ترامب لإيران: استسلام بلا تفاوض!

ترامب لإيران: استسلام بلا تفاوض!

سمير سكاف

         ليس هناك أي خلاف أميركي – إسرائيلي “استراتيجي” في شأن ملف البرنامج النووي الإيراني! فالهدف الأساسي للتدخل الأميركي في هذا الملف النووي هو حماية إسرائيل، ومنع أي خطر مستقبلي نووي (أو غير نووي) ضدها!

والتحرك الأميركي، وبخاصة تحرك الرئيس دونالد ترامب ضد البرنامج النووي الإيراني مبني، منذ ولايته الأولى، على تحقيقات وتقارير الموساد الاستخبارية التي يقدمها له رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو!

وما سوف يجري في مسقط في سلطنة عُمان بين الأميركيين وبين الإيرانيين السبت المقبل ليس “محادثات”! لا مباشرة بحسب الأميركيين، ولا غير مباشرة كما يعتبرها الإيرانيون! فهذه ليست حتى “مفاوضات”! بل هذا عرض يقدمه الأميركيون غداة اجتماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في واشنطن. وقد تمّ تحديد سقف هذا العرض خلال هذا الاجتماع.

الرئيس ترامب يفاوض إيران “واضعاً المسدس في رأسها”! فهو ثبّت تهديداته لها قبل وخلال إعلانه عن المفاوضات، وفي رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامينئي. أي أنه لا يترك لإيران سوى خيارين، إذا كان يمكن اعتبارهما فعلاً من الخيارات!

وهذان الخياران هما؛ إما قبول إيران بالتفكيك الطوعي لبرنامجها النووي وإما تسديد ضربة عسكرية للمنشآت النووية!

الرئيس ترامب كان أرسل إلى الخامينئي رسالة تهديدية في الخامس من شهر آذار/مارس الماضي يحذره فيها من ضربة عسكرية “رهيبة“! ولا يبدو أن الرئيس ترامب قلقاً من رد المرشد الأعلى الإيراني، غير المباشر، على رسالته، برد عسكري على أي ضربة عسكرية تتلقاها إيران! ولا من تهديدات الناطق باسم الخارجية الإيرانية الذي اعتبر ضرب إيران يهدد السلم العالمي، ولا من التهديدات الواردة في صحيفة طهران تايمز لجهة تحضير إيران للصواريخ لاستهداف أهداف أميركية فيما لو تعرضت إيران لضربة عسكرية! ولا من مخاطر استهداف دول الخليج بضربات صاروخية!

فأي رد إيراني سيزيد، كما يبدو، من قوة الضربة التي قد تستهدفها، بنتيجة تصاريح الرئيس ترامب وتصاريح مستشاريه في البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع.

وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي أكد وجود اجتماع للمحادثات مع الولايات المتحدة في الشأن النووي بعدما كان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد اعتبر سابقاً، ورداً على رسالة ترامب، أنه لا يوجد إمكانية للمحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة!

وسيلتقي عرقجي المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، حيث سيقدم ويتكوف لعرقجي عرض آلية تفكيك البرنامج النووي مع تحديد مهل واضحة، أو جدول زمني له، وبإشراف أميركي مباشر، بالإضافة إلى رقابة وكالة الطاقة الذرية الدولية.

مايكل والتز، مستشار الأمن الأقومي في إدارة الرئيس ترامب كان أوضح تهديدياً “تشجيع” الولايات المتحدة لإيران لتفكيك “كامل” برنامجها النووي!

وللتذكير، فإن الرئيس دونالد ترامب هو الذي كان ألغى الاتفاق النووي السابق مع إيران في العام 2018، نزولاً عند رغبة نتانياهو.

إيران تقول إنه يتمّ دفعها إلى بناء قنبلة نووية بسبب التهديدات التي تتلقاها في حين أنها تعتبر أن التخصيب النووي فيها هو لأهداف سلمية وغير عسكرية!

وفي مراسلات مع الأمم المتحدة، تبدي إيران مرونة في مناقشة “عسكرة” أهداف برنامجها النووي. ولكنها غير موافقة على فكرة تفكيكه بالكامل!

وقد لجأت إيران إلى روسيا والصين في اجتماع مشترك في 14 آذار/مارس الماضي في بكين. وقد أصدر المشاركين بياناً مشتركاً دعا إلى حوار مبني على الاحترام. وطالب برفع العقوبات غير القانونية التي تطال إيران.

وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد عرض على الأطراف إجراء وساطة بين إيران والولايات المتحدة. ولم يُبدِ أي من الطرفين موقفاً واضحاً منها حتى الساعة!

إن تخصيب اليورانيوم في إيران بلغ نسبة 60% بحسب التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية الدولية في 26 شباط/فبراير الماضي! وهو بات قريباً، بحسب الخبراء الدوليين، من مستوى خطر ال 90%، أي القنبلة النووية!

وقد بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 275 كغ، بينها زيادة كبيرة وصلت إلى 91 كغ في الربع الأخير من السنة الأخيرة وحده!

وهذا يعني أن إيران أصبحت قريبة من تصنيع قنبلة نووية. مع الاشارة أنه ليس هناك أي دولة في العالم وصلت إلى درجة من التخصيب بلغت 60% ولا تملك قنبلة نووية!

فرنسا، ألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة أبدت قلقها من هذه الزيادة ودعت إيران لأقصى التعاون مع وكالة الطاقة الذرية الدولية.

أما المخابرات الأميركية والإسرائيلية فهي تعتبر في تقاريرها المعلنة أن إيران ليست بعيدة عن إمكانية تصنيع قنبلة نووية. وهي ترى في ذلك خطراً داهماً على الشعب الإسرائيلي وعلى دولة إسرائيل!

ولا يصعب الاستنتاج في هذا السياق أن تدمير البرنامج النووي بات قريباً، بالتدمير الذاتي أو بالتدمير العسكري! وقد يكون ذلك خلال السنة الجارية على الأرجح. وخلال سنتين على أبعد تعديل!

Visited 8 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية