“الإعلام ومونديال 2030 ” الإصدار الجديد لجمال المحافظ

“الإعلام ومونديال 2030 ” الإصدار الجديد لجمال المحافظ

سعيدة الحيحي

           تم تقديم مؤلف “الاعلام ومونديال 2030″، للكاتب الصحافي جمال المحافظ، الأحد 20 أبريل الجاري، بحضور فعاليات جامعية وثقافية وإعلامية وجمعوية، وذلك في اطار فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط المنظم ما بين 18 و28 أبريل 2025.

وتولى كلا من الكاتب الصحافي سعيد منتسب الفائز بجائزة كتاب  المغرب 2024 في صنف السرد، والباحثة الصحافية مونية المنصور،  تقديم وقراءة مؤلف “الاعلام ومونديال 2030″ الواقع في 260 صفحة من الحجم المتوسط، والصادر عن ” دار التوحيدي” والذي يندرج ضمن سلسلة كتب التي جمال المحافظ حول الصحافة والاعلام.

ملتقى الاختلاف والتنوع

     واعتبر سعيد منتسب في مداخلته أن القراءة المتأنية لكتاب “الإعلام ومونديال 2030″، للصحافي والباحث الأكاديمي، الدكتور جمال المحافظ، تنتهى إلى سؤال حارق يرتبط، في العمق، بما أسماه جيل دولوز “مجتمع السيطرة”، أو ما أسماه ميشيل فوكو “المجتمعات التأديبية”. وقال إن السؤال هو:  هل يمكن السيطرة المستمرة إعلاميا على “الفضاء الخاص للمونديال” أي الفضاء بوصفه ملتقى يخترقه الاختلاف والتنوع وتتجاور فيه العصبيات، في لحظة فارقة أهم ما يميزها هو “الاتصال، الفوري” ليس فقط بين الأفراد، بل بين الثقافات المتعارضة والمتصارعة أحيانا؟ هل بالإمكان إعمال آلة الإعلام من أجل “تهدئة الاختراقات الثقافية” التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من المونديال؟.
وأضاف أن الدليل أن هذا هو الانشغال الأساس لمضمون هذا الكتاب هو أن صاحبه يقسمه إلى قسمين دالين، أولهما:”هل ستتأهل الصحافة للنهائيات؟”، والثاني:”الإعلام أفقا للتفكر”، وقال في هذا الصدد ” من هنا، نتبين أن هناك شروطا ضرورية لا يمكن تجاوزها تفرضها اللحظة الكروية الاستثنائية، ذلك لأن التأهيل يقتضي التفكير في السياق الثقافي والاجتماعي والقانوني أولا، وفي الأنشطة الإنسانية المهيمنة، وفي طبيعة التفكير القائم محليا واشتراطاته ومظانه، وهذا يتطلب العودة إلى الممكن، وتنمية بعض المفاهيم قياسا على أن “لكل مشكلة جديدة، جهدا جديدا” .

استراتيجية متعددة الأبعاد

     وأعرب منتسب عن اعتقاده بأنه من الواضح أن الباحث جمال المحافظ يدرك جيدا أن تحديات كأس العالم تقتضي حيازة استراتيجية متعددة الأبعاد، كما يدرك أن لهذه التظاهرة الرياضية العالمية انعكاسات مختلفة تتجاوز ما هو رياضي إلى ما هو ثقافي وسياسي واقتصادي،ذلك أن كأس العالم ليس هو “الكرة” فقط، وليس هو الملعب أو الجمهور أو الفوز أو الهزيمة أو الكأس. بل هو أيضا ما يجري خارج الملاعب،  أي “ما يقع خارج الحقل” بتعبير السينمائيين. وهو، تحديدا، ما يمكن أن نسميه إنجاح “إخضاع الاختلاف للتشابه”، من خلال التعامل مع المونديال ككرنفال للهويات، أو كتجمع احتفالي لإظهار المشترك، وتخدير الأفكار المتقاتلة.

