يُـعطُوا أحسن ما لَدَيهم، وفي كلّ الميادين، وَبِلَا حِسَاب، إلى هذا الَوَحْش الصَّهْيُونِـي النَّازِي النَّاشِئ !
وإذا كان مِن المُستحيل على رُوسيا أنْ تَتَعايش مع النّازِيَة المَوجودة في جارتها أُوكْرَانْيَا، فَبِنَـفْس المَنطق، يَستحيل على الدُّوَل العربية أن تَتَـعَايَشَ مع النّازِيَة الـقَائِمَة في إسرائيل.
وَيَستحيل على البُلدان العَربية أنْ تَتَـعايَش مع إسرائيل. ولماذا ؟ لأن إسرائيل هي كِيّان اِسْتِـعماري، واِسْتِيطَانِي، وَعِرْقِـي، وَعُنصري، وَدِينِـي، وَتَوَسُّعِي.
وَطبيعة إسرائيل، وكذلك طبيعة حلـفائها الإمبرياليّات الغَربية، تَـفرض بِأَنْ يَكون السَّبِيل الوحيد لِـ «ضَمَان أَمْن إسرائيل»، يَمُرُّ بِالضّرورة، عَبر إِبَادَة كل الـقِوَى المُقَاوِمَة لإسرائيل، وَتَخْرِيب كل الدّوَل المُجاورة، وَإِضْـعَافها، وَتَـفْتِيتِهَا إلى دُوَيْلَات قَزَمَة، وَإِخْضَاعِها كلّها، وَنَزْعها مِن كل الأسلحة، وَنَزْعها حتّى مِن أيّة سِيَّادة وَطنية، وَتَحْوِيل رُؤَسَاء هذه الدُّوَيْلَات إلى عُمَلَاء طَيِّـعِين، وَإِبْـقَاء كلّ هذه الدّول المُحاورة لإسرائيل، في حَالة ضُعف، وَهَشَاشَة، وَتَخَلُّف، وَانْحِطَاط. ومعنى ذلك، هو أنّ إسرائيل هي النَّـقِيض التَّامّ، والعَدُوّ المُطلق، لكل الشُّـعُوب العَربية المُجاورة.
فَإِمّا أنْ تَلْتَزِم كلّ الدُّول، بِمَا فيها الدّول الـقَوِيَة، بِـ «الـقانون الدُّوَلِي» كَامِلًا، وإمّا أنْ نَـعتبره لَاغِيًّا. وَلَا يَجوز لَنا جميعًا أن نَـعمل بِـالمَبدأ الْاِنْتِهَازِي المُتَجَلِّي في «الكَيْل بِمِـكْيَالَيْن» !