المونديال فعل ثقافي

     وأشار الى أن الكاتب، يثير الانتباه  في مؤلف الاعلام والمونديال إلى أن تنظيم كأس العالم لا يعني فقط توفير بنيات الاستقبال (الملاعب، الطرق، الطيران، المطارات، الموانئ، القطارات، المستشفيات، الأبناك، الفنادق، المطاعم، المقاهي، المساحات الخضراء، أنظمة الرقمة والاتصال.. إلخ)، بل يعني أيضا، وبالدرجة الأولى، توفير إعلام حيوي قائم على حيازة الواقع ومشكلاته، وقادر على التعاطي مع المعلومات ونقلها من مصادرها، ثم نشرها وإطلاقها نحو الفضاء العام (المتعدد في حالة كأس العالم)، بما هي تعبير عن الواقع الاجتماعي، في أفق تحقيق عملية “التواصل” القائمة على تبادل الأخبار والمعلومات والحقائق والرسائل والبيانات بين مرسل ومستقبل يتفاعلان من أجل “بناء معنى” يسمح للاختلاف بالتلاقي على مستوى الفهم.

وعلى هذا الأساس، فإن الإعلام الثقافي، وبدافع احترازي إلى حد ما، مدعو إلى أن يجعل كأس العالم مناسبة للتعريف بالتنوع الثقافي الذي يمثله المغرب، وإلى تحويل هذه المحطة إلى حدث ثقافي بقدر ما هي حدث رياضي،  فضلا عن إنضاج ظروف استقبال المغاربة للثقافات الأخرى، عبر  توفير مادة إعلامية احترافية تنقل المغربي من “الصورة المقولبة” التي صنعها “الآخر المختلف” إلى “الصورة الحية” التي تترجم هوية المغاربة، بكل أبعادها التاريخية والثقافية، كما جاء في قراءة منتسب للكتاب الذي شدد من جانب آخر، على أن إعلام المونديال لا يرتبط فقط بما تمثله التفاعلات الرياضية والثقافية والاجتماعية، بل أيضا بعلاقات أخرى خفية غير مرئية تماما تجعل من الضروري إدراجها ضمن مجمل علاقات القوى الموضوعية التي توجه لحظة المونديال، بل توجه الأفكار وتبنيها بما يتلاءم مع مصالحها، ومن ثمة، فالمونديال “فضاء اجتماعي مشيد”، وهو بتعبير بورديو “مجال تفاعلي للقوى”، إذ هناك مهيمنون، وهناك خاضعون للهيمنة.

مجال تفاعلي

     وخلص سعيد منتسب الى القول ” لهذا، فالكتاب الذي بين أيدينا يراهن على إعلام يسعى إلى “تعزيز التماسك الاجتماعي، وتقوية الشعور بالفخر الوطني، وتوحيد المغاربة حول مشروع جماعي للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز البناء الديمقراطي”. كما يسعى، فضلا عن ذلك، إلى ترسيخ “قيم التسامح والتنوع والتضامن داخل المجتمع المغربي”.

ومن جهتها ترى مونية المنصور، بأنه عندما نتحدث عن الأستاذ جمال محافظ، تقفز إلى الذهن صورة الفاعل الجمعوي والمدني، الابن البار للجمعية المغربية لتربية الشبيبة، وصورة المناضل النقابي المدافع عن حقوق العاملين، و صورة الصحافي الذي تحمل مسؤولية إدارة التحرير ومديرية الاعلام في وكالة المغرب العربي للأنباء، وصورة الباحث والكاتب، وقالت ” أن هذا ما يجعلنا أمام فاعل  بمرجعيات متنوعة ومتقاطعة وبقبعات مختلفة يوحدها حرصه على خط مسار بحثي في موضوع قريب إلى قلبه وعقله هو الإعلام، ولعل هذا هو ما ينظم مجموعة إصداراته في السنوات الخمس الأخيرة التي حاولت رصد تحولات الإعلام. 

لقاء المغرب والعالم

       ولاحظت أن كتاب ” الإعلام ومونديال 2030″ إصدار لا يخرج عن هذا الطرح، كيف لا وهو يقف عند الحالة الإعلامية للمونديال باعتباره فعلا ثقافيا خالصا انطلاقا من زاوية نظر الباحث الممارس متسائلا فيه عن رهانات الإعلام الرياضي وتحدياته، مسلحا بمقاربات ثقافية واجتماعية، وبعدة موضوعية وعلميه تأخذ المسافة اللازمة بين الباحث والإعلامي، وتنظر إلى هذا الحدث الكبير كلقاء بين المغرب والعالم، ليس بلاعبيه ولا بملاعبه أو بنياته التحتية الرياضية ولكن بعاداته وتقاليده وقيمه وسحناته ولكناته المتنوعة.

وقالت منية المنصور ” نحن  إذن أمام إصدار ضروري للقراءة في سياق موعد 2030، إصدار من 246 صفحة، من منشورات “دار التوحيدي”، وقد تم تقسيم الكتاب إلى قسمين هما:   الأول، هل تصل الصحافة إلى النهائيات، والثاني، الإعلام أفقا للتفكير معبرة عن اعتقادها الراسخ بأن الكاتب الصحافي جمال المحافظ، ” يحرض على التسلح بتربية إعلامية متينة، تعين على تملك هذا الحدث الرياضي الكبير، ليس كصحافيين فحسب، بل كجمهور ينتظر أن يسوق لصورة مغرب رياضي غني ومتسامح وكريم، في سياق رقمي تتسيد فيه الصورة بشكل سريع ومتكاثف”.

مشروع استراتيجي

     وفي أعقاب ذلك تدخل صاحب مؤلف ” الاعلام ومونديال 2030 ، واعتبر بالخصوص، أن الرهان الحقيقي الذي يواجه الإعلام المغربي في أفق تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 لا يتعلق فقط بالتغطية الإخبارية للحدث، بل يرتبط أساسا بقدرة الإعلام الوطني على أداء وظيفته التنموية والثقافية، من خلال الانخراط الواعي في مشروع استراتيجي كبير تتجاوز أبعاده الطابع الرياضي، وقال إن مونديال 2030 يمثل لحظة تاريخية لتجديد الخطاب الإعلامي وتحديث أدواته، بما يخدم إشعاع المغرب الدولي، ويعكس مكانته كبلد صاعد وفاعل على المستوى العالمي.

  سؤال الاعلام

    وأكد جمال المحافظ على أن المغرب وإن قطع أشواطا متقدمة على مستوى الاستعدادات اللوجستيكية والميدانية المرتبطة بالبنيات التحتية خاصة المركبات الرياضية والطرقية والمواصلات والسياحية، غير أن الجانب الإعلامي “يظل سؤالا مؤجلا” ما يزال في حاجة إلى مواكبة حقيقية تعكس التحولات الحاصلة وتستثمر الاهتمام الجماهيري غير المسبوق بهذه التظاهرة، وهو ما يتطلب ادراجه ضمن اللجنة التنظيمية المكلفة  بالتحضير لاستضافة كأس العالم 2030.

وفي هذا الاطار شدد المؤلف خلال هذا اللقاء الذي تميز بتدخلات وتساؤلات لفعاليات جامعية وخبراء واعلامية على ضرورة تعبئة الجسم الإعلامي بمختلف مكوناته، وتعزيز التكوين والتأطير، والانفتاح على تجارب دولية رائدة، لتفادي التشتت وبلورة أداء احترافي وموحد، إلى استثمار زخم مونديال 2030 في بناء خطاب إعلامي يكرس القيم الكونية التي ينص عليها دستور  المملكة، وفي مقدمتها الانفتاح، والتعايش، والالتزام بالتنمية المستدامة، مشددا على ضرورة اضطلاع الإعلام بأدواره في تسويق صورة إيجابية عن المغرب، وتوطيد الثقة لدى الرأي العام الوطني والدولي، وخلق التلاحم حول هذه التظاهرة الرياضية العالمية المشتركة ما بين المغرب واسبانيا والبرتغال التي تربط ما بين قارتين افريقيا.

  وصدرت لجمال المحافظ مدير إعلام سابق بوكالة المغرب العربي للأنباء وأستاذ جامعي زائر، فضلا عن “الاعلام ومونديال 2030″، عدة مؤلفات في مجال الإعلام والاتصال منها “الاعلام في زمن اللايقين “و “الصحفيون المغاربة .. الأداء النقابي في الإعلام، المسار والتحول” ( 2019)، و”حفريات صحافية.. من المجلة الحائطية إلى حائط فيس بوك” (2020)، و”العقل السياسي والعقل الصحفي” (2021) و “محمد الحيحي ذاكرة حياة” الذي صدر سنة 2024 بالاشتراك مع الفاعل الحقوقي والمدني عبد الرزاق الحنوشي.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة